للمرة الأولى ومنذ إقرار الرئاسة الدولية لمجلس الاتحاد الأوروبي، تسلمت فرنسا الرئاسة حاملة شعار “التحليق والقوة والشراكة”.
وخلال خطابه أمام البرلمان الأوروبي قدم الرئيس إيمانويل ماكرون رؤيته لأوروبا.
ولأن المهمة لن تكون سهلة أبدا في ظل المتغيرات على الساحة الدولية، فقد دعا ماكرون أصدقاؤه الأوروبيين إلى التحلي “بالجرأة” حتى يتخلى الاتحاد عن اعتماده على قوى أخرى وفرض نفسه كقوة مستقبلية.
كما اعتبر ماكرون أن ذلك لن يتحقق إلا بتأسيس (نظام جديد) للأمن والاستقرار يستدعي عملية تسلح استراتيجية ومحادثات صريحة مع روسيا. وخلال الـ 6 أشهر وهي مدة ولاية فرنسا، يريد ماكرون إعادة صياغة عقود من السياسات الأوروبية ما عرّضه لموجة من الانتقادات بسبب التناقضات.
ويرى مراقبون أن رؤية ماكرون ينقصها الاتصال بالواقع الذي لم تعد فيه أوروبا أولوية لواشنطن والتي حولت اهتمامها إلى الصين وأوكرانيا.
أولويات ماكرون
ومن باريس، قال إيمانويل ديبويه، رئيس معهد الدراسات الأمنية والمستقبلية في أوروبا، إن فرنسا تسلمت رئاسة الاتحاد الأوروبي متسلحة بقوتها لفرض سياسات استراتيجية أوروبية.
وأضاف ديبويه خلال مشاركته في برنامج (مدار الغد) أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يأمل إحراز تقدما ملموسا في سياسة الدفاع المشترك، بالإضافة إلى تحديد البوصلة القارة الأوروبية، مؤكدا أن باريس يهمها القيام ببناء بنية تحتية لجعل أوروبا قوية.
ويرى ديبويه أن هناك العديد من (الخطوط الحمراء) التي تواجه ماكرون على الصعيد الخارجي.
وعن الانتخابات الرئاسية في فرنسا، قال ديبويه إن هناك انتقادات لاذعة لإيمانويل ماكرون لكنه سيرشح نفسه للانتخابات المقبلة، رغم أنه لا يولي أي اهتمام بالأمور الداخلية.
الواقع وطموح ماكرون
ومن برلين ، قالت نجاة عبد الحق الباحثة في السياسات الأوروبية والشؤون الاقتصادية، إن ماكرون طموح للغاية، وخطابه أمام الاتحاد الأوروبي كان رنانا للغاية لكن الوضع على أرض الواقع ليس سهلا.
وأضافت الباحثة أن التحديات كبيرة أمام ماكرون لا سيما وان فرنسا مقبلة على انتخابات رئاسية وبرلمانية في مارس/ آذار المقبل، موضحة أن هناك خطط أوروبية لتكوين (جيش موحد) وعل الأغلب لن تطبق خلال فترة رئاسة فرنسا.
كما أوضحت أن الانتخابات الفرنسية ورقة رابحة لماكرون ولكن على المستوى الأوروبي فمن غير المتوقع إحداث إنجازات كبيرة فيما يخص الرئاسة الفرنسية لرئاسة الاتحاد الأوروبي.
واستكملت:” فرنسا قادرة على التحرك داخل الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بمواجهة التغير المناخي، ولكن لا أعتقد انه بالضروري أن يكون نجاحات على مستويات أخرى، كإصلاح آليات الديون ومكافحة الهجرة غير الشرعية”.
خسارة ثقة الولايات المتحدة
ومن واشنطن، قال إيلي جولد، رئيس معهد جولد للاستراتيجيات الدولية، إن ماكرون خسر ثقته في الولايات المتحدة الأمريكية، موضحا أن إدارة بايدن لديها اهتمامات أخرى غير أوروبا.
وأضاف إيلي جولد أن أوروبا لم تعد أولوية لواشنطن لذا أعتقد أن ماكرون قلق.
كما أوضح جولد أن ماكرون يريد أن يبتعد عن الولايات المتحدة حتى يخلق استقلالية، لكن الأزمة أنه يبتعد عن واشنطن ويلجأ لبلد أخرى في إشارة لروسيا العدو اللدود لأمريكا.
كما أشار جولد إلى أن ماكرون لن ستطيع أن يجعل أوروبا متنوعة في علاقاتها الخارجية، خاصة وان العلاقات الأوروبية مع روسيا وإيران غير مستقرة، والتاريخ أثبت ذلك.
وأعلن ماكرون أن فرنسا ستنظم قمة أوروبية أفريقية في شباط /فبراير، هدفها إعادة بناء الشراكة بين القارتين.
وجاءت هذه الدعوة في الكلمة التي استعرض فيها أمام النواب الأوروبيين بستراسبورغ أولويات بلاده بمناسبة رئاستها للاتحاد الأوروبي خلال الستة أشهر الأولى من 2022، وتحدث فيها عن الديمقراطية، البيئة والسلم في القارة العجوز.
