بين «التسريح والتوقيف».. المرشح السجين عقبة الانتخابات الرئاسية في تونس
الخريطة السياسية في تونس مهددة بالتجميد، بدءا من الانتخابات الرئاسية ويعقبها الانتخابات التشريعية.. وبينما تتأهب الأحزاب والقوى السياسية للانتخابات البرلمانية، تقف الانتخابات الرئاسية عقبة وعقدة أشد تعقيدا وغموضا أمام السلطات التونسية التي تواجه لأول مرة مأزقا دستوريا وقانونيا بسبب المرشح السجين، رجل الأعمال نبيل القروي، وبعد أن رفض القضاء للمرة الرابعة طلب الإفراج عنه دون مبرر «عدلي» بحسب فقهاء القانون الدستوري، ودون مبرر سياسي وخضوعا لضغوطات قوى نافذة، كما يرى مؤيدو القروي وفريق الدفاع عنه وحملته الانتخابية.
نبيل القروي «لم يرم المنديل بعد»
يرى أمين عام الحزب الجمهوري عصام الشابي، أنه رغم كل الضغوطات التي مورست، المعلن منها والخفي، بدءا بتلميحات رئيس الجمهورية المؤقت، وانتهاء بتصريحات سفير الاتحاد الأوروبي، مرورا بدعوات حمل السلاح لتحريره التي أطلقها توفيق بن بريك، جاء قرار دائرة الاتهام برفض مطلب الإفراج عن المرشح نبيل القروي ليؤكد أنه توجد في تونس سلطة قضائية قادرة على النظر في الملفات دون الخضوع لهذا الكم الهائل من الضغوطات.. ويضيف : إن نبيل القروي «لم يرم المنديل بعد»، وسيهدد بالطعن في شرعية الانتخابات، وسيتجه أكثر لطلب النجدة من جهات وهيئات دولية لدعمه في مسعاه، ومع ذلك ستبقى الكلمة الاخيرة للناخب التونسي الذي حرر صندوق الاقتراع.
- وأصبح التساؤل الحائر: تسريح القروي اختصاص من؟! والمشهد «الغامض والأشد تعقيدا» يهدد الانتخابات الرئاسية بين التجميد والإلغاء والإعادة !!
تضارب بين الشفافية ومبدأ تكافؤ الفرص واستقلالية القضاء
فقهاء القانون في تونس، يؤكدون أن «حالة القروي» تكشف عن خطأ ومازق قانوني بـ «عدم تكافؤ الفرص بين المرشحين الاثنين للانتخابات الرئاسيّة»، مما جعل الوضعيّة غير عاديّة.. وأوضح أستاذ القانون العام، د. محمّد صالح بن عيسى، أنّ عدم تكافؤ الفرص بين المترشحين الإثنين الانتخابات الرئاسيّة السابقة لأوانها في دورها الثاني (قيس سعيد ونبيل القروي) جعل الوضعيّة غير عاديّة بالنظر إلى وجود تضارب بين ضرورة تحقيق شفافيّة العمليّة الانتخابية وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين المترشحين من جهة واستقلالية القضاء من جهة أخرى.
ترقب إلغاء الانتخابات الرئاسيّة لعدم توفّر شروط القانون الانتخابي
ووفقا لقواعد القانون وحيثيات الدستور التونسي، فإن النتيجة المرتقية ـ بحسب أستاذ القانون العام ـ فانّ إمكانيّة إلغاء الدور الثاني للانتخابات الرئاسيّة، واردة وتكون بصفة مسبقة من قبل الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات لعدم توفّر الشروط المنصوص عليها بالقانون الانتخابي، وبعد تقدّم من له مصلحة بطعون في مسألة الانتخابات الرئاسية، والكلمة الأخيرة بخصوص هذه المسألة بيد هيئة الانتخابات التي بإمكانها اتخاذ قرار إبطال الانتخابات لعدم تكافؤ الفرص، أحد الشروط المنصوص عليها بالقانون الإنتخابي، ولوجود خروقات جسيمة أثرت بصفة حاسمة على العمليّة الإنتخابية، وعملية الطعن في النتائج النهائيّة للإنتخابات الرئاسيّة قد حصرها القانون الانتخابي لسنة 2014 في المترشّحين للدور الأوّل بما يعني أنّ عملية الطعن ليست متاحة لأي كان على غرار الناخبين.
