بين الترقب والقلق.. إفلاس بنك «سيليكون فالي» هل ينذر بأزمة عالمية؟

تترقب الأوساط المالية والمصرفية والاقتصادية العالمية مع بدء الأسبوع الجديد للتداول في البورصات الغربية، غداً الإثنين، تداعيات الإعلان عن إفلاس مصرف “سيليكون فالي” الأمريكي، ومدى انعكاس ذلك على المصارف حول العالم والأسواق المالية، واحتمالية تكرار أزمة مالية كالتي وقعت في 2008 وعاني منها العالم لفترة طويلة.

كانت السلطات الأمريكية قد أغلقت، الجمعة، “سيليكون فالي بنك” وفرضت عليه رقابتها حتى إعادة فتحه الاثنين باسم جديد، إثر عجزه عن تلبية عمليات السحب الهائلة لعملائها.

ويعد هذا أكبر إفلاس مصرفي أمريكي منذ الأزمة المالية للعام 2008 وثاني أكبر فشل لبنك للتجزئة في الولايات المتحدة، والذي تسبب في قلق الزبائن وتساؤلات حول العواقب وموجة ذعر في الأسواق العالمية وتساؤلات في الأسواق عن عواقب هذه الأمر.

 

كيف حدث الانهيار؟

جاء انهيار “سيليكون فالي” الأربعاء الماضي، مع إعلان المصرف عن بيع مجموعة من الأوراق المالية بالخسارة إلى جانب بيع نحو 2.25 مليار دولار من الأسهم الجديدة لدعم ميزانيته العمومية، ما أثار حالة من الذعر بين المودعين الذين بدأوا بحسب أموالهم، وحاول المستثمرون والمودعون إجراء عمليات سحب حجمها 42 مليار دولار، ما أدى إلى عجز المصرف عن تلبية عمليات السحب الهائلة التي قام بها عملاؤه لأموالهم، كما لم تنجح محاولاته لزيادة رأس المال بسرعة.

بدأت قصة انهيار بنك سيليون فالي عندما اكتشف عملاء البنك أن المصرف لم يعد قادرا على تلبية عمليات السحب الهائلة التي قاموا بها لأموالهم، ما اضطر السلطات الأمريكية إلى إغلاق مصرف سيليكون فالي بنك المقرب من أوساط التكنولوجيا، والذي وجد نفسه فجأة في حالة تعثر.

وكان “سيليكون فالي” قد تصدر عناوين الصحف خلال النصف الثاني من الأسبوع بسبب انخفاض سعر سهمه، علاوة على ذلك، تطلبت المؤسسة المالية تدفق رأس المال من أجل النجاة من الإفلاس، لكنها لم تنجح في ذلك.

وأوكلت السلطات الأمريكية إدارة الودائع بالبنك، المقرب من أوساط التكنولوجيا، إلى المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع في الولايات المتحدة (FDIC)، أعقبها استدعاء وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، المسؤولين عن الهيئات المنظمة لقطاع المال لبحث الوضع، ورغم إعرابها عن كامل ثقتها في قدرة تلك الهيئات على اتخاذ تدابير مناسبة، إلا أنها قالت بعدها: “عندما تتعرض البنوك لخسائر مالية، فإن الأمر يجب أن يكون مصدر قلق”.

وتعتزم المؤسسة الفيدرالية تأمين الودائع لإعادة فتح فروع بنك “سيليكون فالي”، البالغ عددها 17 والتي تتخذ من كاليفورنيا وماساتشوستس مقرا، والسماح للعملاء بسحب ما يصل إلى 250 ألف دولار على المدى القصير، وهو المبلغ الذي عادة ما تضمنه المؤسسة.

خسائر حول العالم

وبسرعة، وصلت تداعيات تلك “الأزمة المصرفية” إلى بنوك أخرى، إذ خسرت أكبر أربعة مصارف أمريكية ـ بحسب مصادر اقتصادية متخصصة ـ  52 مليار دولار في البورصات، وأعقبتها المصارف الآسيوية ثم الأوروبية حول العالم، حيث خسرت بنوك “سوسييتيه جنرال” 4.49 % و”بي إن بي باريبا” 3.82 % و”كريدي أجريكول” 2.48 %.

