تساؤل تطرحه الدوائر الاقتصادية في الرباط، بشأن قطاع اقتصادي يعرف في المغرب بـ”اقتصاد الفرس”، وهو مسمى جديد في قطاعات اقتصاديات الدول العربية، ويتمثل في الأنشطة المرتبطة باستعمال الخيول في الأشغال الفلاحية، والنقل والترفيه، والرياضة، والمواسم، والسياحة، والتغذية، والصناعة التقليدية، والطب، والتربية والتكوين، والبحث البيطري، والأمن، والتراث، والطاقة، والتسويق الدولي لصورة المغرب في الخارج والمحافظة على الهوية الوطنية.
ويشتمل القطاع على 160.000 من الخيول، و520.000 من البغال، ويساهم في خلق مناصب شغل مباشرة وغير مباشرة تقدر بـ11.500 منصب، ويحقق رقم معاملات للألعاب الفروسية فقط بما يناهز 1.5 مليار درهم، مساهما بهذا بما نسبته 0.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، أي ما يعادل 4.7 في المائة من الناتج الداخلي الفلاحي. وقد بلغت حصة مساهمة هذا القطاع في الناتج الداخلي الخام نحو 4.7 مليارات درهم سنة 2009.
وبشير متخصصون إلى الأهمية المستقبلية التي يكمن أن يلعبها اقتصاد الفرس داخل الاقتصاد الوطني المغربي، وإلى ضرورة مواجهة التحديات والتراجعات في مردود “اقتصاد الفرس” ورفع المشاكل التي يعيشها، والتي يمكن تحديدها في: التناقص المتنامي لحجم القطيع؛ والذي ينخفض سنة عن سنة، وإذا تواصل هذا الانخفاض وبهذه الوتيرة فقد سيصل حجم القطيع، حسب بعض التقديرات، إلى 15000 رأس فقط في أفق 2020.
والتصدير العشوائي والسري غير المنظم وغير المراقب لبعض أصناف القطيع.. وسيادة الأشكال غير العلمية وغير “المهيكلة” لتربية بعض أصناف الفرس، مع العجز الحاصل في مجالات التوعية والتحسيس بأهمية هذا الاقتصاد.. وضعف البحث الاقتصادي في مجال الفرس .. وتراجع دور المؤسسات البنكية في الاستثمار في مجالات المرتبطة باقتصاد الفرس، وغياب رؤية موحدة للاستثمار الأمثل لكافة مؤهلات اقتصاد الفرس.
ويقول الباحث الإقتصادي المغربي، دكتور إدريس الكوري، الأستاذ بجامعة محمد الخامس، إن التحديات تتعلق بثلاثة جوانب من إشكالية تطوير اقتصاد الفرس، وهي الجانب المعرفي الضروري لبناء السياسة العمومية المستقبلية على أسس علمية دقيقة ومتينة.. والجانب السياسي المتعلق بالاختيارات الكبرى بشأن المكانة المستقبلية لهذا القطاع.. والجانب بالإستراتيجي اللصيق بإدراج القطاع ضمن الأهداف المرتبطة بالإشعاع الخارجي وبمساهمته في إغناء التراث الحضاري العالمي، ودوره المستقبلي في تقوية الجاذبية العالمية للاقتصاد الوطني وفي الرفع من تنافسية وتقوية الصورة الدولية للمغرب.
وحتى لا ينها “اقصاد الفرس” يؤكد الباحث على ضرورة تطوير الأبحاث والدراسات في مجالات اقتصاد الفرس.. وإحداث ماستر “دراسات عليا” داخل إحدى الجامعات المغربية متخصص في اقتصاد الفرس.. والقيام ببحث ميداني وطني حول الأنشطة والمهن المرتبطة باقتصاد الفرس بجميع مكوناتها.. وإيلاء الاهتمام اللازم لاستعمالات الخيول مع رسم آفاق لمسلك تربيته.. حتى يمكن الرفع من حصة مساهمة هذا القطاع في الناتج الداخلي الخام ورفعه من 4.7 مليارات درهم سنة 2009 إلى 7 مليارات درهم سنة 2020.
ويؤكد اقتصاديون، على أهمية فطاع “اقتصاد الفرس” في وقت يبحث فيه المغرب عن ميزات مقارنة، وميزات تنافسية، مما يتعين وضع سياسة تستثمر الحصان المغربي الأصيل كلبنة مستقبلية لتقوية الصورة الإشعاعية الدولية للمغرب. كما يتوجب تطوير شراكات مع بلدان تتوفر على ميزات مقارنة عالية في هذا المجال.
