بيتهوفن.. كيف يبدع “أصم” أعظم الموسيقى في التاريخ؟

“يا لشدة ألمي عندما يسمع أحد بجانبي صوت ناي لا أستطيع أنا سماعه، أو يسمع آخر غناء أحد الرعاة بينما أنا لا أسمع شيئاً، كل هذا كاد يدفعني إلى اليأس، وكدت أضع حداً لحياتي اليائسة، إلا أن الفن وحده هو الذي منعني من ذلك”

هذا ما قاله بيتهوفن – الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم – بعد أن أوشك على إنهاء حياته يأسا من صممه الذي أصابه بعد أن تجاوز عمره الثلاثين، ومع ذلك صمم أن يصبح من أهم  عباقرة الموسيقى عبر التاريخ،  حتى اكتسبت اثنتان من السيمفونيات التي كتبها في فترة صممه  شعبية كبيرة، وهما السيمفونية الخامسة والتاسعة. بالإضافة إلى أنه  أحدث الكثير من التغييرات في الموسيقى.

معجزة

معجزتان صنعهما هذا الشخص الذي حرم من سماع الموسيقى لكنه أمتعنا، ما يعني أن هذا الرجل كان يستمع إلى الموسيقى بروحه.

لعبقرية بيتهوفن مفارقة مذهلة فهذا الرجل أبدع  بشكل مكثف بعدما أصبح أصمّ.

بدأ بيتهوفِن في عُمر الـ26 عام 1796 بسماع طنين حاد في أذنه أصبح صعبا عليه أن يستمع إلى الموسيقى بشكل جيد، وقد صار يتجنب المحادثات مع الناس.

أصبحت أسباب صمم  بيتهوفن غير معروفة لكن يُرجّح على أنه مرض الذئبة الحمراء، وحين شرّحوا جثته وجدوا أن أذنه الداخلية ملتهبة.

اليأس ونية في الانتحار

في عام 1801 كتب بيتهوفن لأصدقائه يصف فيها حالته ومدة تأثيرها على حياته المهنية والاجتماعية.وبناءً على نصيحة طبيبه، انتَقل بيتهوفن في عامِ 1802 للعيش في بلدة هيلنستات التي تقع على مشارف فيينا. خلال تلك الفترة أرسل رسائل لإخوته تظهر لهم نيته على الانتحار فهو موسيقي ولا يستطيع العيش بدون الاستماع لما يؤلفه ورسائل أخرى يقرر فيها أن يتعايش مع وضعه الحالي.

وبمرور الوقت تدهوَر سمعه أكثر ووصل لدرجة لا يسمع فيها شيئاً، لكنه استطاع اتمام السيمفونية التاسِعة (Op. 125) ولم يسمع منها شيئا.

النجاح

وخلال العرض الأوّل للسيمفونية  عام 1824 كل الجمهور حياه بالتصفيق مع الوقوف خمس مرات، وكانوا يلقون بقبعاتهم ومناديلهم في الهواء ويرفعون أيديهم، في محاولة للفت انتباه بيتهوفين الأصم ليرى أنهم يصفقون له. لم يتوقف بيتهوفن عن التأليف الموسيقي خلالَ فترة صممه، إنما كانَ من الصعب عليه أن يعزف في الحفلات، وقد كان ظهوره الأخير هي الأُمسية التي عَزف فيها السيمفونيّة التاسِعة التي كانَت بدورِها أول ظهورٍ لَه منذ 12 عاماً.

استمر بيتهوفن في التواصل مع الناس بالكتابة طوال العشر سنوات الأخيرة في حياته، بعض تلك المُحادثات  محفوظة في كِتاب واحد، في متحف بيتهوفِن في مدينة بون، وهُناك مجموعَة كبيرة من أجهزِة السمع التي كانَ يستَخدمها.

عيد الميلاد رقم 245

بيتهوفن موسيقي ألماني ولد في مثل هذا اليوم – 17 ديسمبر عام 1770 – وتمر الذكرى 245 لميلاده،  لحن منذ طفولته وعزف البيانو، وهو أحد الشخصيات البارزة في الحقبة الكلاسيكيّة التي تَسبق الرومانسية؛ ويعتبر من أعظَم عباقرة الموسيقى في جميع العصور وأكثرهم تأثيراً، وأبدع أعمالا موسيقيّة خالدة، كما له الفضل الأعظم في تطوير الموسيقى الكلاسيكيّة.