معضلات داخلية وخارجية لا تزال أمام حركة طالبان المسيطرة على الحكم في أفغانستان منذ أغسطس/آب الماضي، ما يجعل استقرار الحركة أمرا مستبعدا على المدى البعيد، وفق مراقبين.
من هذه المعضلات، غياب الاعتراف الدولي بالحكومة الأفغانية، اعتراضا على سياسة طالبان في الحكم والتي توصف بالمتشددة، في حين اكتفت دول بوجود قائم بالأعمال.
كما تعاني الحركة انقسامات داخلية حادة، فبعض المجموعات تم إقصاؤها من المشاركة في الحكم، مع وجود قادة عسكريين يفتقرون إلى وجود قاعدة شعبية.
علما بأن طالبان تنقسم حاليا لثلاث مجموعات على الأقل، الأولى ممثلة في فريق مفاوضات السلام، والثانية ممثلة في الجناح العسكري بقيادة مولوي يعقوب، والثالثة، ممثلة في جناح شبكة حقاني.
إضافة إلى ذلك، أعلنت 6 مجموعات مسلحة محاربة طالبان، أبرزها جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية، وجبهة تحرير أفغانستان. لكن التحدي الأكبر يتمثل في عودة نشاط تنظيم داعش بولاية خراسان في مناطق عدة، حيث يسعى التنظيم لأن يكون بديلًا لحركة طالبان.
وبخصوص الحريات وتحديدا ما يتعلق بالمرأة، فتراجع طالبان في مارس الماضي عن فتح مدارس ثانوية للفتيات، يثير حفيظة المراقبين لسلوك الحركة.
وبالتالي، فقد انعكس كل ما سبق على الوضع الاقتصادي، بعدما جمد البنك الدولي 4 مشروعات بقيمة 600 مليون دولار، فضلا عن وقف مساعدات مالية أجنبية كانت تغطي أكثر من 70% من النفقات الحكومية،
الأمر الذي دفع الأمين العام للأمم المتحدة إلى دعوة المجتمع الدولي لتقديم مساعدات للبلد الذي يتعرض اقتصاده لما سماها بدوامة الموت.
وتؤكد المنظمات الدولية أن أفغانستان ستواجه أزمة جوع وسوء تغذية تهدد 90% من السكان، بينما تعرض أكثر من مليون طفل لخطر الموت، إذا لم يتم التدخل سريعا لانتشال هذا البلد من أزماته.
من جانبه، قال الكاتب والباحث في العلاقات الدولية حسين عمر، إن اعتراف أوروبا بحكومة طالبان هو أمر صعب المنال في الفترة الحالية خصوصا مع الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، فلا توجد جهة الآن تدعو للاعتراف بحركة طالبان، خصوصا وأنها لم تقدم للعالم أي وجه حضاري يساعد على اعتراف الآخرين بها.
وتابع، أن التداخل بين طالبان وداعش في أفغانستان هو أحد الأسباب التي أبعدت طالبان عن الاعتراف الدولي، كون أن عقيدة طالبان لا تختلف بشكل كبير عن داعش، وقد تبين للعالم والمجتمع الدولي أن طالبان لا يمكن أن تكون شريكة ولا يكون لها كرسي في الأمم المتحدة.
بدوره، قال الكاتب والسياسي الأفغاني فهيم سادات، “إن طالبان تواجه العديد من التحديات على أصعدة عدة، أولها مشكلة الاعتراف بها داخليا و خارجيا، والتحدي الثاني هو التدهور الاقتصادي وتراجع القطاع الخاص، أما ثالثا فهو التحدي الأمني حيث تواجه طالبان على جبهة داعش التي بدأت فصلا جديدا من العنف أكثر دموية، والجبهة الأخرى يقودها عسكريون سابقون”.
وتابع، يبدو في الوقت الحالي أن تنظيم داعش يعيد تشكيل وتعزيز قدراته ليفتح فصلا جديا للعنف أكثر دموية، فضلا عن وجود ملامح انقسام في صفوف طالبان وشبكة حقاني، وكلا منهما يتنازع على السلطة.
أما الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سكوت أولينجر، قال إن العلاقة بين أمريكا وطالبان غير مستقرة، بعد استيلاء طالبان على الحكم.
وتابع، أعتقد ربما تكون هناك مسؤولية أخلاقية من قبل أمريكا تجاه أفغانستان، لكن الواقع الحالي يؤكد أن الأمريكيين يركزون على بلدهم .
وأضاف أن أمريكا منخرطة في حرب أوكرانيا، ومن ثم فإن أزمة أفغانستان في مكانة منخفضة في أولويات أمريكا.