كما خسر “دويتشه بنك” الألماني 7.35 % و”باركليز” البريطاني 4.09 % و”يو بي إس” السويسري 4.53 %، كذلك هبطت أسهم بنوك “إتش.إس.بي.سي” و”باركليز” و”أوني كريديت” و”كومرتس بنك” بما بين 2.6 بالمائة و7.4 بالمائة.

ومن المرتقب أن تعلن ذراع “سلكيون فالي” في المملكة المتحدة عن تعسرها، بعد أن توقفت عن التعامل ولم تعد تستقبل عملاء جددا، أمس السبت أرسل قادة قرابة 200 شركة تكنولوجية خطاباً لوزير المالية، جيريمي هانت، يطالبونه بالتدخل، والذي حذر من أن شركات التكنولوجيا في المملكة معرضة “لخطر جسيم” من انهيار الذراع البريطانية لبنك سيليكون فالي.

وأجرى رئيس الحكومة البريطانية، ريشي سوناك، وهانت محادثات طارئة مع محافظ “بنك إنجلترا”، أندرو بيلي، في نهاية هذا الأسبوع، إلا أن بنك إنجلترا نفى، الأحد، وجود أي مخاطر منهجية على النظام المالي بالبلاد، ولكن هناك خطر جسيم على التكنولوجيا، إذ أن وجود سيلكون فالي محدود في بريطانيا، ولا يؤدي وظيفة مهمة للنظام المالي، إلا أن انهياره قد يكون له تأثير كبير على الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا.

وكان بنك إنجلترا قد أعلن الجمعة أن بنك “سيليكون فالي” في المملكة على وشك الإفلاس.

ولدى المصرف فروع في الصين والدنمارك والهند وإسرائيل والسويد وكندا أيضاً، ويحذر المؤسسون من أن تعثر البنك يمكن أن يقضي على الشركات الناشئة في جميع أنحاء العالم دون تدخل الحكومة.

 

تداعيات الانهيار 

وحول تأثير انهيار بنك سيليكون فالي على باقي البنوك الأمريكية، يقول الدكتور محمد حيدر الباحث في الشأن الاقتصادي في لندن لـ «الغد»: إن سيلكون فالي يعد من أكبر البنوك في الولايات المتحدة الأمريكية، ويحتل المرتبة السادسة عشرة بين البنوك الأمريكية من ناحية حجم الودائع. 

أضاف حيدر إن سقوط هذا البنك ووضعه تحيت يد الرقابة المالية الفيدرالية يعد أمرا مقلقا جدا، للمودعين بالدرجة الأولى، وكذلك للمستثمرين في هذا البنك.

واشار إلى تباين الآراء حول تداعيات انهيار البنك، حيث يرى البعض أنه لا يوجد خوف على البنوك الأخرى التي تتمتع باستقرار أوضاعها وملاءتها المالية، بينما يرى البعض الآخر إمكانية حدوث تأثير على بعض البنوك وعملائها والصناديق الاستثمارية التي تستثمر أموالها في بنك سيليكون فالي.

 

مصير الودائع

لم يكن “سيليكون فالي” معروفا لدى قاعدة واسعة من المواطنين، إذ تخصص في تمويل الشركات الناشئة وأصبح البنك الأمريكي السادس عشر في حجم الأصول. وفي نهاية 2022، كانت لديه أصول بقيمة 209 مليارات دولار وودائع تبلغ 175,4 مليارا.

ويعد إفلاسه هو ثاني أكبر فشل لبنك للتجزئة في الولايات المتحدة منذ 2008، بعد إفلاس مصرف “واشنطن ميوتشوال” في ذات العام.

وحاول عدد من عملاء المصرف التواصل لمعرفة كيفية استرداد أموالهم، إلا أن الوكالة الأمريكية لضمان الودائع على قامت بلصق ورقة على مدخل المصرف جاء بها أنه اعتبارا من غدٍ الاثنين، يمكن سحب مبلغ يصل إلى 250 ألف دولار لكل مودع، وهو الأمر الذي لم يلق قبولا لدى عملاء “سيليكون فالي”.

ولا توجد معلومات حتى الآن عن طريقة تعامل البنك مع الودائع الأكبر، كما لم يعلق المصرف على الإغلاق، أو على مبلغ رأس المال المحتفظ به في البنك.

