بعد فشل الانقلاب.. ما هي تركيا التي يريدها أردوغان؟

إن أنت نظرت إلى أفق اسطنبول.. يستحيل ألا تقع عينك على صف الأعلام التركية الحمراء التي يطل منها هلال ونجمة باللون الأبيض، وهي ترفرف فوق مبان ونصب تذكارية وجسور وسواري رايات.

ومشاعر الوطنية متأججة دائما في تركيا. لكن في أعقاب محاولة الانقلاب العسكري في يوليو/ تموز الماضي، فتح الرئيس رجب طيب أردوغان، الباب على مصراعيه أمام المشاعر الجماهيرية الوطنية لإعادة تشكيل البلاد حسب تصوره.

والسؤال هو، ما هو شكل تركيا الذي يبغيه أردوغان، وما الخطوات التي يتخذها لتحقيق رؤيته؟

ربما كانت للإجابة مضامين أبعد بكثير فيما يتعلق بدور تركيا على الساحة العالمية كعضو في حلف شمال الأطلسي، يعتبره الغرب بالغ الأهمية في الحرب على تنظيم «داعش»، والتصدي لأزمة المهاجرين.

وفي مرحلة ما أفصح أردوغان تماما عن أهدافه كما يقول دبلوماسيون ومحللون. فخلال الأشهر الثلاثة التي تلت محاولة الانقلاب أوقفت السلطات عن العمل أو فصلت 100 ألف من الموظفين والقضاة وأساتذة الجامعات وقوات الجيش والشرطة في حملة تطهير شملت بعضا من أشد أعمدة المجتمع رسوخا.

وكل من يشتبه أن له علاقة برجل الدين فتح الله جولن، المقيم بالولايات المتحدة، والذي يتهمه أردوغان بتدبير المحاولة هدف محتمل. ونفى جولن أي دور له في التآمر على الدولة وفي محاولة الانقلاب.

واعتقلت السلطات أكثر من 30 ألف شخص، وأقصت خمسة في المئة من قوة الشرطة عن العمل وأغلقت إدارات وزارية كاملة.

ويتخوف بعض الحلفاء الغربيين من شمولية زاحفة وتحول باتجاه نموذج سياسي يدور في فلك زعيم قوي وحزب مهيمن واحد يفتقر للضوابط والموازين في تركيا التي يعطيها حجمها وقوتها العسكرية وموقعها بين أوروبا والشرق الأوسط وآسيا أهمية استراتيجية كبيرة.

قال جيمس جيفري السفير الأمريكي السابق في أنقرة، والزميل في معهد واشنطن، إن أردوغان «يريد شكلا لتركيا يكون فيه هو صاحب القرار بدون قيود النظام الديمقراطي المعتاد».

وأضاف لـ«رويترز»، «هو لن يقلب الدستور ليتخلص من الديمقراطية، لكنه يريد أن يجعل المعارضة عاجزة عن تحديه وأن يمارس سلطة واضحة عليها».

لكن على العكس.. يرى مؤيدوه المخلصون، أنه زعيم للأتقياء يريد تشكيل أمة أبية مستقلة لا تخضع لإملاءات القوى الخارجية.

وينتفض الرئيس ومساعدوه لفكرة أنه ديكتاتور ويشيرون إلى انتصاراته الانتخابية.. في البداية كزعيم لحزب العدالة والتنمية الحاكم، ثم كأول رئيس يفوز في 2014 في انتخابات رئاسية عامة.

  • الفخر العثماني ..

لكن مطامح أردوغان، ستتجاوز على الأرجح مجرد استعادة السيطرة والإمساك بزمام السلطة بإحكام.

يقول محللون سياسيون ودبلوماسيون، إن الرئيس التركي البالغ من العمر 62 عاما، ربما لا تتملكه رغبة في إحياء الإمبراطورية العثمانية، لكنه يريد إحياء شعور بالعظمة يمهد لقيام تركيا تتجاوز خطاها خطى العالم وتحظى بالاحترام وربما بقدر من الرهبة بين جيرانها ونظرائها.

وفي خطبه وتعليقاته قبل محاولة الانقلاب، وبعدها أشار أردوغان مرارا للإمبراطورية العثمانية التي كانت تمتد من جنوب شرق تركيا حتى القوقاز وشمال أفريقيا والعراق.

وكثيرا ما يأسى للتنازلات التي قدمها الزعماء الأتراك بعد الحرب العالمية الأولى بتوقيع معاهدة لوزان التي تمخضت عنها تركيا الحديثة عام 1923، وكأنه يلمح إلى أن بمقدوره استعادة ماضي أمته الحافل.

قال بولنت علي رضا مدير المشروع التركي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، «ما نشهده في تركيا مرتبط برغبة تكاد تكون راسخة في استعادة تراث الإمبراطورية العثمانية التي كانت بالطبع كيانا متعدد الأعراق واللغات».

