مع بطء وتيرة التقدم الروسي في أوكرانيا تتصاعد التكهنات عن إحتمالية إعلان بوتين تعبئة عامة، فموسكو إذا ما أرادت أن تنهي هذه الحرب، فعليها على ما يبدو الدفع بأعداد أكبر من القوات، ولكن ما هي تداعيات إعلان هذه التعبئة؟.
بحسب مجلة فورين أفيرز، هذه التعبئة ستمكّن روسيا من الهجوم مرة أخرى على كييف، أو من حملة لتقسيم أوكرانيا إلى شرقية وغربية، أو من تحويل أوكرانيا إلى دولة فاشلة عبر استهداف بنيتها التحتية .
لكن المجلة اعتبرت أن إقدام بوتين على مثل هذه الخطوة، سيهدد استقرار نظامه المعتمد على عدم تدخل العامة في السياسة في مقابل توفير الازدهار وفرص تحقيق الذات أو الثراء.
ولأن بوتين إذا ما فقد رضا الروس وأضر بحياتهم المدنية، حينها ربما نشهد دورا أمريكيا في الدفع نحو انقلاب ضده.
ويدرك بوتين هذه الجزئية، لذلك يصرّ دائما على أن الحرب على أوكرانيا هي “عملية عسكرية خاصة”، وليست حربا بين دولتين.
أما المحللون فيرون أن بوتين فتحايل على إعلان التعبئة بشكل رسمي، لأنه أعلنها بالفعل من خلال عدة تشريعات.
ومنها ما أُعلن في الخامس والعشرين من مايو الجاري، وهو إلغاء (الدوما) سقف سن الخدمة العسكرية بالتعاقد، ما يسهل ضم الاختصاصيين للجيش.
وفي اليوم نفسه، تم تقديم مشروع قرار ينص صراحة على أنه يتهم بالخيانة من يشارك في عمليات عسكرية تتناقض مع مصالح روسيا.
فضلا عن أن لجان التجنيد العسكرية تمطر الروس بدعوات للتسجيل في قوائمها، بينما أرباب العمل يبحثون عن من يساعدوهم على إنجاز “العمل في زمن الحرب”.
إفريقيا.. وحرب أوكرانيا
آثار حرب أوكرانيا لم تقتصر على طرفي الحرب أو محيطهما الإقليمي فقط، ولكنها امتدت لتشمل العالم أجمع.
فإفريقيا تضررت من الحرب اقتصاديا خاصة فيما يخص، الأمن الغذائي الإفريقي، حيث تعتمد أغلب دول القارة على استيراد المواد الغذائية خاصة القمح من روسيا وأوكرانيا.
لكن هناك مخاوف من تأثر إفريقيا سياسيا بالحرب، وهو ما ظهر في الانقسام الواضح في التصويت على قرار الأمم المتحدة بإدانة العمليات الروسية ضد أوكرانيا.
ففي حين صوتت أغلب الدول الإفريقية لصالح القرار، امتنعت 17 دولة عن التصويت، بالاضافة الى دولة واحدة صوتت ضد القرار وهي إريتريا.
ويرى مراقبون أن حرب أوكرانيا سيكون لها عواقب وخيمة على إفريقيا وسط تخوفات من لجوء زعماء أفارقة لاتباع أسلوب بوتين في النزاعات، علما بأن إفريقيا بها حوالي مئة نزاع حدودي.
كما تثور تخوفات من أن نجاح بوتين في حربه ضد أوكرانيا سيؤدي إلى زيادة النفوذ الروسي في إفريقيا عبر دعم بعض القادة ونشر المرتزقة وتيسير بعض صفقات الأسلحة.
التعبئة العامة
أكد مدير معهد الدراسات السياسية الروسية وعضو مجلس الدوما سابقا من موسكو د. سيرجي ماركوف، أن استمرار روسيا في العمليات العسكرية في أوكرانيا ناجحا لحد ما.
وأوضح ماركوف، خلال تصريحات له مع برنامج “مدار الغد”، أن العملية العسكرية الروسية لم تحقق النجاح المطلوب بسبب حرص موسكو على حياة المدنيين.
وأشار إلى أن بوتين لن يلجأ إلى التعبئة العامة بسبب التداعيات السياسية على الشعب الروسي وخسائر اقتصادية.
فرض عقوبات
من نيويورك، أكدت الباحثة في الأمن القومي الأمريكي، إيرينا تسوكرمان، أن الإدارة الأمريكية لا تكره الرئيس الروسي بوتين بل بالعكس كانت هناك توجهات للتقارب قبل الحرب.
وأوضحت تسوكرمان، خلال تصريحات لها مع برنامج “مدار الغد”، أن بايدن حاول تجنب فرض عقوبات على روسيا لكنه تراجع بسبب ضغوط أوكرانيا.
وأشارت إلى أن العقوبات على روسيا وضع العالم كافة في مأزق شديد، مؤكدة أن واشنطن اضطرت إلى فرض العقوبات على روسيا.
ومن بروكسل، أكد سليم بدوي، الخبير في الشئون الأوروربية، أن إعلان بوتين التعبئة العامة بداية ضعف الآلة العسكرية الروسية.
وأوضح بدوي، خلال تصريحات له مع برنامج “مدار الغد”، أن أوروبا تدرك أن بوتين في حاجة لمزيد من الجنود لاستكمال حربه العسكرية في أوكرانيا.
وأشار إلى أن الرئيس الروسي بوتين سوف يلجأ بشكل ما إلى إعلان التعبئة العامة لاستكمال حربه في أوكرانيا.
تأثيرات سلبية
وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر من الجزائر د. زهير بوعمامة، أن التعامل الروسي مع الأزمة الأوكرانية سيؤثر سلبا على كافة النزاعات الحدودية في العالم وخاصة إفريقيا.
وأوضح بوعمامة، خلال تصريحات مع برنامج مدار الغد، أن الأزمة الأوكرانية الروسية أعادت إلى معادلة النزاعات الحل العسكري من جديد.
وأشار إلى أن تحقيق إرادة روسيا في إحراز أهدافها الكبرى يدفع الصراعات إلى المربع العسكري.
