يترقب العراقيون اليوم السبت، ما ستؤول إليه المواجهة بين القوات العراقية والأكراد في محافظة كركوك بعد الإنذار الذي وجهته بغداد لإقليم كردستان بإخلاء آبار النفط فيها، في وقت دخلت واشنطن على الخط للتهدئة.
استعادت القوات العراقية الجمعة دون معارك عدة مواقع سيطرت عليها قوات البشمركة الكردية خلال هجوم تنظيم «داعش» في يونيو/ حزيران 2014.
وقال مصور «فرانس برس»، إن مدرعات القوات العراقية، وهي ترفع العلم العراقي تحتشد على ضفة نهر على أطراف مدينة كركوك، فيما تحشدت قوات البشمركة خلف سواتر ترابية وحواجز أسمنتية عليها رايات كردية على الضفة الأخرى من النهر.
وقال ضابط في الجيش العراقي رفض الكشف عن اسمه، إن «قواتنا لم تتحرك، ونحن بانتظار أوامر من قيادة القوات المسلحة».
وتقدمت الجمعة أرتال من الدبابات والقوات الحكومية، إضافة إلى قوات الحشد الشعبي إلى هذه المناطق الواقعة جنوب كركوك، واستعادت عدة مواقع، فيما انسحبت قوات البشمركة دون قتال.
وبعد أن ساءت العلاقات بين الجانبين إثر استفتاء 25 سبتمبر/ أيلول، على استقلال إقليم كردستان الذي رفضته بغداد، يؤكد رئيس الوزراء حيدر العبادي، أنه لا يريد حربا ضد الأكراد، بينما تؤكد أربيل، أن «التصعيد لن يأتي من جانبها»، وفي ذات الوقت حشد الجانبان آلاف المقاتلين في أطراف مدينة كركوك المتنازع عليها.
وأكد مصدر مقرب من العبادي، أن إلغاء نتائج استفتاء إقليم كردستان، لا زال شرطا لأي حوار مع إقليم كردستان.
وأضاف، أن «أي حوار لا بد أن يجري تحت سقف ومرجعية الدستور والمحكمة الاتحادية أصدرت حكما بعدم إجراء الاستفتاء، مما جعل إجراءه غير دستوري وبالتالي فإن نتائجه ملغاة».
وبدأ التوتر في كركوك منذ إصرار الأكراد على إجراء استفتاء الاستقلال، وبقي محافظها في منصبه رغم قرار البرلمان إقالته.
ومن أجل تفادي صدامات مسلحة، أمهلت القوات العراقية قوات البشمركة 48 ساعة للانسحاب وتسليم مواقعها للحكومة الاتحادية بنهاية مساء السبت، حسبما أكد مسؤول كردي.
بدوره، قال أحمد الأسدي المتحدث باسم ميليشيا الحشد الشعبي، إن «ما يحدث في جنوب كركوك هو وجود قوات نظامية تتحرك وفق القانون وضمن أوامر وتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة وإدارة وسيطرة قيادة العمليات المشتركة».
وأضاف، «هذه القوة مكلفة إعادة انتشار القوات على ما كانت عليه قبل 9 يونيو/ حزيران 2014».
وتابع، «لذلك لن تكون هناك أية فوضى، ولا انجرار لصراعات أو اشتباكات جانبية.. فلا داعي للقلق حيال ذلك سيتم إعادة الانتشار ويعود كل لموقعه السابق ومن يخالف القانون سيحاسب وفقا للقانون».
استغلت القوات الكردية انهيار القوات الاتحادية العراقية في 2014، خلال الهجوم الواسع لتنظيم «داعش» على جنوب وغرب العراق، لتفرض سيطرتها بشكل كامل على مدينة كركوك وحقول النفط في المحافظة، وحولت مسار الأنابيب النفطية إلى داخل إقليم كردستان، وباشرت بالتصدير بدون موافقة بغداد. كما سيطرت على مناطق أخرى في محافظات مجاورة.
ونشر الأكراد آلاف البشمركة في المنطقة حول كركوك، وتعهدوا الدفاع عنها «مهما كان الثمن».
وقبل ساعات على انتهاء المهلة التي أعطتها الحكومة الاتحادية للبشمركة منتصف ليل السبت الأحد للانسحاب إلى مواقعهم قبل 6 يونيو/ حزيران 2014، قال القيادي في البشمركة كمال الكركوكلي على الجبهة الغربية، إن المقاتلين الأكراد «أخذوا كل الاستعدادات الضرورية».
وتابع الكركوكي، «نحن جاهزون للمواجهة»، في حال كان ذلك ضروريا، مضيفا، «إذا ارتكب الجانب الآخر خطأ التقدم، سنلقنهم درسا لن ينسوه بسرعة».
ودخلت الولايات المتحدة التي تنشر قوات مع الجيش العراقي والبشمركة على خط الأزمة، في محاولة لتهدئة التوتر.
وقال وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس، إن بلاده تحاول «نزع فتيل التوتر وإمكانية المضي قدما دون أن نحيد أعيننا عن العدو»، في إشارة إلى قتال تنظيم «داعش».
والتوتر بين حكومة بغداد والأكراد، «قديم»، ويقع ضمن أولويات وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، الذي يدير الجهود لتخفيف حدتها.
وقال الوزير الأمريكي، إن القوات الأمريكية «تحاول أيضا ضمان استبعاد أي نزاع محتمل».
- تبادل لإطلاق النار
مع أن حشد القوات جنوب كركوك لم يؤد إلى صدامات حتى الآن، إلا أن حوادث أمنية اندلعت في مناطق أخرى من البلاد.
ففي طوز خرماتو التي تبعد 70 كلم عن مدينة كركوك، اندلعت اشتباكات بين عناصر من الحشد الشعبي والبشمركة.
وقال شلال عبدول قائم مقام البلدة، إن «الاشتباكات أسفرت عن إصابة عنصرين من البشمركة وثلاثة من قوات الحشد الشعبي».
وفي مدينة الحلة جنوب بغداد، فجر مسلحون مجهولون مقر شركة كورك الكردية للهواتف النقالة، ما أسفر عن أضرار مادية، فيما خطف ثلاثة من العاملين فيها لفترة وجيزة.
وكان قائد قوات البشمركة في محافظة كركوك جعفر الشيخ مصطفى، أكد، أن قواته «انسحبت من بعض المناطق التي دخلتها عام 2014»، مشيرا إلى أن «اتصالات جارية مع رئيس الوزراء لمعالجة المشكلة خلال 48 ساعة».
والجمعة وصل الرئيس العراقي فؤاد معصوم، إلى كردستان لإجراء محادثات مع مسؤولين أكراد، بحسب مصادر في الإقليم.
وأعلنت سلطات الإقليم بشكل متكرر خلال الأيام الماضية، أن قوات الحكومة المركزية تستعد للسيطرة بالقوة على حقول النفط في محافظة كركوك.
وتزود حقول النفط الثلاثة الواقعة في محافظة كركوك، الإقليم بـ250 ألف برميل يوميا، من أصل 600 ألف برميل، هي مجموع ما يصدره في اليوم.