بين موسكو وكييف.. تركيا تلعب في «ملعبين»
ترصد الدوائر السياسية مواقف تركيا تجاه الحرب في أوكرانيا، والتي توصف بـ «ازدواجية سياسية»، حيث تحافظ على العلاقات المشتركة بين روسيا وأوكرانيا، وبينما تزود أنقرة أوكرانيا بالسلاح، تتحرك على مسار مواز لتحقيق مكاسب من الغاز الروسي، من خلال شراء الغاز الروسي وإعادة بيعه بلا شهادة منشأ للمشترين الأوروبيين. وتعمل في نفس الوقت على لعب دور الوسيط الحيادي بين كييف وموسكو.
المتاجرة بالغاز الروسي
وعلى مسار المصلحة والمكاسب التركية «أولا»، تسعى أنقرة لأن تصبح «مركز الغاز الجديد»، وأحد العوامل المهمة في لجوء المركز التركي إلى موردي غاز مختلفين هو أن تعدد المصادر يجعل الغاز في تركيا بلا هوية، ما سيمكن المشتري، وهو أوروبي في المقام الأول، من القول إنه لم يشتر الغاز الروسي، إنما اشترى غازا من المركز التركي.
أردوغان يجيد «لعبة الخيارات»
ويرى محللون في الغرب، أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، هو «سيد الخيارات»، وبمعنى أنه يجيد لعبة الخيارات بما يحقق مصالح بلاده، وهو ما يبدو واضحا من علاقات تركيا المتوازية بين روسيا وأوكرانيا، وعلى خطين لا يتقاطعان.. ورغم «العلاقة الجيدة» مع روسيا، تشير صحيفة «كوميرسانت» الروسية، إلى أن تركيا بدأت تسليم ذخائر عنقودية، من تصميم الولايات المتحدة إلى أوكرانيا.
وساطة لموسكو وكييف
وذكرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، أن تركيا بدأت تسليم ذخائر عنقودية، من تصميم الولايات المتحدة إلى أوكرانيا، لكن أنقرة لم تؤكد هذه المعلومات. وذكرت موسكو أيضًا، بحسب صحيفة «كوميرسانت»، أنها تراقب الوضع، لكن كان من الصعب التحقق من صحة المعلومات المنشورة. وفي الوقت نفسه، تواصل تركيا تقديم خدمات الوساطة لكل من موسكو وكييف. وكانت إحدى المبادرات الأخيرة ـ مثلا ـ فكرة تنظيم ممرات إنسانية لنقل الجرحى من منطقة القتال في أوكرانيا.. فضلا عن ممر تصدير القمح الأوكراتي والروسي.
تركيا «تلعب في ملعبين»
ويرى الأستاذ المساعد في معهد دراسات آسيا وإفريقيا بجامعة موسكو الحكومية، بافيل شليكوف، أن تركيا تواصل خدمة مصالحها الوطنية في الصراع الروسي الأوكراني، وهي صريحة تمامًا في ذلك.
- وهذا يعني، من ناحية، أنها تعمل بنشاط على تطوير العلاقات مع روسيا.
- ومن ناحية أخرى، تواصل دعم أوكرانيا.
وفي حقيقة الأمر، فإن مصلحة تركيا وراء تحركها، وأن «تلعب في ملعبين». وهو ما أشار إليه الخبير الروسي، موضحا أن تركيا أصبحت تجاريا في المرتبة الثانية بعد الصين بين الشركاء التجاريين لروسيا (مع حجم تجارة يقدر بـ 70 مليار دولار، الرقم تقريبي بسبب نقص الإحصاءات الرسمية). ومع زيادة التجارة، ستستفيد جميع قطاعات الاقتصاد التركي من تعزيز العلاقات مع روسيا.
بناء مكانة «لاعب دولي»
وبات واضحا أن تركيا تتمسك بموقف مؤيد للغرب بشأن الأزمة الأوكرانية، لكن هذا لا يتعارض مع اتصالاتها مع موسكو، التي ترتبط بها في العديد من القضايا، وليس اقتصاديًا فحسب، إنما وسياسيًا أيضًا.
- ونظرًا لسياستها الخارجية غير العادية مع جميع اللاعبين- مع روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليونان وأوكرانيا ودول الشرق الأوسط- تبني أنقرة إمكانات لاكتساب مكانة لاعب دولي على مستوى أعلى مما تسمح به مواردها الفعلية.. بل إنها تمكنت من التغلب على القيود الهيكلية للعضوية في مختلف المنظمات الدولية.
