يواجه الرئيس الجمهوري لمجلس النواب الأمريكي بول راين، معضلة حقيقية ما بين دعم مرشح حزبه للرئاسة دونالد ترامب أو سحب دعمه له، وهي معضلة تضعه أمام خيار صعب ما بين الفوز بالبيت الأبيض او الحفاظ على غالبيته النيابية.
وبول راين مكلف بصفته رئيسا للغالبية الجمهورية في مجلس النواب، الحفاظ على الانضباط في صفوف حزبه في ظل الانقسامات الشديدة التي يشهدها، وإيصال مشاريع القوانين الجمهورية إلى مكتب الرئيس.
غير أنه يجد نفسه في هذه الحملة الانتخابية في مأزق كبير ما بين ترشيح دونالد ترامب، الشخصية الخلافية، والاحتفاظ بسيطرة حزبه على الكونجرس، وطموحاته الرئاسية المحتملة للعام 2020.
وفي موقف غير مسبوق الاثنين، أكد راين لحوالى مئة نائب جمهوري أنه لن يدافع عن ترامب أو يضم جهوده إلى حملته، خشية ألا يخسر الحزب البيت الأبيض فحسب، بل كذلك الكونجرس الذي سيتم تجديده جزئيا في انتخابات 8 تشرين الثاني/نوفمبر، غير أنه لم يصل إلى حد سحب دعمه لترامب.
وبهذا القرار الملفت، يكون ريان أشار بشكل ضمني إلى أن ترشيح رجل الأعمال الثري يمكن أن يضر بحظوظ بعض المرشحين لمجلس الشيوخ أو لمجلس النواب، وخصوصا بعد نشر تسجيل فيديو الأسبوع الماضي يتباهى فيه ترامب بتعابير بذيئة بسلوك مهين حيال النساء اقرب إلى التحرش الجنسي.
يقول بول راين، إنه لا يريد إعطاء المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون «شيكا على بياض» مع كونجرس يسيطر عليه الديموقراطيون.
ويرى الخبراء في هذا الموقف ضربة سددها راين لحظوظ ترامب المتراجعة أساسا في هزم كلينتون، غير أنها لم تضعف من عزيمة المرشح الجمهوري الذي رد بهجومية معلنا أنه بات بوسعه خوض حملته كما يشاء بعدما سقطت عني القيود.
وأعلن ترامب لشبكة «فوكس نيوز» الثلاثاء «لا يهمني دعمه»، قبل أن يندد الأربعاء بـ«توافق مشؤوم» بين قادة الحزب الجمهوري.
وأعرب بعض الجمهوريين عن عدم موافقتهم على قرار بول راين، وبينهم النائب ستيف كينج الذي قال لشبكة «سي إن إن» حين يكون أداء دونالد ترامب أفضل، يكون أداء كل الذين يترشحون في أمريكا أفضل.
لكن الخبير في تاريخ الانتخابات الرئاسية ديفيد بيتروزا أوضح أن هذا ليس صحيحا بالكامل، وقال لوكالة فرانس برس، إن الوضع يبدو متقلبا جدا، لأن كل شيء يتوقف على دائرة كل من المرشحين.
ورأى أن قرار راين، الكاثوليكي المحافظ الذي أبدى صدمته حيال الكلام البذيء الصادر عن ترامب في التسجيل، لا ينبع من حسابات سياسية بقدر ما هو مسالة انسجام مع نفسه.
وكان بول راين نائبا شابا في 1999 حين دخل الكوندرس في سن الـ46 ممثلا عن ويسكونسين، وكان مولعا بالسياسة واثقا من نفسه، لا يخفي طموحاته.
وفي 2012، اختاره المرشح الجمهوري للرئاسة ميت رومني شريكا لحملته لمنصب نائب الرئيس، فبات معروفا من جميع الأميركيين، ومع هزيمة رومني أمام باراك أوباما، بات العديدون ينظرون إليه على أنه الأمل الجديد للحزب، غير أن مهمة راين الأولى تبقى الحفاظ على الغالبية الجمهورية في الكونجرس.
وخاض الجناح المحافظ من الحزب الجمهوري العديد من المعارك ضد قيادة الحزب، وأثار راين استياء عدد من أعضائه بقراره وقف الدفاع عن ترامب، المرشح الذي يعتبر مضادا للقيادات التقليدية.
كذلك أعرب مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس مارك بنس عن خيبة أمله حيال موقف ترامب، وهو بقي بجانب المرشح الرئاسي ولو أنه أصيب بصدمة عند بث تسجيل الفيديو البذيء.
وقال مايك بنس لشبكة «إن بي سي» خلال تجمع انتخابي في ولاية أيوا، «بول راين صديقي، لكنني أختلف معه بلياقة حول رؤيته للحملة».
ورأى بيتروزا، أنه سواء ترشح راين بدوره للسباق إلى البيت الأبيض مستقبلا أم لا، فسوف يواجه حربا داخلية.
وألمح ترامب إلى أنه في حال فوزه، سيخسر راين منصبه رئيسا لمجلس النواب.
لكن في حال هزيمته، فإن المعركة لتولي قيادة الحزب قد تتصاعد، في ظل الخيبة التي يبديها المحافظون المتشددون حيال قيادة يبدو لهم أنها تتجاهلهم.
وأشار بيتروزا إلى أن دونالد ترامب كان القناة التي عبرت عن غضبهم.