وأضاف، «في كل كلمة من كلمات أردوغان تقريبا تتردد هذه العبارات: فلتفخر بأنك تركي.. فلتفخر بأنك مسلم.. نتمتع بنفوذ في منطقتنا وما وراءها. وتعبير ‘تركيا العظمى‘ يستخدم طول الوقت تقريبا».

وفي أغسطس/ آب، وفي أجواء مفعمة بالرمزية والصخب افتتح أردوغان جسرا جديدا فوق البوسفور يربط أوروبا بآسيا. وأطلق على الجسر، وهو الثالث العابر للمضيق، اسم جسر السلطان سليم الأول الذي حكم الإمبراطورية العثمانية في القرن السادس عشر. وانطلقت على شاشات التلفزيون دعايات تحمل عبارة «يا تركيا تباهي بقوتك».

وأمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول، وفي أبرز كلمة يلقيها أردوغان منذ محاولة الانقلاب استعرض اثنين من موضوعاته المفضلة، كيف تساعد تركيا المقهورين وتقدم نموذجا يحتذى في العالم الإسلامي، وكيف أن السلطة في الأمم المتحدة تكمن في أيدي قوى محدودة.

قال، «العالم أكبر من خمسة»، مشيرا إلى الأعضاء الخمسة الدائمين بمجلس الأمن الدولي. وأضاف، «مجلس الأمن الذي لا يمثل العالم أجمع لا يمكن أن يعيد أبدا إرساء السلام والعدل في العالم».

  • «منعطف حساس» ..

منذ صعد أردوغان إلى السلطة عام 2003، كرئيس للوزراء ثم كرئيس قاد تركيا في فترة شهدت نموا اقتصاديا سريعا وزيادة في النفوذ الإقليمي.

وقد لا تكون لأردوغان مطامح تتعلق بالأراضي، لكن تركيا لها قوات في شمال سوريا وتدرب ميليشيات بالعراق، مما يزيد قلق حكومة بغداد، وتأمل أن تتحول إلى مركز طاقة إقليمي في تقاطع الطرق بين روسيا وإيران والشرق الأوسط.

قال جيفري، «إنه يسعى لممارسة نفوذ في المنطقة بتأثير اقتصاد تركيا الكبير القوي وبدعوى أنها قوة إسلامية». وأضاف، «هناك قدر من العودة للفترة العثمانية والعودة للهيمنة التركية على المنطقة. هو يريد بديلا إسلامي الطابع للغرب».

ويبدو أن هذا الاتجاه يلقى قبولا لدى الجماهير. فقد أظهر استطلاع للرأي أجري في أواخر يوليو/ تموز، بعد أسبوعين من محاولة الانقلاب، أن أردوغان يحظى بتأييد ثلثي الأتراك البالغ عددهم 78 مليون نسمة، وهي أعلى نسبة تأييد ينالها على الإطلاق.

إلا أن أردوغان في سعيه الدؤوب لأن تصبح تركيا أكثر ثقة بالنفس وربما أكثر مهابة سار أحيانا على خيط رفيع فتوترت العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي والغرب بشكل عام القلقة، مما تعتبره شمولية زاحفة.

والاقتصاد التركي الذي يبلغ حجمه 720 مليار دولار يقوم في جانب كبير منه على التجارة والاستثمار مع أوروبا. وأسبوع العمل في تركيا يمتد من الإثنين إلى الجمعة ليتزامن مع أسبوع العمل في لندن ونيويورك، وليس مع أسبوع العمل في بقية العالم الإسلامي. ومن الناحية النظرية لا تزال تركيا تخطط للانضمام للاتحاد الأوروبي وهي لاعب رئيسي في حلف شمال الأطلسي.

ومعدل النمو السنوي لتركيا في تراجع، إذ تدنى من خمسة في المئة إلى ثلاثة في المئة وهناك حاجة إلى قوة دفع جديدة لخفض معدل البطالة بين ملايين الشبان. وهذا يستدعي أن تبقى الأبواب التركية مع الغرب مفتوحة.

آندرو دوف عضو البرلمان الأوروبي السابق الذي كان نائبا لرئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، يرى أن أردوغان «متقلب تماما» فيما يتعلق بأوروبا، وأن تركيزه منصب الآن على استغلال الإسلام والقومية.

ودوف الذي تتهمه السلطات التركية بأنه «موال لجولن»، وهو اتهام ينفيه ضاحكا قال، «أخشى أن يزداد الأمر سوءا.. أنا متأكد أن هدف أردوغان هو البقاء في السلطة حتى عام 2023 على الأقل، وهو العام الذي يوافق مئوية تأسيس الجمهورية».

ولا يظن دوف أن أردوغان ولى اهتمامه صوب الشرق للأبد. لكن دول أوروبا وحلف الأطلسي والغرب تجد الآن نفسها مع شريك متقلب.

وقال علي رضا، «هل ستستمر تركيا في التطلع إلى ماضيها كأمة وفي انفتاحها على الغرب أم ستأمل في مستقبل مجيد تقترب فيه من إخوانها في الشرق.. إنها في منعطف حساس».

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]