أثار إعلان مصر عن أسماء الفائزين بجوائز الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، عددا من التعليقات السلبية، التي اتهمت القائمين على منح الجوائز بالمحاباة و«جبر الخواطر» بسبب تدخل العلاقات الشخصية في تقيم المنجز الإنساني للمتنافسين عليها.
وعلق الفقيه الدستوري المصري محمد نور الدين فرحات، عضو المجلس الأعلى للثقافة، عبر فيسبوك، فوز كل من أستاذ القانون ليلى تكلا، والنائب العام الأسبق المستشار عبد المجيد محمود هذا العام بجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية.
وقال فرحات، «في هذا العام اقتنصت الدكتورة ليلى تكلا الجائزة، ولا أريد أن أفيض، من السيدة العظيمة نعمات أحمد فؤاد، وهذه جوائز دولة وليست جوائز علاقات شخصية ورجاءات وجبر خواطر».
ونعمات أحمد فؤاد إحدى رائدات الحركة النسوية بمصر، تخرجت من كلية الآداب جامعة القاهرة وحصلت على الماجستير في أدب المازني، وسميت بعاشقة النيل، لتخصص رسالة الدكتوراه التي أعدتها عن «النيل في الأدب العربي» واقترن اسم نعمات أحمد فؤاد بقضايا أثارت خلالها العديد من المعارك دفاعا عن مصر وحضارتها وشعبها، من أهمها قضية هضبة الأهرام وقضية دفن النفايات الذرية وقضية الدفاع عن قبة الحسين وقضية الدفاع عن الآثار الإسلامية وقضية أبو الهول وقضية الآثار المصرية، التي استولت عليها إسرائيل في أثناء احتلالها سيناء
وأشار فرحات إلى فوز أستاذ علم سند الحديث أحمد عمر هاشم، العام الماضي، بجائزة النيل (الجائزة الأرفع) في العلوم الاجتماعية، رغم أن تخصصه في علم سند الحديث أبعد ما يكون عن هذه العلوم.
من هى ليلى تكلا؟
أعاد نشطاء ومثقفون مصريون نشر تقارير ورد بها أسم أستاذ القانون الإدارة ليلي تكلا، الفائزة بجائزة النيل فرع العلوم الاجتماعية، وفق ما أعلن وزير الثقافة المصري حلمي النمنم مساء الأحد.
وأشار المترجم المصري بشير السباعي في مقال بصحيفة أخبار الأدب 2011، أن واقعة تقاضي تكلا رشوة مقدارها مليون دولار من شركة لوكهيد الأمريكية عام 1990، لاستخدم نفوذها السياسي لتسهيل شراء 3 طائرات نقل من طراز هركوليز سي 130 التي تنتجها الشركة.
وقال السباعي، إن الواقعة ذكرها المفكر البريطاني ثيموني ميتشل في كتابه «حكم الخبراء مصر، التكنو – سياسية، الحداثة» والذي قام بترجمته.
وعلق الناشر المصري هشام قاسم على خبر فوز تكلا، قائلا «المدانة من محكمة أمريكية بالحصول على عمولات من شركة لوكهيد مارتن مقابل الوساطة مع الحكومة المصرية لشراء طائرات من إنتاج الشركة، في أثناء تعيينها في مجلس الشعب في دورة ١٩٨٧ -١٩٩٠ من اللص المدان محمد حسني مبارك، حصلت على جائزة الدولة في العلوم الاجتماعية».
ونشر قاسم الرابط الخاص بقرار الاتهام، وفي مساحة أول تعليق رابط عن الموضوع وكيف تمت التسوية من الشركة بالاعتراف برشوتها وسددت غرامة عن ارتكاب هذه الجناية، كما هي مصنفة وفقا للقانون الأمريكي.
وعادت قضية لوكهيد مارتن للأضواء مرة أخرى حينما أعلنت وزارة الثقافة عن فوز تكلا عضو لجنة تأسيس الدستور بجائزة النيل للعلوم الاجتماعية، ورفضت تكلا التعليق بحسب أصوات مصرية، التي حاولت التواصل معها أكثر من مرة.
وذكرت نيويورك تايمز عام 1995، أن شركة لوكهيد اعترفت في ذلك اليوم برشوة المشرعة المصرية في صفقة قيمتها 79 مليون دولار لبيع 3 طائرات نقل ووافقت الشركة على دفع عقوبة مالية قيمتها 24.8 مليون دولار.
وأضافت أن الشركة أقرت بالذنب في محكمة اتحادية جزئية في اتلانتا، وأشارت إلى أن العقوبة تتضمن غرامة 21.8 مليون دولار وتسوية مدنية مع الحكومة بقيمة 3 ملايين دولار.
ونقلت عن جون ديفيز رئيس القسم الجنائي في مكتب الادعاء الأمريكي حينئذ قوله إن الغرامة هي الحد الأقصى المسموح به قانونا، وتعادل العقوبة مثلي ربح لوكهيد البالغ 12.4 مليون دولار من بيع طائرات النقل من طراز هيركيوليز سي-130 .
وقال الادعاء إن لوكهيد وافقت في عام 1988 على دفع عمولة بقيمة 600 ألف دولار عن كل طائرة لشركة استشارات تمتلكها ليلى تكلا عضو البرلمان المصري حينئذ وزوجها.
وجائزة النيل هي الأعلى فى القيمة المالية (40 ألف دولار أمريكي حوالي 400 ألف جنيه مصري) بين الجوائز السنوية التي تمنحها الدولة للباحثين والمبدعين في مجالات الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية.
وقال قاسم، إن تكلا أرملة اللواء عبد الكريم درويش نائب وزير الداخلية السابق والذي شغل منصب رئيس اللجنة الأولمبية المصرية من عام 1985 حتى عام 1990 وخرج إلى المعاش عام 1996، وإن نجلها كريم عبد الكريم درويش عينه رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بمجلس النواب الحالي.
وبعدما توصل المدعون الأمريكيون إلى دليل على اتفاق سداد العمولة في 1989، قال مسؤولون في لوكهيد لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إنه لن تدفع أي عمولات، لكن الشركة وافقت في 1990 على دفع مليون دولار «رسوم إنهاء» للسيدة تكلا بدلا من دفع عمولة بعد الصفقة.
وذكرت لائحة الادعاء أن المدفوعات للسيدة تكلا كانت «بغرض حث تكلا على استخدام نفوذها لدى الحكومة المصرية لتوجيه الصفقة إلى لوكهيد المدعى عليها»، وقالت «أصوات مصرية»، إنه «سبق أن أشارت تقارير صحفية إلى هذه الوثائق الأمريكية حين رشحت د.ليلى تكلا لنيل جائزة النيل عام 2011».
ومن ضمن الفائزين هذا العام رئيس مجمع اللغة العربية بمصر فاروق شوشة والفنانة ماجدة الصباحي، بينما فاز بجوائز الدولة التقديرية القاص سعيد الكفراوي، والشاعر أحمد سويلم، والدكتور صلاح الراوي بالجائزة التقديرية في الآداب، وفاز بها في مجال الفنون الكاتب والسيناريست بشير الديك، والفنان عبد الغفور عبد الجواد، وفي مجال العلوم الاجتماعية، فاز بالجائزة التقديرية الأولى الدكتورة عبلة حنفي عثمان، وبالجائزة الثانية الدكتور مصطفى كامل السعيد، وبالجائزة الثالثة المؤرخ الدكتور إسحاق تاوضروس عبيد، أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس، وحجبت الجائزة الرابعة.
