بزخم كبير خاض مرشحا الرئاسةِ الفرنسيةِ حملتيهما الانتخابية، وأطلقا الوعود بمستقبل أفضل للفرنسيين.
والآن بات على الرئيس إيمانويل ماكرون الالتزامُ بتنفيذ وعوده، غيرَ أن هذه الوعود تتأثر بشكل مباشر بما يدور في المحيطين البعيد والقريب.
وليس هناك أقربُ لفرنسا من الاتحاد الأوروبي وما يعيشه من تحديات وجودية على وقع الحرب الأوكرانية، وهنا يقع على عاتق ماكرون مسؤوليةٌ كبيرة على الأقل إلى نهاية يونيو لأن فرنسا هي رئيسةُ الاتحاد الأوروبي.
فأول تحد خلقته الحرب في أوكرانيا هو القدرات الدفاعية للاتحاد، وظروفٌ كهذه توفر للرئيس الفرنسي إمكانيةَ الدفع باستقلالية أوروبا عن واشنطن في مجال الدفاع وهو الحلم الفرنسي منذ أيام شارل ديجول إلى ماكرون الذي يحلم بجيش أوروبي موحد.
أما التحدي الثاني فهو ملف الطاقة، فحرب أوكرانيا وضعت الأوروبيين أمام الحقيقة المجردة وهي حاجةُ القارةِ العجوز لموارد الطاقة الروسية، وأظهرت تسرع باريس وعددٍ من الدول الأوروبية في إغلاق المفاعلات النووية المنتجة للطاقة دون توفير بدائل.
هذا الوضع يأخذنا الى التحدي الأكبر للرئيس الفرنسي ماكرون في السنوات الـ 5 القادمة، وهو الصراع الدائر عند سور الصين العظيم بين التنين الصيني والدب الروسي من جانب والولايات المتحدة من جانب آخر في ظل عالم ما بعد جائحة كورونا والحرب الاوكرانية.
خيارات الرئيس
في هذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس، الدكتور كريستيان لوكين، إن هناك كثيرا من التحديات التي تنتظر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وذلك بعد فوزه بولاية ثانية.
وأضاف لوكين خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد” أن ماكرون فاز في هذه الانتخابات بالأغلبية وبمساندة العديد من الأحزاب السياسية، مشيرا إلى أنه رجل يعرف ما يجري على الساحة السياسية.
وأوضح أن ماكرون يعمل على دفع الدولة الفرنسية نحو الأمام، وهناك العديد من الخيارات الرئيس الفرنسي.
وتابع قائلا: “السياسة التي ينتهجها الرئيس ماكرون استقلالية وتدعم تعدد الأطراف في العلاقات الدولية لمواجهة التحديات الأوروبية”.
البديل كان فظيعًا
ومن برلين، قال الخبير في الشؤون الأوروبية، إيفالد كونيج، إن الاتحاد الأوروبي لديه العديد من الأسباب لتجعله راضيا عن فوز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لا سيما أن البديل كان فظيعا، في إشارة منه إلى المرشحة اليمينية مارين لوبان.
وأضاف كونيج أن الشعب الفرنسي منقسم، وخلال 5 سنوات قد يأتي رئيس يميني متطرف، وبالتالي فإن الخطر لا يزال موجودا بشأن الشراكة مع أوروبا.
وأوضح أن أوروبا ستواصل العمل مع فرنسا، مشيرا إلى أن الجميع أمام تحديات جسام يجب العمل عليها وأبرزها الحرب في أوكرانيا.
فوز تاريخي
بينما يرى، الدبلوماسي البريطاني السابق، السفير آرثر شنيل، أن انتصار الرئيس إيمانويل ماكرون كان فوزا تاريخيا على منافسته مرشحة “اليمين المتطرف” مارين لوبان، مشيرا إلى أن الكثير أكد هذا الأمر.
كما أكد شنيل أن ماكرون سيحاول دفع الاتحاد الأوروبي نحو الأمام خصوصا في مجالي الأمن والاقتصاد، لا سيما أنه يريد تجهيز أوروبا للتصدي للعدوان الروسي على أوكرانيا الذي وقع في الـ”24″ من فبراير الماضي.
كما أوضح شنيل أن الحرب في أوكرانيا أعادت الروح لحلف شمال الأطلسي “ناتو” مؤكدا أن الرئيس إيمانويل ماكرون قد يغير حديثه ويقول إن “الناتو” لم يصبح ميتا دماغيا كما صرح بذلك في وقت سابق”.
وأُعيد انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسا لفرنسا لولاية ثانية بعدما تغلب على منافسته من اليمين المتطرف مارين لوبن.
وبحسب نتائج أولية، حصد ماكرون على 58,2 % من الأصوات متقدما على مرشحة التجمع الوطني التي حصلت على 41,8%، فيما بلغت نسبة الامتناع عن التصويت نحو 28 %.
وأقرت مرشحة اليمين المتطرف الفرنسية مارين لوبان بهزيمتها في الانتخابات الرئاسية أمام ماكرون، مؤكدة أن المعركة لم تنته بعد.