الإخلال بمبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص
ويواصل الفقيه القانوني د. بن عيسى، توضيحاته للمشهد الانتخابي الراهن، قائلا: إنّ القضاء اتخذ موقفه ورفض كلّ المطالب المقدّمة للإفراج عن القروي، وإن التفقدية العامة بوزارة العدل قد أقرّت بسلامة الإجراءات التي تمّ إتباعها، لكنّ وجود مترشّح في السجن وآخر طليق ويقوم بحملته الانتخابية ويتنقّل بين المنابر الإعلامية، رغم انّ الخطأ ليس خطأه، قد أخلّ بمبدأ الشفافيّة.. مبيّنا أنّ خروج القروي من السجن سيضع حدّا لمسألة عدم تكافؤ الفرص رغم أن المسألة قابلة للنقاش لعدم تمتعه بالمساحة الإعلامية التي خصّصت لبقية المترشّحين.
- إمكانية إعادة إجراء الانتخابات الرئاسية وإلغاء نتائجها سيطرح إشكالا آخر يتمثّل أساسا في خرق الآجال الدستورية التي تم تحديدها لانتخاب رئيسا للجمهورية في صورة الوفاة والمتمثّلة في 90 يوما.
«القروي».. حديث الشارع التونسي
المرشح السجين.. أصبح محورا يستقطب الشارع التونسي الذي يترقب ويتابع ويرصد ما يدور بين ساحة القضاء وفقهاء القانون والمثقفين وبين الشارع السياسي بصفة العموم.. ويحتل «القروي» أيضا صدارة الاتصالات والمشاورات بين القوى السياسية والحزبية..وكشفت مصادر تونسية حزبية، أن رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، وخلال تواجده في باريس، في الفترة من 20 إلى 22 سبتمبر/ أيلول الماضي، سعى لملاقاة كل من رجل الاعمال طارق بن عمار الذي يعتبر من داعمي المرشح للانتخابات الرئاسية نبيل القروي، وكذلك حافظ قائد السبسي، رئيس حزب نداء تونس، بهدف إيجاد أرضية تفاهم وتجاوز الخلافات السابقة استعدادا للانتخابات التشريعية المقرّرة يوم 6 اكتوبر/ تشرين الأول، إلا أن كل من بن عمار وقائد السبسي رفضا لقاءه.. وبينما أكد المدير التنفيذي لحركة نداء تونس خالد شوكات، على تطلع الحركة الى الافراج عن نبيل القروي المترشح للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، والقابع بالسجن على ذمة القضاء منذ 23 أغسطس / آب 2019..وجدد شوكات الدعوة الى تجميع ما أسماها بـ « العائلة الوسطية الكبرى» التي تؤمن بمقومات الحداثة ومنجزات الدولة الوطنية.
«قلب تونس».. في الصدارة التشريعية
ومن جهة أخرى.. يتصدر حزب نبيل القروي (قلب تونس)، توقعات استطلاعات الرأي، بأن يحتل المركز الأول في الانتخابات التشريعية، ودون أن يحقق الأغلبية مما يفرض عليه، إقامة تحالفات هشة مع الأحزاب الموصوفة بـ «الديمقراطية» أو «الوسطية» فضلا عمن سيكتب له الفوز ببعض المقاعد من بين خصوم النهضة التقليديين، لكن هذه التحالفات لن تكون استراتيجية بالنظر إلى الخلافات القائمة بين الحزب الأول والأحزاب التي يطمع في دعمها.