«بطلان توقيع ممثل الحكومة على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، واستمرار السيادة المصرية على جزيرتي تيران وصنافير».. بهذه الكلمات أصدر المستشار يحيى دكروري، نائب رئيس مجلس الدولة، حكمه اليوم الثلاثاء، ليحسم بهذ الحكم الجدل الذي دار حول الاتفاقية.
الحكم فتح بابا من التساؤلات عن مصير متظاهري جمعة يوم الأرض، الذين تظاهروا ضد الاتفاقية، ومصير نشطاء مثل مالك عدلي، وهيثم محمدين، المتهمين بنشر أخبار كاذبة بأن الجزيرتين مصريتين، وهل تفرج الحكومة المصرية عن المتظاهرين في خطوة لإذابة الجليد بينها وبين عدد من النشطاء الشباب؟
ليس له تأثير
«الحكم ليس له تأثير قانوني»، عبارة قد تصدم البعض، لكنها عبارة يوضحها مختار منير، أحد محامي متظاهري يوم جمعة الأرض، الذي يشير إلى أن المتظاهرين متهمين بعدة جرائم، يأتي على رأسها جرائم التظاهر.
وأكد منير، في تصريحات خاصة للغد، أن الحكم يؤثر على اتهام واحد من قائمة الاتهامات، وهو اتهام نشر أخبار كاذبة، مضيفا أنهم مع ذلك سيسعون قانونيا بالتأكيد أن التظاهرة كانت لمشكلة اجتماعية حول قضية حدث بها لغط اجتماعي، وأن هذه الأزمة كانت تخص جميع المواطنين المصريين.
وأشار منير إلى أن الدولة كانت تتبنى صوتا واحدا فقط، وهو صوت كان مخالفا للأعراف والمبادئ والتاريخ المصري، وما تربي المصري عليه من أن هذه الجزر مصرية السيادة.
وقال إن سؤال مدى استفادة المتظاهرين هو تساءل مطروح طوال الوقت، مضيفا أن الاتهامات المسندة لهم غير حقيقية فهم مثلا لم يقموا بتعطيل المواصلات الداخلية هي من أغلقت محطة مترو السادات، وهي من أغلقت شارع عبد الخالق ثروت ومحيط نقابة الصحفيين.
وأضاف: لم يكن هناك أي إصابة لأي فرد أمن، ما ينفي تهمة الاعتداء على أفراد الشرطة كذلك.
المستفيد من الحكم
ورجح المحامي الحقوقي أن يستفيد النشطاء مالك عدلي وهيثم محمدين وزيزو عبده والصحفيان عمرو بدر ومحمود السقا من هذا القرار بشكل كبير، فهم متهمين بالتحريض ضد مؤسسات الدولة وإشاعة أخبار كاذبة، لكن اليوم ثبت أنهم لم ينشروا أي أخبار كاذبة بموجب حكم القضاء الإداري.
وأضاف منير، أنه من البداية وقبل حكم اليوم ومنذ تظاهرات 25 أبريل فإن الاتهامات باطلة فتحريات الأمن الوطني قالت إنهم حرضوا على الاعتداء على مؤسسات الدولة وحرق أقسام الشرطة، وهو ما لم يحدث.
وشدد على أن تغريدات عدلي ومقالات السقا وبدر التي اعتبروها نشر أخبار كاذبة هي اليوم وبهذا الحكم لا يمكن أن تصبح اتهاما.
صورة الحكم دليل البراءة
من جانبه، طالب أنس السيد، عضو جبهة الدفاع عن متظاهري يوم الأرض، بإخلاء سبيل كل متظاهري يوم الأرض فورا، موضحا أن الدول نفسها متمثلة في مجلس الدولة أصدرت حكمه اليوم ولا يمكن بعد هذا الحكم اتهام الشباب بنشر أخبار كاذبة.
وقال السيد، في تصريحات خاصة للغد، إن حكم اليوم هو الدليل، وإنهم سيقدمون صورة الحكم في جلسات محاكمة المتظاهرين القادمة كمستند لبراءة المقبوض عليهم.
وكان خالد علي وعدد من المحامين أقاموا دعوى قضائية تطالب ببطلان قرار رئيس الوزراء بالتوقيع على اتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية، وما ترتب عليه من تنازل عن السيادة الوطنية عن جزيرتي تيران وصنافير، واختصمت الدعوى كلا من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس مجلس النواب.
وفي 14 يونيو/ حزيران الجاري قدم المحامي خالد علي مستندات للمحكمه تؤكد أن بريطانيا عندما أرادت إجراء مناورات في الجزيرتين أرسلت للقوات المصرية للاستئذان وسمحت لها بإجراء تلك المناورات، ما يقطع باليقين أن الجزيرتين مصريتان.
وأشار علي إلى أن هناك رسالة من سفير السعودية للملك، بأن الحكومة المصرية رفعت علمها على الجزيرتين، يقول فيها «إن وجود القوات المصرية على الجزيرتين هو طمأنينة لنا ولجميع الشعوب المجاورة».
وأضاف أن قضايا الدولة لم تقدم مستندات خاصة بموقف الجزيرتين، وفي هذه الحالة طبقا للقانون يكون ما نقدمه من صور وثائق وخرائط هي من طبق الأصل، بحسب ما قاله.
وفجر مفاجأة حول رسالة السعودية، مشيرا إلى أن الملك لم يرسل الرسالة الخاصة بجزيرتي تيران وصنافير عام 1951 للحكومة المصرية، ولكن للسفير السعودي، وقال الملك في رسالته، إنه ليس مهما أن تكون الجزيرتين تابعتين لمصر أو السعودية ولكن المهم حماية الجزيرتين.
وأشار إلى أن طلب فرض الحماية والقوات على جزيرتي تيران وصنافير، لم يكن من السعودية، ولكن من مجلس الدولة نفسه، في فتوى نشرت بتاريخ 12 يناير 1950، أرسلها المستشار وحيد رأفت آنذاك.
وتابع أن بطرس غالي، الأمين العام للأمم المتحدة، أكد أن الجزيرتين مصريتان وتقعان بالإقليم المائي المصري، وأوضح أن هناك قرارا لرئيس الجمهورية سنة 1982 بشأن توقيع اتفاقيات البحار، وهو ما يفيد بأن الجزيرتين مصريتان.
وعرض خالد، رسالة دكتوراه لسنة 1979 أشرف عليها الدكتور مفيد شهاب، قدمها الباحث فكري أحمد، تؤكد هي الأخرى أن الجزر مصرية، رغم أنه أكد على وجود خلاف حول الجزيرتين بين مصر والسعودية.
وطالب قضايا الدولة بتقديم أصول تلك المستدات وانتقال هيئة المحكمة إلى هيئة المساحة ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع للاستبيان عن مصرية تلك الجزيرتين، كما طالب بوقف أي عمل من أعمال التسليم على الجزيرتين لحين الفصل في النزاع.
وكانت الأجهزة الأمنية ألقت القبض على عدد من المتظاهرين على خلفية الاحتجاجات الرافضة لاتفاقية «ترسيم الحدود» البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، والتي بموجبها تنازلت مصر عن جزيرتي «تيران وصنافير».
وتراوحت الأحكام ما بين البراءة والحبس من عامين لخمس أعوام الذي خفف على 47 منهم لدفع غرامة 100 ألف جنيه على عدد منهم، ومازال عدد آخر في انتظار الحكم عليه.