بيروقراطية «الثقافة» المصرية تهدد تكية نجيب محفوظ

«قريبا متحف نجيب محفوظ في القاهرة القديمة».. هكذا أعلنت الصحف المصرية والعربية، نبأ إقامة متحفا يحمل اسم أديب نوبل العالمي في المنطقة التي كان لها بالغ التأثير على نشأته وإبداعه، وذلك نقلا عن وزارتي الآثار بقيادة الدكتور ممدوح الدماطي حينها، والثقافة بقيادة الوزير الحالي الكاتب الصحفي حلمي النمنم، حين أكد قبل عام أن العمل على المتحف بدأ بالفعل في تكية أبو الدهب التاريخية، وفي ذكرى ميلاد محفوظ التي تمر علينا اليوم، لم تشهد الوكالة أي تغير أو بدء للعمل، منذ ذلك الحين في أكتوبر/تشرين الثاني من العام 2015.

23232s

 

حين أعلنت كل من وزارتي الثقافة والآثار، بدء العمل على تجهيز التكية، التي تقع داخل منطقة الأزهر في القاهرة الفاطمية، وتأهيلها لتصبح مركزا للإبداع ومتحفا للأديب العالمي نجيب محفوظ، نشرت الوزارة مجموعة من الصور لتخطيط ثلاثي الأبعاد للمتحف، مما جعل الكثيرون يتفائلون بجدية المشروع واستعداد الوزارة له.

3666

وعلى الرغم من نجاح تلك الحملة الدعائية،  إلا أن الدكتورة نيفين الكيلاني، رئيس صندوق التنمية الثقافية، قالت في تصريح لصحيفة اليوم السابع المحلية «إن الشركة المنفذة لإجراء تحويل تكية محمد أبو الذهب إلى متحف نجيب محفوظ ترفض العمل حتى يتم إخلاء التكية تماما من مكاتب وزارة الآثار، وأنه فور الانتهاء من الإخلاء سوف تبدأ الشركة المنفذة في العمل»، وهو ما تنافى مع الدعاية الإعلامية للمشروع من قبل الوزارتين قبل عام تقريبا.

محمد مندور، عضو المجلس الأعلى للثقافة والمستشار الإعلامي السابق لوزارة الثقافة، أوضح لـ«الغد» أنه لا توجد إرادة حقيقة من الوزارتين للشروع في عمل من شأنه تكريم أحد أهم رموز مصر الوطنية، وأن ما يجري على أرض الواقع، يثبت أن الأمر لم يتعد كونه تصريحات للاستهلاك الإعلامي، لكن «دون إرادة حقيقية».

ويوضح مندور، أنه كان جدير بالوزارتين أن يعقدا جلسات مشتركة لبحث العمل على المشروع وتذليل العقبات، خاصة أن المكان موجود بالفعل، وأنه كان تحت تصرف وزارة الآثار، مشيرا إلى أن الأمر ينطوي على رسالة سلبية للأجيال الشابة، وهي أن مصر لا تكرم رموزها أو تحفظ مكانتهم.

36

لم يكن إعلان النمنم عن جدية العمل على إقامة متحف لعميد الرواية العربية، من شأنه أن يعد «منارة تضاف إلى القاهرة القديمة، وصرحًا ثقافيًا كبيرًا» هو الإعلان الأول، تماما كما لم تكن الأزمة التي تشهدها تكية أبو الدهب الآن، هي الأولى، إذ يمتد الصراع بين الوزارتين الآثار والثقافة، إلى العام الذي تلى رحيل محفوظ، حيث أخفقت كل من الوزارتين في التوصل لاتفاق بشأن المكان المناسب لإقامة المتحف، وتتذرع كلاهما بإهمال وتعنت الأخرى، ومع تولي الدكتور عبد الواحد النبوي وزارة الثقافة، أثيرت الأزمة مرة أخرى، وحاول النبوي حل الأزمة، بعد معاينته للتكية التي تقع خلف الجامع الأزهر، باختيار مكان آخر وهو قصر الأمير بشتاك الذي يقع بالقرب من مسقط رأس محفوظ، وأعلن أن المتحف سوف يتم افتتاحه هناك في ديسمبر/كانون الثاني 2015، إلا أن الآثار رفضت لأن القصر يقع ضمن منطقة أثرية أخرى وهي شارع المعز ويعد أحد أكبر المتاحف التاريخية المفتوحة للجمهور دون تذاكر.

