على مدار السنوات الماضية اتسعت دائرة المطالبين بإصلاح الدستور العراقي، حتى الرئيس العراقي نفسه برهم صالح، بات يرى أن المرحلة المقبلة بحاجة إلى ثورة تشريعات وتعديلات دستورية.
والبداية كانت في منتصف أكتوبر 2005، أي قبل نحو 16 عاما، حين تم إقرار دستور جديد في العراق، بعد موافقة 79% من المشاركين في الاستفتاء.
وجاءت تصريحات الرئيس العراقي برهم صالح لتتوافق مع مطالبة حراك 2019، بتعديلات على الدستور وإنهاء المحاصصة الطائفية، ما دفع برلمان البلاد إلى تشكيل لجنة خاصة بالتعديلات الدستورية لكنها لم تخرج بشيء.
و قبل أيام، أعلنت الرئاسة العراقية إنجاز المقترحات المتعلقة بتعديل الدستور، بمشاركة شخصيات قانونية ودستورية.
الدستور العراقي
يتكون الدستور العراقي من 144 مادة، إلا أن المادة 126 هي التي تحدد كيفية تعديل بنوده.
فوفق هذه المادة يمكن لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين، أو لخُمس أعضاء مجلس النواب، اقتراح تعديل الدستور.
لكن إقرار التعديلات الدستورية يحتاج إلى موافقة ثلثي النواب، قبل موافقة الشعب باستفتاء عام، ومصادقة رئيس الجمهورية خلال 7 أيام.
إذًا، إجراءات تبدو يسيرة التنفيذ، غير أنه يتضح مدى صعوبتها إذا ما علمنا أن جميع الدورات البرلمانية السابقة، كلفت لجانا خاصة بتعديل الدستور، لكن مقترحاتها لم تعرض على البرلمان حتى الآن.
مواد متناقضة
في السياق، أكد الدكتور علي التميمي رئيس المركز الدستوري للبحوث القانونية، أن الدستور العراقي من الدساتير التي يصعب تعديلها.
وأوضح التميمي، خلال تصريحات له مع مدار الغد، أن تشريع الدستور الحالي تم بشكل سريع خلال شهور معدودة.
وأضاف أن الدستور العراقي يتضمن عددا من المواد المتناقضة والتي يجب تعديلها لعلاج تلك الأزمة.
حقل ألغام
فيما أكد الباحث القانوني والسياسي من بغداد أمير الدعمي، أن البرلمان العراقي حاول كثيرا حلحلة أزمة تعديل الدستور.
وأوضح الدعمي، خلال تصريحات مع برنامج مدار الغد، أن دستور البلاد يجب أن يواكب متطلبات الشعب العراقي.
وشدد على أن الدستور الحالي حقل ألغام وهو سبب الأزمات التي يعاني منها الشارع العراقي.
وأشار إلى أن الكتل السياسية في العراق غير جادة في تعديل الدستور العراقي الحالي.
لصالح جماعات معينة
وأكد الكاتب والباحث السياسي من عمان رعد هاشم، أن كتابة الدستور الحالي واجهت صعوبات، حيث تم اغتيال عناصر سنية شاركت في إعداده.
وأوضح هاشم، خلال تصريحات له مع برنامج مدار الغد، أن الدستور الحالي يفيد عددا من الجماعات السياسية لذلك لا ترغب في تعديله.
وأشار إلى وجود ثغرات وبنود تأتي في مصلحة جماعات سياسية بعينها لذلك هناك غياب إرادة سياسية لتعديله.
تعديل نظام الحكم
وقبل أيام قليلة، احتفل العراق بمئوية تأسيس الدولة، لكن على مدار قرن من الزمن تقلبت أمور هذا البلد وتبدلت كثيرا، حتى بات العراق اليوم في حاجة إلى ما سماه الرئيس برهم صالح “عقد سياسي واجتماعي جديد ضامن للسلم الأهلي”.
فرغم موارد الدولة الطبيعية، وطاقاتها البشرية، وموقعها الجغرافي في قلب الشرق الأوسط، لم يجلب كل ذلك السلام الدائم والعيش الرغيد للعراق وشعبه، فما متطلبات الإصلاح الحقيقي و الجذري؟.
ومن جانبه في هذا السياق، أكد نجم القصاب، أن قانون الانتخاب الذي أجريت الانتخابات وفقا له ساعد كتلا سياسية للوصول إلى البرلمان.
وأوضح القصاب، خلال تصريحات له مع برنامج مدار الغد، أن القوى السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية ترغب في إصلاح الأخطاء التي يعاني منها العراق.
وأشار إلى أن التخاذل السياسي من قبل بعض القوى السياسية نتج عنه تشويه الحياة السياسية في العراق.
الأزمة في التطبيق
أكد الكاتب الصحفي والباحث السياسي من أربيل دولو فان – برو اري، أن الدستور العراقي تم إقراره في فترة انتقالية.
وأوضح أن العراق لا يعاني أزمات في نظام الحكم، لذلك فالبلاد ليست في حاجة لتعديل نظام الحكم، مشيرا إلى أن الأزمة في العراق ليست في الدستور الحالي لكنها في تطبيقه.
