بعد سنوات شهد فيها لبنان، توافقا سياسية هشا، وانقسامات حادة، تحت تأثير الصراعات الإقليمية والنزاعات العربية.. يختار اللبنانيون، غدا الأحد، ممثليهم فى البرلمان للمرة الأولى منذ نحو ١٠ سنوات،وفق قانون جديد يقوم على النظام النسبى، وبعدما كان بإمكان الناخبين، وفق «قانون الأكثرىة» السابق، اختيار مرشحين من لوائح عدة أو منفردين، بات الأمر يقتصرعلى لوائح مغلقة محددة مسبقاً، تشير إلى غياب التحالفات التقليدية التى طبعت الساحة السياسية منذ عام ٢٠٠٥ ( بين فريقى ٨ آذار الذى يعد حزب الله أبرز أركانه، و١٤ آذار بقيادة رئيس تيار المستقبل ورئيس الحكومة الحالية سعد الحريرى)، لأن النظام الانتخابى الجديد دفع اللاعبين الأساسيين لدراسة تشكيل تفاهمات سياسية جديدة تعتمد فى الأساس على المصالح وليس الرؤى السياسية.
تحريك الركود السياسي في لبنان
- ومن الملاحظ أن الانتخابات البرلمانية، التي تجرى بعد تمديد البرلمان الحالى لثلاث مرات منذ عام ٢٠١٣ ، أنها حركت الركود السياسى فى لبنان ودفعت الفرقاء السياسيين الى الخروج من دوائر الأمان باتجاه التحاور مع الخصوم ضماناً لمصالحهم خاصة مع القانون الجديد، واعتماد نظام النسبية، مما دفع لغياب التحالفات التقليدية، إلا أن التوقعات تشير إلى بقاء القوى السياسية التقليدية تحت قبة البرلمان مع تغيير على الأرجح فى ميزان القوى لصالح حزب الله وحلفائه للمرة الأولى منذ ٢٠٠٥، تاريخ خروج الجيش السورى من لبنان.
وإذا كان الموقف من سوريا طغى على انتخابات العامين ٢٠٠٥ و٢٠٠٩، إذ انقسم اللبنانيون بين فريق مناهض لنظام الرئيس بشار الأسد يتشكل خصوصا من مؤيدين لرئيس الحكومة سعد الحريرى، وفريق مؤيد للنظام يقوده حزب الله..فإن التطورات السورية لها حضور قوى على المشهد الانتخابي للبناني، وكذلك هاجس الطائفية كان حاضرا بقوة ، مع المخاوف من ملامح الطائفية السياسية في لبنان، وتحذير من تشكيل مجلس نيابي جديد على أنقاض الوحدة الوطنية والعيش المشترك والسلم الأهلي.
ويرى المراقبون للمشهد الانتخابي اللبناني، أن حزب الله وحركة أمل بإمكانهما تدبير قوة برلمانية تحمى المقاومة وسلاحها، فى الوقت الذى يعمل تيار المستقبل على توسيع دائرة حلفائه وسط توقعات بإمكان خسارة جزء ولو ضئيل من المقاعد نتيجة لقانون الانتخابات.. بينما يظل تأثير تحديات ما بعد الانتخابات ( التحديات الدولية والإقليمية والداخلية) مخيما على المشهد الانتخابي بخفاياها المتداخلة والمعقدة.
حلم التغيير
- والملاحظة الثانية: مشاركة المغتربون اللبنانيون، لأول مرة فى العملية الإنتخابية، إذ أدلى ٥٩ ٪ من أصل نحو ٨٣ ألف مسجلين بأصواتهم الأسبوع الماضى فى خطوة تعتبرها الدوائر السياسية الرسمية من إنجازات قانون الانتخاب الجديد، الذي يفتح أبواب الأمل أمام ناشطى المجتمع المدنى والأحزاب الصغيرة الوصول الى البرلمان، خاصة وأن نجم المجتمع المدنى فى لبنان قد صعد إثر أزمة النفايات التى ملأت شوارع بيروت فى العام ٢٠١٥.. وأنشأت مجموعات وشخصيات عدة من المجتمع المدنى تحالف «كلنا وطنى» الذى يشارك فى المعركة بـ٦٦ مرشحاً ومرشحة فى ٩ دوائر انتخابية، ويقدم نفسه على اعتبار أنه «الخيار البديل وبداية لتحقيق حلم التغيير»
عشرات المرشحات اللبنانيات
- والملاحظة الثالثة: دخول 83 سيدة لبنانية منافسات الانتخابات النيابية إلى جانب مئات من المرشحين الذكور (مجموع المرشحين والمرشحات 587)، ومعظم المرشحات على لوائح مختلطة مع الذكور، وهناك لائحة وحيدة غير مكتملة تضم نساء فقط وتخوض الانتخابات في أكثر المناطق فقراً ولا تزال تحكمها التقاليد المحافظة، وهي عكار الشمالية..وتشهد الانتخابات ترشح 21 امرأة من الطائفة السنية، و9 نساء شيعيات على لوائح غير محسوبة على لوائح «حزب الله» وحركة «أمل»، والاستثناء الوحيد في الأخيرة هو الوزيرة عناية عز الدين، علماً أن «حزب الله» يرفض ترشيح نساء للانتخابات.. و25 امرأة من الطائفة المارونية، و5 نساء من الطائفة الدرزية، ونساء من طوائف تصنّف في خانة الأقليات، فهناك مرشحة علوية في طرابلس، ومرشحة إنجيلية، ومرشحتان من أقليات أخرى.. والأكثرية من هؤلاء النسوة ينتقلن إلى حقل الشأن العام من حقول متخصصة كالمحاماة والعمل الاجتماعي والإعلامي والاقتصادي والحزبي، وأنهن بالغالبية لسن زوجات نواب ولا شقيقات مسؤولين سياسيين أو بناتهم كما جرت العادة لإيصال نائبة إلى البرلمان.
إعلاميون في الحياة السياسية
- والملاحظة الرابعة: انخراط بعض الاعلاميين فى الحياة السياسية، حيث برزت وجوه إعلامية كثيرة ضمن الأسماء المرشحة للانتخابات النيابية، من بينها الإعلامية بولا يعقوبيان، والإعلامى طوني خليفة، ونوفل ضو، وكذلك الإعلامى جان عزيز، والإعلامية جيسيكا عازار.. بينما يرى سياسيون أن الإعلامي يستطيع أن يوصل هموم الناس كإعلامي، أما إذا نجح فى البرلمان اللبنانى فدوره سيكون سياسيًا بامتياز.
