تداعيات الأزمة السياسية في تونس.. الدولة مهددة والعيش المشترك في خطر

شارفت أزمة التعديل الوزاري على بلوغ الشهرين ومازال الوضع  في تونس على حاله وسط تمسك كل طرف بموقفه.. وهي أزمة بات حلها محلّ شدّ وجذب بين جميع الأطراف ومع احتدام الصراع الذي وصل إلى حدّ القطيعة بين الرئاسات الثلاثة «الجمهورية والبرلمان والحكومة».

التعطيل مصير كل المبادرات

ازداد الوضع تعقيدا ليكون الفشل أو التعطيل مصير كل المبادرات التي تطرح في المشهد لإنهاء الأزمة وقد مرت أكثر من 3 أشهر دون أن يعقد أي لقاء ثنائي بين رئيس الجمهورية قيس سعيد، ورئيس الحكومة هشام المشيشي، ووفق آخر المعطيات، بحسب الباحثة التونسية دنيا حفصة، لن يحصل أي لقاء مرتقب بينهما في ظلّ تمسك رئيس الجمهورية بعدم التراجع عن موقفه الرافض للتعديل الوزاري، والأكثر من ذلك اشتراط استقالة رئيس الحكومة، الأمر الذي يرفضه بشدة  هشام المشيشي.

ورئيس مجلس الشعب «زعيم حركة النهضة الإخوانية» راشد الغنوشي بدوره لا يرى مبررا لتغيير الحكومة الحالية، وان البلاد تحتاج الى استقرار سياسي لبدء إصلاحات اقتصادية عاجلة، مؤيدا مقترحا بإجراء حوار اقتصادي وسياسي يشمل الدستور، وقال في حوار مع وكالة رويترز إن «الآلة الدستورية تعطلت في قرطاج بسبب امتناع الرئيس عن القيام بواجبه بقبول أداء اليمين للوزراء المقترحين..وتهم الفساد تهم خطيرة وينبغي أن يفصل فيها القضاء وحده..وقد تصرف الرئيس وكأنه «محكمة تعقيب» تنقض ما أقره البرلمان..لا يمكن أن يكون قاضيا ورئيسا».

غياب أية بوادر للانفراج القريب

وهكذا.. مازالت الأزمة السياسية متواصلة وسط غياب أية بوادر للانفراج القريب، وفي المقابل يواصل كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان أعمالهم ولقاءاتهم بصفة عادية وكأنه لا توجد أزمة أو تعطل في سير مؤسسات الدولة، فالحكومة تعمل بـ 8 وزراء بالنيابة بعد الإعفاءات التي قام بها المشيشي منذ أسابيع وهو يتولى رئاسة الحكومة وتسيير شؤون وزارة الداخلية.

وبالرغم من دعوة العديد إلى ضرورة تقديم التنازلات حفاظا على المصلحة الوطنية، إلا أن التشدد في التمسك بالموقف هو ما نلاحظه، حتى أن المبادرات التي طرحت لم تلق طريقا إلى التفعيل على أرض الواقع، لاسيما مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل، مبادرة «الحوار الوطني».

 

 الأزمة السياسية باقية وتشتدّ     

ويرى مراقبون ومحللون في تونس، أن رئيس الجمهورية لا يعارض مبادرة الحوار الوطني ولكنه يخاف من فشله باعتبار أن الحوار سيكون تحت إشرافه، وقبل اتخاذ أية خطوة فإنه يحرص جيدا على التعمق بشكل دقيق في دراسة كل الجوانب حتى أنه رفض المبادرة التي كان قد تقدم بها راشد الغنوشي والتي مرّ عليها أكثر من شهر، فرئيس الجمهورية رفض ما طرحه الغنوشي في الرسالة التي وجهها اليه بطلب عقد لقاء ثلاثي بينه وبين رئيس الحكومة والبرلمان، للبحث عن حلّ وتسوية الأزمة.

الأزمة السياسية باقية وتشتد مع تواصل تعطل اللقاءات الرسمية بين الرؤساء الثلاثة.

الدولة مهددة والعيش المشترك في خطر

أزمة التعديل الوزاري تغلق أسبوعها السادس، والدولة مهددة والعيش المشترك في خطر، بحسب تعبير المحلل السياسي التونسي، زياد كريشان، ومع استضعاف الدولة وابتزازها من كل قبائل تونس ورضوخ الغالبية الساحقة ممن تولوا أمر هذه البلاد إلى جميع المطلبيات المعقول منها والمغالي «المشط» اعتقادا منهم أن هذه هي وحدها الطريق السالكة للبقاء في الحكم..ولكن النتيجة الحتمية كانت مزيدا من ضعف الدولة، وفقدانها للتخطيط، واستشراف المستقبل، وعملها على الآني السياسي واخراجها الآجل الاستراتيجي من دائرة الفكر والعمل في آن.

من هذا المنطلق تكون أزمة التعديل الوزاري العبثية عارضا من عوارض الأزمة وعنصرا معمقا لها في نفس الوقت.

 

القفز إلى الخراب

وفي تجسيده للواقع الراهن في تونس، يرى  الكاتب والمحلل السياسي التونسي، حسان العيادي، ان تونس دولة باتت مهددة في وجودها، اذ هي طريحة تتنازع حولها القبائل والطوائف كل يريدها لنفسه ولعشيرته، تنتقل فيها وظيفة الدولة من خدمة وتنظيم المجتمع الى حماية مصالح شبكات وافراد، وهنا يغفل الجميع عن أن العودة بنا الى «حرب الكل ضد الكل» لا فقط يعمق ازماتنا السياسية والاقتصادية بل يشرع الابواب للتناحر والتمرد على هذا الكائن المسمى «دولة».

والتمرد على الطبقة السياسية التي دفعتنا الى هذا الخراب الذي طال كل شيء.خراب محركه الأول تناحر مؤسسات السلطة التنفيذية، رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة .اضافة الى البرلمان وأغلبيته الحاكمة،  واستعمال من في الحكم للدولة واجهزتها في صراعات سياسية تجعل من الانتصار في معركة ـ لا خير تحمله للتونسيين ولا هي من أولوياتهم ـ أهم ومقدما على كل شيء وتبرر من أجله الانحرافات الخطيرة.

 

 

هواجس توريث الخراب للقادمين

ويرى «العيادي»، أنه تبرير أخطر ما فيه هو التطبيع مع سلوك يهدم الدولة والعقد الذي يربط بين مؤسساتها ومواطنيها..أخطر ما في الأمر هو التطبيع مع ما يحدث وتسويقه على انه «فعل سياسي»، ولم تعد الخشية والهاجس يتعلقان بحجم التكلفة الاقتصادية والاجتماعية التي سنتحملها نتيجة الأزمات المتلاحقة، بل الخشية من ان لا تنتهى الأزمة بين مؤسسات الحكم إلا بتوريث الخراب للقادمين.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]