في مفاجأة لم تكن متوقعة، وبعد أيام من رفض البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن لزيارة القدس، أعلنت الكنيسة الأرثوذكسية زيارة البابا للكنيسة هناك.
وغادر البابا اليوم الخميس لزيارة القدس، للصلاة على الأنبا إبراهام، مطران القدس والكرسي الأورشليمى، الذي توفي الأربعاء السبت المقبل.
رغم التزام الكنيسة الأرثوذكسية بمنع السفر بواسطة تأشيرة إسرائيل منذ عهد البابا الراحل شنودة الثالث، أنهى البابا “تواضروس” والوفد المرافق له إجراءات سفرهم من صالة كبار الزوار على رحلة طيران إير سينا رقم 054 والمتجهة إلى تل أبيب.
وأوضح بيان رسمي صادر عن الكنيسة، أن سبب الزيارة رغم سنوات من المنع، هو أن مطران القدس الذي توفى يأتي في المركز الثاني بعد البابا في أقدمية أعضاء المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية، ويأتي هذا تزامنا مع اعتراض الكنيسة هناك أن تقام المراسم الجنائزية في مصر.
وتعتبر هذه هي الزيارة الأولى التي يقوم بها بابا الإسكندرية منذ عام 1967، حيث لم يزر أي وفد كنسي رسمي للقدس عقب الاحتلال الإسرائيلي لها، وفقا لقرار من البابا كيرلس.
وقرر المجمع المقدس رسميا بمقاطعة زيارة القدس في 26 مارس/ آذار عام 1980 في أعقاب اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.
القرار الذي كان القشة التي قصمت ظهر العلاقة بين البابا شنودة والرئيس الأسبق أنور السادات، عندما طالب الأخير من البابا بإرسال وفود مسيحية لزيارة القدس عقب اتفاقية كامب ديفيد، لكن البابا رفض إرسال أى وفود إلى بيت المقدس، الأمر الذى أثار غضب السادات، وقرر عزله عام 1981.
ولم يختلف موقف البابا الحالي، الذي انتهج على نهج سابقيه، وأعلن منذ توليه الكرسي الباباوي، أنه لا تغير في موقف الكنيسة في ذلك الموضوع منذ عهد البابا الراحل شنودة الثالث، و”لا علاقة لنا بالكنائس التي تسمح بالسفر”.
وأكد في أبريل/ نيسان هذا العام داخل الكنيسة الأرمنية بأرمنيا، في أثناء مشاركته فى إحياء الذكرى المئوية لمذابح الأرمن على يد الأتراك العثمانيين، أنه “يتذكر ويذكر الجميع بمقولة البابا شنودة أنه لن يزور القدس إلا في صحبة شيخ الأزهر”.
وفي التاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، جدد بابا الكنيسة المصرية تمسك الكنيسة الأرثوذكسية في مصر بموقفها الرافض لزيارة القدس طالما لم تحل القضية الفلسطينية بشكل جذري، ورفض دعوة من الرئيس الفلسطيني، قائلا “نأمل أن تقود الجهود الدبلوماسية القضية الفلسطينية نحو حل جذري في القريب العاجل، وأصطحب شيخ الأزهر ونزوركم بالقدس”.
لكن الرئيس الفلسطيني، رد قائلا “زيارة القدس في كل الأحوال هي بمثابة دفعة قوية للشعب الفلسطيني، فالزيارة للسجين وليس للسجان”، ولكن الكنيسة تمسكت بموقفها.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى، فالزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وجه عشرات الدعوات إلى البابا الراحل، ومن بعده فعل أبو مازن، وكان رد الكنيسة واحدا لم يتغير.
وإن كان هذا موقف الكنيسة الرسمي، فإن بعض المسيحيين خالفوا أمر الكنيسة وذهبوا للحج وزيارة الأماكن المقدسة هناك، ولكن موقف الكنيسة منهم كان صارما، قد استلزم الأمر من بعض الذين زاروا القدس في عهد البابا الراحل، تقديم اعتذارات علنية على صفحات الجرائد المصرية.
وعقب زيارات للمسيحيين للقدس في مارس/ آذار الماضي، جدد القس بولس حليم، المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، موقف الكنيسة الثابت تجاه رفض الكنيسة زيارة الأقباط للقدس، مؤكدا أن هناك عقوبات كنسية لمن يخالف موقف الكنيسة.
وأكد “لن نزور القدس إلا مع إخوتنا المسلمين المصريين”، وهناك عقوبات كنسية لمن يخالف القرار، وتشمل حرمانا كنسيا من التناول وصوم وتدريبات روحية.