وسط محاولات الأزهر الشريف للإبقاء علي مشروعه لإنشاء لجان الفتوى بمحطات مترو الأنفاق، وما أعقب ذلك من تصريحات حول الإجابة علي ما يقارب 3000 فتوى خلال الشهر الأخير، أكد المتحدث الإعلامي بهيئة مترو الأنفاق، أحمد عبد الهادي، أن البروتوكول الموقع مع الأزهر بشأن أكشاك الفتوي من المقرر أن ينتهي عقب عيد الأضحى، وأنه لن يتم التجديد في الوقت الراهن.
اعتبر الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور محي الدين عفيفي، أن هذا القرار يعارض متطلبات الشعب المصري، صاحب الحق الأصيل في الحكم علي العمل بالاستمرارية أو التوقف، مشيراً إلي أن الأرقام الصادرة مؤخراً عن المجمع بشأن ما حققته “الأكشاك” من إقبال تخطي 2850 فتوى في خلال شهرٍ واحدً، وهو ما اعتبره تأكيد على أنها لمست واقع الناس واحتياجاتهم.
وقال عفيفي في بيان صادر عن مجمع البحوث الإسلامية، “هذه اللجنة التي أنشأت تلبية لمطالب الناس شهدت تنوعا في الأسئلة من جانب الناس، منها ما يتعلق بالأحوال الشخصية كالزواج والطلاق، حيث سجل الأخير النسبة الأكبر في عدد الأسئلة الواردة إلى اللجنة بواقع 17% من الإجمالي وهو ما يجعل منه قضية مجتمعية تحتاج إلى مواجهتها، في حين جاءت الأسئلة المتعلقة بالعبادات في المرتبة الثانية بنسبة بلغت16% “.
وأوضح عفيفي أن أسئلة الناس لم تخل أيضا من المعاملات والتي جاءت في المرتبة الثالثة، بينما احتلت المواريث جزءاً مهما من هذه الأسئلة، فضلا عن استفسار بعض الناس عن عدد من الشبهات المثارة بحثاً عن الرد الأمثل والإجابة الواضحة عن تلك الشبهات .
وأعلنت شخصيات عامة وحزبية اعتراضها علي استمرار التجربة من خلال بيانات صدرت موقعة من نحو 107 شخصية في مقدمتها حزب التحالف الشعبي ومجموعة مصريون ضد التمييز الديني، واعتبروا أن البروتوكول الذي وقعته إدارة مترو الأنفاق مع مجمع البحوث الإسلامية، حول الإذاعة الداخلية والأكشاك ما هو إلا بدعة مكروهة لا يوجد لها مثيل في دول العالم.
وأشاروا إلي أن تلك التجربة تكشف عن “سطحية وضحالة فكر يُفترض فيه القدرة علي مواجهة الفكر المتطرف”.
في حين رفض مواطنون إنهاء تلك التجربة كونها ساهمت بشكل كبير في التيسير عليهم، وقال محمد شكري، محامٍ، إن وجود الأزهر بالشارع مهم، في ظل وجود عناصر تفتي دون علم علي الشاشات.
وطالب شكري، بأن تستمر التجربة دون ضغوطات وأن تعمم بسائر المحطات الرئيسية.
غير أن بعض نواب مجلس الشعب تقدم بطلب أحاطة لرئيس البرلمان، لمساءلة وزير النقل و المواصلات بشأن أكشاك الفتوى، وسعي محمد أبو حامد النائب البرلماني إلى جمع أكبر عدد من نواب البرلمان للتوقيع علي رفض الفكرة و إزالة هذه الاكشاك من محطات المترو معتبرا إياها نوعا من التمييز ودلالة علي عدم مدنية الدولة المصرية.
في الوقت الذي ذهب فيه الكاتب المصري، وحيد حامد إلى ان هذه الأكشاك بدعة ابتدعها المشايخ على عجل، وهى غير مفهومة المقاصد والأهداف، وإن زعموا غير ذلك- بحسب وصفه .
وأشار حامد في مقالة له أنه لو كان الهدف إتاحة منافذ الفتوى وتيسير أمورها، فإن مكانها لا يكون أبداً على أرصفة محطات المترو، حيث عدم صلاحية هذه الأماكن لمثل هذا الأمر، حيث إن راكب المترو دائماً على عجل سواء كان ذاهباً إلى عمله أو عائداً منه.
وتابع، مسألة «الفتوى» برمتها ليست بالمسألة العاجلة والملحة التى لو تأخرت فإن حياة أهل مصر ستفسد؟ ولو أن أصحاب هذه البدعة كانت نواياهم صادقة فى تسهيل خدمة الإفتاء فى أمور الدين لأدركوا أن المكان الطبيعى لوجود مشايخ للفتوى هو المساجد.
بدوره اعتبر عضو مجمع البحوث الإسلامية، الدكتور محمد الشحات الجندي، أن تصريحات أبو حامد بأنها غير مسؤولة، وأن نواب البرلمان هم بالأساس نواب عن الشعب، ومن ثم كان عليهم ابتداءاً أن يتوجهوا إلي محل لجان الفتوى في مترو الأنفاق ويتعرفوا على ردود أفعال الشعب على هذه التجربة.
وأضاف الجندي في تصريحات خاصة لـ”الغد” لقد أظهرت التجربة تأييداً كبيراً لدى الشارع المصري، لاسيما وقد قوبل المشروع بترحاب كبير لأنهم اعتبروه وسيلة تلاحم بين المؤسسة الدينية والجمهورعن قرب، فليس مطلوب منا أن نكتفي فقط بالمنابر و المساجد والدروس الوعظية والوسائل التقليدية.
عضو مجمع البحوث الإسلامية قال في تصريحاته لـ”الغد” إن المعترضين علي فكرة لجان الفتوى كان بوسعهم أن يقدموا البدائل، ويقوم بتقييم التجربة بشكل موضوعي وبحث السلبيات والأيجابيات وبناء على ذلك يطالبوا بوقفها أو استمرارها .
الجندي في تصريحاته، قال إن مجمع البحوث الإسلامية من خلال التقارير التي ترفع إليه، عن نوعية الأسئلة الواردة، يتعرف على احتياجات الناس و ما يشغل بالهم وأي المور تمثل أهمية لهم ، ومن ثم هو يرسم خططه الدعوية والتثقيفية في ضوء هذه البيانات، لزيادة الوعي الديني والتثقيفي لديهم وتصحيح المفاهيم المغلوطة .
وكشف عضو البحوث الإسلامية أن المجمع بعد تقييم التجربة ومعرفة إيجابياتها و سلبياتها، سيدرس تعميم الفكرة في العديد من أماكن تجمعات المواطنين، في محطات الأتوبيسات ومراكز الشباب وغيرها، وذلك لتكون أكثر قرباً وتلاحماً مع الجمهور.