تجديد الخطاب الديني «مصر.. محمد عبده: إرضاء الله بالجهل آفة المسلمين»

كتب – مصطفي عبادةالأهرام العربي.

كفى بالإمام محمد عبده، أنه أول من فتح الطريق للتجديد، وأطلق علين الماء التى جرى ماؤها بعد ذلك كثيرا فياضا، ولو ترك الأمر كما قدر له، ما أصبحنا على تلك الحال، التى نعيد فيها ونذكر بمقولات الإمام، ولو ترك الأمر لى، لاكتفيت بجزء من حوار الإمام محمد عبده، مع الشيخ محمد البحيرى، عضو إدارة الأزهر، حول مناهج التعليم الأزهرية، حيث سأل الإمام محمد عبده من حال التعليم، فقال الشيخ البحيرى: إننا نعلمهم كما تعلمنا، فقال محمد عبده، وهذا هو الذى أخاف منه، لكن الشيخ البحيرى رد: ألم تتعلم أنت فى الأزهر وقد بلغت ما بلغت من مراقى العلم، وصرت فيه العلم الفرد؟ فرد محمد عبده: إن كان لى حظ من العلم الصحيح الذى تذكر فإننى لم أحصله إلا بعد أن مكثت عشر سنين أكنس دماغى، مما علق فيه من وساخة الأزهر، وهو حتى الآن لم يبلغ ما أريده من النظافة.

لو كان الأمر بيدى، لقلت إن مشروع محمد عبده للنهضة والإصلاح يتلخص فى فقرة واحدة تقول: إن الأمة التىليس لها فى شئونها حل ولا عقد، ولا تستشار فى مصالحها، ولا أثر لإرادتها فى منافعها العمومية، وإنما هى خاضعة لحاكم واحد إرادته قانون ومشيئتهن نظام، فتعتورها السعادة والشقاء، فتلك أمة تثبت على حال واحد، ولا ينضبط لها سير، ويتداولها الفقر والغنى ويتبادل عليها العلم والجهل، ويتناوبها العز والذل، وكل ما يعرض لها تابع لحال الحاكم، وكل الصفات تنطبق دون إفصاح من محمد عبده على مفهوم الخلافة الذى يتخفى تحت عصمة مزعومة.

أهم أفكار الإمام محمد عبده، ظهرت فى كتاب «رسالة التوحيد»، وفى تفسيره لأجزاء من القرآن الكريم، ومجموعة دراسات نشرت فى جريدة المنار عام 1901، عن الدين الإسلامى، والدين المسيحى وعلاقتهما بالعلوم والحضارة الحديثة، وكانت القضية الفكرية الرئيسية للإمام محمد عبده هى قضية ضعف العالم الإسلامى وانحلاله من الداخل كما هو حادث الآن بالضبط، وحاجته للإصلاح، كان يعتقد أن رجال الأزهر لم يقوموا بواجبهم، كما ينبغى لإيقاظ العالم من سباته العميق، حيث كتب فى جريدة الأهرام يقول: إن رجال الدين الإسلامى فشلوا فى إدراك فائدة العلوم الحديثة، وشغلوا أنفسهم بموضوعات لم تعد تناسب العصر الحديث، ويجب علينا نحن المسلمين دراسة الأديان الأخرى، ودراسة التاريخ وحضارة الدول الأجنبية المتقدمة لمعرفة سر تقدمها، لأنه ليس هناك سبب آخر لثراء هذه الدول وقوتها، سوى تقدمها فى العلوم والإدارة والتنظيم والتعليم، لذلك فواجبنا الأول هو العمل على نشر هذه العلوم بكل الوسائل.

رفض الإمام محمد عبده إغلاق باب الاجتهاد، وكأنه كما قال زكى نجيب محمود فى يوم من الأيام الرتاج الذى سجن العقل العربى وراءه، كان الإمام يرفض فكرة أن باب الاجتهاد مغلق، وأن علينا التقيد بفتاوى الإجماع، وكان يعتقد أن من حق كيل جيل العودة إلى مصادر الإسلام الأولى القرآن الكريم، والسنة الصحيحة، وفهمهما فى ضوء ظروف العصر الذى نعيش فيه، لأن كل عصر، وكل جيل لديه مشاكله الخاصة به، فخبرات وتجارب وعلوم ومشاكل كل جيل تختلف عن مثيلاتها فى الأجيال والأزمان السابقة، وبدون استخدام العقل والمنطق يصبح من السهل التغرير بالمسلمين وخداعهم وقيادتهم فى الاتجاه الخاطئ، وكتب الإمام مرة، إنه لو تعرض العرف مع العقل، فإننا نكون أمام أمرين، إما أن نأخذ ونسلم بصحة العرف، ونعترف بعجزنا فى فهم معناه ونترك الأمر لله، أو نقوم بإعادة تفسير العرف والنقل بما يتفق مع العقل والمنطق، وهذا أصلح وأجدى للمسلمين.