قلق وارتباك

وشهد القطاع المصرفي حول العالم بأكمله حالة من القلق خلال الأيام القليلة الماضية بعد إفلاس “سيليكون فالي”، وتسبب انهياره، في 10 مارس/ آذار، في حدوث موجات من الصدمة عبر صناعة العملات المشفرة، مما ترك العديد من المستثمرين قلقين بشأن تعرض اللاعبين الرئيسيين لأزمات، مثل شركة سيركل Circle، مُصدر العملة المستقرة الشهيرة USDC، خاصة أن “سيركل” كانت قد أودعت 3.3 مليار دولار في المصرف المفلس ولا يمكن سحبها حاليا.

ولا تضمن الوكالة ودائع تتجاوز قيمتها 250 ألف دولار لكل عميل في كل مصرف.

وتسود حالة من القلق بين مؤسسي الشركات الناشئة بشأن تمكنهم من الاستمرار في دفع رواتب الموظفين بعد إفلاس المصرف.

كذلك هناك مخاوف من تدفق المودعين لسحب أموالهم من البنوك الصغيرة، ما قد يؤدي إلى إفلاس بنوك صغيرة أخرى.

 

البورصة في مهب الريح

وتأثرت مؤشرات البورصة بأزمة “سيليكون فالي” وسط مخاوف من امتداد مشكلة سحب الودائع لبنوك أخرى لذلك تم تصفية البنك وإغلاقه.

ويعد “سيليكون فالي” من أهم البنوك التي تقرض الشركات في مراحلها الأولي ولنصف شركات التكنولوجيا، وأدى غلق البنك إلى هزة في القطاع المصرفي على السوق خاصة التكنولوجيا.

وأغلقت مؤشرات الأسهم الرئيسية في وول ستريت، الجمعة، منخفضة في تعاملات وسط موجة بيع مع قلق المستثمرين بشأن أوضاع البنوك الأمريكية.

وأغلق مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” منخفضا 56.64 نقطة، أو 1.45%، عند 3861.78 نقطة، بينما انخفض 4.55% في أسبوع في أكبر خسائر أسبوعية منذ سبتمبر 2022.

وخسر المؤشر “ناسداك المجمع” 199.20 نقطة، أو 1.76%، ليغلق عند 11139.16 نقطة، في حين بلغت الخسائر الأسبوعية 4.71% في أعلى وتيرة خسارة منذ أكتوبر 2022.

وتراجع المؤشر “داو جونز الصناعي” 342.20 نقطة، أو 1.06% إلى 31912.66 نقطة، وسجلت الخسائر الأسبوعية 4.43% بأعلى وتيرة خسارة منذ يونيو 2022.

 

هل يصمد النظام المصرفي العالمي؟

ويثر إفلاس “سيليكون فالي” المخاوف من تكرار الأزمة المالية التي وقعت في 2008، فهو الإفلاس الأول من قرابة 15 عاما، والذي قد يخلق أزمة كبيرة في “صناعة التمويل” الأمريكية.

وتطرح تلك الأزمة تساؤلات عديدة، خاصة في ظل ترجيح عدد كبير من المحللين بأن السبب الرئيسي في انهيار المصرف كان سياسة التشديد النقدي التي اتبعها “الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي” ورفع أسعار الفائدة، والتساؤل الرئيسي هو هل تطيح استمرار تلك السياسية من “الفيدرالي الأمريكي” ببنوك عالمية أخرى؟

ويشير إفلاس المصرف الأمريكي إلى كم الضغوط الذي تسببت بها سياسة التشديد النقدي ورفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم.

ويعتبر إفلاس “سيليكون فالي” أحد أكبر حالات فشل البنوك في الولايات المتحدة منذ إفلاس بنك “واشنطن ميوتشوال” (وامو).

وأعاد انهيار البنك للأذهان ما حدث مع “بنك ليمان براذرذ” في عام 2008، وتسبب في أزمة اقتصادية عالمية طاحنة يقول الخبراء إن العالم ما زال يعاني منها حتى الآن.

ويأتي فشل الصرف بعد وقت قصير من إعلان التصفية من قبل “بنك سيلفرجيت”، المؤسسة المالية صديقة العملات المشفرة، والذي أعلن أنه بصدد إنهاء عملياته.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]