تصدرت البلدة الصغيرة “سلفيت”، الواقعة في الضفة الغربية، إلى الشمال من مدينة القدس المحتلة، عناوين الأخبار الفلسطينية والإسرائيلية على مدار الأيام الثلاثة الماضية، بعد العملية الفدائية التي وقعت قرب مستوطنة أرئيل “شمال مدينة سلفيت”.

الجيش الإسرائيلي ينسب تنفيذ العملية المزدوجة “الطعن وإطلاق النار”، قرب مستوطنة “أرئيل”، والتي أسفرت عن مقتل مستوطن وجندي إسرائيلي وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة، إلى الشاب عمر أبو ليلى (19 عاما) من قرية الزاوية بمحافظة سلفيت.

على طريقة البابجي

الفلسطينيون شبهوا العملية بأنها نفذت على طريقة اللعبة الإلكترونية الشهيرة “بابجي”، وذلك بعد أن هاجم المنفذ جنديا إسرائيليا وطعنه، وأخذ سلاحه، ثم استولى على مركبة للمستوطنين وأطلق عليهم النار ومن ثم الانسحاب من المكان.

وقال الجيش الإسرائيلي، إنه “حوالي الساعة 9:45، قام فلسطيني بمهاجمة جندي عند مفترق أرئيل، حيث خرج الفلسطيني مسلحا بسكين من محل تجاري في المستوطنة، وقام بطعن الجندي وخطف سلاحه، وقام بإطلاق النيران من السلاح صوب 3 مركبات مدنية، ولا يمكن الجزم إذا ما كان الحديث يدور عن منفذ واحد أو أكثر”.

وأضاف جيش الاحتلال، في بيانه، “قام المنفذ بالاستيلاء على سيارة للمستوطنين التي أطلق النار صوبها وسافر باتجاه مفرق جث، وهناك قام بإطلاق النار مجددا صوب المفرق ما أدى إلى إصابة جندي، ثم سافر إلى منطقة بركان، حيث يتم مطاردته وتبادل إطلاق النار معه، فيما استنفر الجيش قواته والوحدات الخاصة ووحدة الاستخبارات للمساعدة في عملية ملاحقة المنفذ واعتقاله”.

حصار مشدد

و تبلغ مساحة سلفيت “22,540” دونم، بينما عدد سكان المحافظة “75,444”نسمة حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، حولها الجيش الإسرائيلي إلى ثكنة عسكرية، وفرض عليها حصار مشدد من جانب، وأغلقت قرى الزاوية وبورقين والديك، وأقامت غرفة عمليات أمامية مشتركة لجيش الاحتلال والشاباك، ومنعت الدخول والخروج إلى البلدة.

وانتشر عشرات المستوطنين منذ 3 أيام تحت حماية جنود الاحتلال الإسرائيلي في مفترقات الطرق بمحافظة سلفيت، و نصبوا، خيمة كبيرة وبناء كرفان على دوار حارس شرق سلفيت، و سط تخوفات من حملة اعتداءات على الفلسطينيين و ممتلكاتهم.

كذلك  شن جيش الاحتلال الإسرائيلي حملة مداهمات واعتقالات طالت العشرات من السكان لاسيما منزل عائلة أبو ليلى، الليلة الماضية، واعتقلت والده وشقيقه، نور، وأقدمت على تفجير محل تجارى يعود لعائلة أبو ليلى في بلدة بديا غرب محافظة سلفيت، واستولى جيش الاحتلال على كافة كاميرات المراقبة في البلدة.

عملية فردية مميزة

قال الباحث والمختص بالشأن الإسرائيلي، عادل شديد، “هناك إقرار إسرائيلي بأن عملية سلفيت الأخيرة أربكت منظومتها الأمنية وأشعرتها بالحرج، فهي لم تتوقع أو تتنبأ بهذه العملية، لأنها فردية وليس منظمة ذات اختيار دقيق وبعيد عن أعين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية”.

وأضاف أن “هناك إجماعا فلسطينيا كبيرا على دعم هكذا عمليات تستهدف المستوطنين والجنود في الضفة الغربية المحتلة، والعملية استمرت لدقائق طويلة، قام بطعن جندي، ومن ثم الاستيلاء على سلاحه، وإطلاق النار على المستوطنين والتنقل بسيارة لمكان آخر وإطلاق النار على الجنود”.

وذكر شديد، في حديث للغد، أن بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، هو الأكثر حرجا في ظل وقوع العملية، خاصة أنها تأتي قبل 3 أسابيع من الانتخابات، و نتنياهو كان يحاول أن يروج نفسه ويرفع شعار بأنه هو رجل الأمن وسيحقق الأمن للمستوطنين”.

وأوضح أن “ما حدث في ظل التبجح الإسرائيلي بأن الفلسطينيين في الضفة سلموا بالواقع وتعايشوا مع الاستيطان، كانت عملية سلفيت ردا على ذلك وضربة موجعة لنتنياهو في التوقيت والزمان والمكان وطريقة الأداء هو ضربة لإسرائيل”.

وكان رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، أعطى أمس الإثنين، تعليمات بهدم منزل منفذ العملية، معلنا عن بناء 840 وحدة استيطانية في مستوطنة ارئيل.

الدفاع عن الحقوق

من جهته، قال الكاتب والباحث الفلسطيني، جبريل عودة، إن “عملية سلفيت الفدائية ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة, سلسلة الرد الفلسطيني ستتواصل ولن يستطيع الاحتلال التنبؤ بها أو الاستعداد لمواجهتها, فهي سلوك طبيعي في حياة شعبنا الرافض للاحتلال”.

وذكر عودة، في حديث لموقع قناة الغد، أن “ما يحدث من حصار وإغلاق لسلفيت من قبل الجيش الإسرائيلي لن ينال من عزيمة الفلسطينيين المحاصرين في البلدة”.

واعتبر عملية سلفيت تذكيراً للفلسطينيين بأولوياتهم الوطنية في مواجهة الاحتلال والاستيطان، حيث رسالة العملية الواضحة والجلية تفيد بأن المقاومة المسلحة مدخلاً أساسياً لمنظومة وطنية شاملة من أجل الدفاع عن المسجد الأقصى والتصدي للمؤامرة والمشاريع المشبوهة.

واستطر قائلا: “عملية سلفيت البطولية لها أسبابها وهي الإصرار على انتزاع الحقوق والدفاع عن المقدسات التي تتعرض لمخطط التهويد, عبر العمل المقاوم الذي يعتبر الوسيلة الأكثر إيلاماً للمحتل الإسرائيلي, والتي تجعله يعيد حساباته ولا يفوز باحتلال خالي من التكاليف الباهظة, فالاستيطان ما تضخم في الضفة المحتلة وما توسعت المستوطنات إلا بعد أن تكفل البعض بقمع المقاومة لصالح مشاريع سياسية زادت الأوضاع مأساوية, وأعطت الاحتلال فرصة ذهبية ليستفرد في القدس والضفة وفقاً لمخططاته الاستيطانية التهويدية، التي تسعى لطمس الهوية الفلسطينية وتصفية القضية الوطنية.