لو كان الأمر بيدى، وأنا أعيد التذكير بما نادى به الإمام محمد عبده، لنقلت أسئلته الحارقة فى كتابه «رسالة التوحيد» كما ه ى، وهى تصلح برنامج عمل لتخليص الإسلام من ركام تفاهات الإسلامى السياسى بإخوانه وسلفييه وتكفيرييه وجهادييه، وكل الأعشاب الضارة التى سممت الأمة العربية والإسلامية، يسأل الإمام محمد عبده: إذا كان الإسلام إنما جاء لدعوة المختلفين إلى الاتفاق، فما بال الملة الإسلامية قد مزقتها المشارب، وفرقت بين طوائفها المذاهب؟

إذا كان الإسلام موحدا فما بال المسلمين عددوا؟ وإذا كان موليا وجه العبد وجهه الذى خلق السموات والأرض، فما بال جمهورهم يولون وجوههم من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، ولا يستطيع من دون الله خيرا ولا شرا، وكادوا يعدون ذلك فصلا من فصول التوحيد؟

ما بالهم وقد كانوا رسل المحبة أصبحوا اليوم وهم يتنسمونها ولا يجدونها، ما بالهم بعد أن كانوا قدوة فى الجلد والعمل، أصبحوا مثلا فى القعود والكسل؟

إذا كان الإسلام يدعو إلى البصيرة فيه، فما بال قراء القرآن لا يقرأونه إلا تغنيا، ورجال العلم بالدين لا يعرفه أغلبهم إلا تظنيا؟

إذا كان الإسلام منح العقل والإرادة شرف الاستقلال، فما بالهم شدوهما إلى أغلال أى أغلال؟

إذا كان الإسلام يحظر الغيلة ويحرم الخديعة، ويوعد على الغش بأن الغاش ليس من أهله، فما بالهم يحتالون حتى على الله وشرعه وأوليائه؟

إذا كان الإسلام يعد من أركانه حفظ العهود والصدق والوفاء، فما بالهم قد فاض بينهم الغدر والكذب و الزور والافتراء؟

فى إجابة هذه الأسئلة، وقد أجاب عنها وعن غيرها الإمام محمد عبده، برنامج كامل موجود منذ أكثر من مائة عام، و أهم ما فيه رأى الإمام فى الخلافة، وهو ضدها، وينزع عنها كل قداسة، ويقول إنها ليست أصلا من أصول الدين، وهو يوضح ذلك فى كتاب «الإسلام بين العلم والمدنية»، حيث يقول: الخليفة عند المسلمين ليس بالمعصوم، ولا هو مهبط الوحى، ولا من حقه الاستئثار بتفسير الكتاب والسنة، وهو على ذلك لا يخصه الدين فى فهم الكتاب والعلم بالأحكام بمزية، ولا يرتفع به إلى منزلة ، بل هو وسائر طلاب الفهم سواء، إنما يتفاضلون بصفاء العقل، وكثرة الإصابة فى الحكم، ثم هو مطاع مادام على المحجة ونهج الكتاب والسنة، والمسلمون له بالمرصاد، فإذا انحرف عن النهج أقاموه عليه.

فالأمة أو نائب الأمة هو الذى ينصبه، والأمة هى صاحبة الحق فى السيطرة عليه، وهى التى تخلعه متى رأت ذلك من مصلحتها فو حاكم مدنى من كل الوجوه.

ثم هو يفصل بين الحكم المدنى القائم على الاختيار الحر، لا الجبر والإكراه، وحق الناس فى خلع الحاكم متى رأوا ذلك من مصلحتهم، وبين الحكم الثيوقراطى الذى اتسمت به الكنيسة فى أوروبا، لأن الحاكم فى الإسلام لا يتكلم عن الله، ولا يعنينا من تدينه شىء، ولو كان حافظا للقرآن مقيما للعبادات، فهذا أمره لنفسه، وإنما يعنينا منه ما يقيم حياتنا وييسرها، ويعدها لتكون صالحة للإنتاج والاستمتاع بالحياة.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]