تواجه دول العالم النامي، أزمات مالية واقتصادية، تحت ضغط «الهجرة المعاكسة»، مع عودة ملايين المغتربين في العالم، الى بلادهم تحت تأثير سياسة إغلاق الحدود كليا أو جزئيا بين الدول، بسبب جائحة «الكورونا»، مما يترتب عليه انخفاضا حادا في «التحويلات الاغترابية» بالعملات الصعبة إلى الوطن الأم، بحسب تقديرات منظمة العمل الدولية.
ويشير الخبير الاقتصادي اللبناني، ذو الفقار قبيسي، إلى تقرير مجلة «الإيكونوميست» البريطانية، المتخصصة في الشئون الاقتصادية، بأن تحويلات المغتربين في العالم التي تزيد عن ثلاثة أضعاف قيمة المساعدات الدولية للبلدان الصغيرة، حسب تقديرات البنك الدولي، ستنخفض بنسبة 20% هذا العام. ومنها تحويلات المغتربين اللبنانيين التي جزء منها ودائع كانت قد بلغت قبل اشتداد جائحة الكورونا حوالي 50 مليار دولار بالعملات الأجنبية وحوالي ١٤% من هذا الرقم بالليرات اللبنانية.
وهذه التحويلات إلى الوطن الأم تتراجع باستمرار لا سيما مع هبوط معدلات النمو العالمي وتراجع أسعار النفط ومعها تراجع مداخيل الاغتراب اللبناني في عالم بات لمغتربي العالم في زمن الكورونا غير عالم ما قبل الكورونا.
وفي الولايات المتحدة المغتربون الذين يشكّلون حوالي ١٤% من عدد السكان، مهددون إعادتهم قسرا إلى بلادهم وبينهم أطباء ومهندسون وأصحاب مهن حرة، على وقع صيحات دونالد ترامب الذي وصفهم بأنهم Germs!! أو الجراثيم الوبائية!!! التي تتدفق عبر الحدود الأمريكية Tremendous disease pouring across our borders معتبرا أن كل غريب مقيم هو فرصة عمل ضاعت على مواطن أمريكي!
وفي العالم العربي، بحسب تقديرات الخبير الاقتصادي «قبيسي»، تزداد الأمور سوءا مع توقع انخفاض عائدات النفط بحوالي ٥٠% هذا العام، بما سيؤدّي الى هبوط الناتج الاجمالي من 55 مليار دولار الى 35 مليار دولار في لبنان الذي تقول الإيكونوميست إنه «يعصى على النهوض باصلاح بات بالنسبة له مسألة حياة أو موت». فيما الأزمات المالية والمصرفية تغلق أمام اللبنانيين أبواب الداخل، وفي ظل حكومة تغلق عليهم أبواب الخارج في عزلة سياسية واقتصادية لا سيما مع دول الخليج.
وأشارت مجلة «الإيكونوميست»، إلى دبي كنموذج، حيث العاملون العرب والأجانب يشكّلون 90% من السكان، 10% منهم سيخسرون عملهم ويعودون إلى بلادهم، وبينهم 30% من 100 ألف موظف وعامل في طيران دبي، حسب تقديرات وزير المالية الاماراتي السابق ناصر الشيخ.
وبحسب تقديرات البنك الدولي، من المتوقع أن تنخفض التحويلات العالمية على نحو حاد بحوالي 20% في 2020 بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا (كوفيد-19) وتدابير الإغلاق. ويرجع الانخفاض المتوقع، الذي سيكون أكبر انخفاض في التاريخ الحديث، إلى حد كبير إلى انخفاض أجور ومعدلات توظيف العمالة المهاجرة، وهي الشريحة الأكثر تعرضًا لفقدان الوظائف والأجور في أي أزمة اقتصادية في البلد المضيف.
ومن المتوقع أن تنخفض التحويلات إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بنسبة 19.7% لتصل إلى 445 مليار دولار، مما يمثل خسارة في الموارد المالية الأساسية للأسر المعيشية الضعيفة والأولى بالرعاية.
وقال رئيس مجموعة البنك الدولي، ديفيد مالباس ، تمثل التحويلات مصدرًا حيويًا للدخل بالنسبة للبلدان النامية. وللركود الاقتصادي المستمر الناجم عن جائحة كورونا (كوفيد-19) أثر شديد على قدرة المهاجرين والمغتربين على إرسال الأموال إلى أوطانهم، ويجعل من الضروري اختصار الوقت اللازم للتعافي بالنسبة للاقتصادات المتقدمة.
