في أول قمة لبلديهما منذ أكثر من عقد، تصافح زعيما كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، وزرعا شجرة، ووقعا تعهدا بالسعي إلى السلام في شبه الجزيرة الكورية.
كانت الرمزية القوية ليوم أمس، الجمعة، تتويجا لأكثر من 3 أشهر من الجهود التي قامت بها الكوريتان لتغيير اللهجة السياسية بعد اختبارات صاروخية وتهديدات عسكرية العام الماضي.
ما الذي قد يعنيه تغيير لغة الخطاب لاحتمالات السلام طويل الأمد في شبه الجزيرة الكورية؟ ما يزال سؤالا دون إجابة، ويقول محللون، إن رئيس كوريا الجنوبية مون جيه إن، وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، عليهما احتضان ما بدا من انخفاض في التوتر لحين تحوله إلى خطوات ملموسة.
وينظر متشككون إلى مبادرات كيم على أنها محاولة خادعة لشراء الوقت، فيما يقول البعض، إن أي اتفاق سلام حقيقي يتطلب الحديث مع الشمال.
لكن الكثير من القضايا الشائكة لا يمكن حلها بين الكوريتين، فحسب مما ترك لقائدي البلدين مساحة للتركيز على العلاقات الثنائية فيما يحاولان تهيئة الأجواء لقمة مرتقبة بين كيم، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال كيم سيونج هوان، وهو باحث كبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، «القمة لم تكن إلا أعمالا تمهيدية، تحضيرات لعقد قمة كوريا الشمالية والولايات المتحدة في المستقبل القريب، تلك هي المباراة الأساسية».
وستشكل الأسابيع المقبلة وقتا مشحونا للمسؤولين من كوريا الجنوبية.
وقد يلتقي مون مع ترامب قبل قمة الرئيس الأمريكي مع كيم، كما من المتوقع أن يلتقي رئيس كوريا الجنوبية بزعيمي اليابان والصين في قمة ثلاثية تعقد في أوائل مايو/أيار.
وقال مون تشونج إن، وهو مستشار رئيس كوريا الجنوبية الخاص للشؤون الخارجية والأمن القومي، إن مسؤولين كوريين جنوبيين سيستمرون في التنسيق الوثيق مع الأمريكيين، وسيقدم مون تفاصيل اجتماعه مع كيم لهم.
وقال «سيجمع مون المعلومات لترامب عندما يزور واشنطن في منتصف مايو/أيار، اقترحت حكومتنا خريطة طريق شاملة، وكنا نطلع الولايات المتحدة على خريطة الطريق تلك».
وفيما انتقد مراقبون إعلان قمة الجمعة المشترك بسبب قلة الخطوات المحددة فيه، قال آخرون، إن دولا أخرى مثل الولايات المتحدة والصين بحاجة للمشاركة في القرارات الخاصة بنزع السلاح النووي واتفاق السلام.
وقال أندراي أبراهاميان، وهو زميل في منتدى الهادي التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، «كان هناك مشاهد ومؤشرات مهمة يمكن البناء عليها، وأنجز الزعيمان بعض الأمور الضرورية، تركا المسألة النووية غامضة، وهو ما كان صحيحا، هيأ مون الأمر، دعونا نرى إذا ما كان بإمكان ترامب إنجازه».
علاقات الكوريتين
عزا ترامب فضل استعداد كيم المفاجئ للحوار إلى جهوده، فيما أشاد مون أيضا بدور حملة الرئيس الأمريكي لوضع «أقصى ضغط» على كوريا الشمالية بالعقوبات.
لكن أغلب التغير في لهجة الخطاب من المواجهة إلى المشاركة جاء من زعيمي الكوريتين، بدأ ذلك بخطاب العام الجديد الذي قال فيه كيم، إنه منفتح على تخفيف التوتر مع كوريا الجنوبية ومستعد لإرسال وفد للأولمبياد الشتوي الذي أقيم هناك.
وردت إدارة مون بسرعة بزيارات دبلوماسية وتبادل اتصالات مع الشمال، وكان مسؤولون من كوريا الجنوبية هم الذين نقلوا دعوة كيم لترامب للقاء وساعدوا في ترتيب زيارة مايك بومبيو، الذي كان وقتها مديرا للمخابرات المركزية الأمريكية لبيونجيانج.
وقبل أيام من قمة أمس الجمعة، قال كيم، إن كوريا الشمالية ستوقف التجارب النووية وتجارب الصواريخ طويلة المدى وتغلق موقعها الوحيد المعروف لإجراء التجارب النووية.
وقال كريستوفر جرين، وهو مستشار كبير بمجموعة الأزمات الدولية في تقرير أمس الجمعة، «النقلة إلى الحوار أصبحت ممكنة في أول مرة من خلال قرار كوريا الشمالية التواصل مع كوريا الجنوبية في بداية 2018، وانطلاقا من ذلك وبفضل دور ليس بالهين من دبلوماسية مون جيه إن الماهرة».