أجمع خبراء الاقتصاد، على وجود أثار سلبية مترتبة عن تراجع نمو اقتصاد الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، على الاقتصاد العالمي، وأن تلك الأثار ستكون قصيرة وطويلة الأجل.
وأفاد تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، بأنه حينما يرتفع الناتج المحلي الإجمالي للصين، ليكون بذلك أعلى من التوقعات، فإن المحللين عادة ما يستنتجون أن ذلك يعني تحسن الظروف الاقتصادية، ومن ثم فالعكس صحيح.
وبطبيعة الحال، فإن تراجع التصنيع الصيني، وتراجع قدرة الصين على شراء الصادرات من دول أخرى، يعني ببساطة أيضاً تراجعًا في الاستهلاك العالمي للنفط، وهكذا تكون تداعيات تراجع اقتصادي في الصين تضرب العالم أجمع.
ويرى البعض أن ما يحدث في الصين هو تراجع في النمو، وليس تراجعا مطلقًا، فبعد أن كانت نسب النمو تتجاوز 10% حتى العام 2015، أصبحت النسبة 6.9 % العام الماضي، وهي أقل نسبة نمو في 25 عامًا، حيث بلغت النسبة 7.3 % العام 2014، ما دعا مؤسسات مالية عالمية ومؤسسات تصنيف إلى إعادة النظر في تقييمها للاقتصاد الصيني.
ووفقًا لتوقعات خبراء الاقتصاد في العالم، فإن النسبة قد تصل ما بين 2-3 % هذا العام، فيما تشير نسب توقع النمو العالمي لنحو 2.5 %، إلا أن توقعات أخرى ترى أن الصين قد لا تحقق حتى هذه النسب المتواضعة، حيث سجل التصنيع في الصين خلال الشهر الماضي شباط / فبراير، تراجعًا قياسيًا، حيث يشهد الاقتصاد الصيني نموًا بطيئًا بشكل ملحوظ منذ العام الماضي، يضيف إلى مشاكل الاقتصاد العالمي الأخرى التي تجعل البعض يميل إلى سيناريو أزمة عالمية قبل نهاية العام.
وألقى تراجع اقتصاد الصين بظلاله على أسواق الأسهم العالمية، وخاصة الأسيوية، وعرضها لهزة خلال الشهور الثلاث الأولى من هذا العام، بنسب انخفاض أدت إلى وقف التعامل في السوق لمنع مزيد من الانخفاض، وذلك بعد عدة هزات وفقدان السوق لقرابة 40 % من قيمتها صيف العام الماضي.
ويذكر، أن هناك علاقة ارتباطية وثيقة بين كل من اقتصاد الصين واقتصاديات دول العالم، خاصة الدول الكبرى، حيث يعد التراجع في الاقتصاد الأميركي في عام 2008 بمثابة بداية للتراجع في الصين، وتراجع الصين تراجع للولايات المتحدة وللدول المصدرة للنفط خاصة روسيا ودول الخليج العربي.
وعلى الرغم مما سبق، فقد أعلن رئيس الوزراء الصيني لي كبيانج، في افتتاح مؤتمر الشعب، السبت الماضي، أن حكومته تستهدف نموًا ما بين 6.5 و7 % لعام 2016 مع عجز في الميزانية عند 3 % من الناتج المحلي الإجمالي، والذي يعد أقل من التوقعات.
ومن ناحية أخرى، يرى الخبراء أن مقياس رصد أداء الاقتصاد الصيني يعتمد في الأساس على النمو في الديون، نسبة إلى معدل ارتفاع القدرة الاقتصادية لخدمة الدين، مما يعني توقع التراجع السريع في نمو الاقتصاد، مع حقيقة أن ذلك يعني تقييد نمو الائتمان.
ونظرًا لقدرة الصين على زيادة الائتمان، فإن النمو الاقتصادي يسجل ارتفاعات ملحوظة من خلال زيادة الديون، إلا أن ذلك يعني انخفاض النمو طويل الأجل، والنشاط الاقتصادي غير الفعال.
ومن شأن ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين أن يثير القلق، حيث يعني خفض النمو طويل الأجل، واحتمالات متزايدة للفشل في سداد الدين على المدى القصير.
لذلك يتفق إقتصادي العالم على أن التراجع السريع في نمو الناتج المحلي الإجمالي، يجب ألا يخيف الأسواق، حيث إنه يعني استعادة بكين للسيطرة على الديون، ما يزيد من التفاؤل بشأن احتمالات النمو طويل الأجل.