5

كما أعلنت وزارة الآثار أنها وافقت منذ العام 2009 على إنشاء المتحف في الدور الأول والثاني من التكية، وأن الثقافة هي من تاخرت عن العمل، في حين أنها قامت بترميم التكية قبل الحديث عن إقامة المتحف فيها، ووأنها خصصت الدورين الأرضى والأول لمتحف ومركز نجيب محفوظ، تقسم إلى قاعة مكتبة السيناريو، وصالون كبار الزوار، والمكتبة الرئيسية، وأيضا الإدارة، وقاعة لـأمناء المكتبة..

وذكر الموقع الإلكتروني لجريدة الأهرام شبه الرسمية، أنه أمام هذا التعنت قام الكاتب محمد سلماوي، رئيس اتحاد كلا من الكتاب المصريين والعرب الأسبق، بالدعوة لاكتتاب شعبي لإنشاء متحف لأديب نوبل، الذي جمعته به علاقة قوية، ردا على تعنت وبيروقراطية الوزارتين، وقال سلماوي في بيان ألقاه خلال حفل توقيع أحد كتبه حينها، ونقلته الأهرام «لقد مضت تسع سنوات على رحيل محفوظ وكانت هذه المدة كافية لإقامة تسعة متاحف كبرى فيما لو خلصت النية»، ووصف الخلاف الذى أدى الى رفض وزارة الآثار منح وكالة أبو الدهب للمتحف بـ«الهزلي».

2323

دعوة سلماوي لاقت استحسان العديد من المثقفين المصرين سواء من كانوا ضمن الحضور ومن بينهم مثل الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، والدكتورة منى مكرم عبيد والدكتور مصطفى حجازى والإعلامية فريدة الشوباشي، لينضم بعدها الكثيرون من أبناء الشعب المصري.

وحسب ما أعلنت «الثقافة» كثيرا فإن التكية، التي تعد ثانى أهم مجموعة أثرية تجسد روعة العصر الإسلامى بعد مجموعة الغوري، وتتميز بالجمع بين الجامع والتكية، ولا يوجد بها مئذنة أو منبر، إلا أن بها محراب للتعبد وإقامة الصلاة وحلقات الذكر، ولذلك تعد هذه التكايا من أهم التكيات في ذلك العصر، وأنها من المفترض أن «تضم متحف ومركز إبداع لنجيب محفوظ، المتحف لمقتنياته الشخصية، بينما المكتبة تحوي كل أعماله وكل ما كتب عنه بالعربية ومختلف اللغات» حسب تصريحات النمنم للصحافة المصرية حينها.

30

الأمر ينذر بضياع ميراث نجيب نحفوظ، والسطو على مقتنياته الأدبية والمادية، ففي الوقت الذي احتفت فيه الأوساط الثقافية بمئوية الأديب العالمي نجيب محفوظ، عام 2011، كانت دار سوثبي البريطانية تستعد لبيع مقتنيات أرشيف الأديب العالمي في مزاد علني.

4

وضمت هذه المقتنيات مسودات أصلية مكتوبة بخط اليد، وقصة غير مكتملة ترجع لفترة الثلاثينيات تسمى «قصة السودان»، وكتاب عن الفلسفة الإسلامية، وأصول لـ«أحلام فترة النقاهة»، تصل إلى 300 مخطوط، ومجموعة صور فوتوغرافية، ورسائل شخصية، ولولا المعركة التي خاضتها كل من وزارتي الخارجية والثقافة حينها، لما أسفر الأمر عن وقف البيع، ولكن ظلت المقتنيات في حوزة سوثبي، وكانت صحيفة الجارديان البريطانية ذكرت حينها، أن وزارة الثقافة المصرية ودار النشر بالجامعة الأمريكية، قالتا إنهما تفتقران للاعتمادات المالية اللازمة لشراء المجموعة، لذلك يمثل المتحف ضرورة حقيقية لتراث محفوظ، إلا أن البيروقراطية ما تزال قادرة على تهديد مقتنيات وتراث ورمزية أديب نوبل العالمي.

 

 

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]