رغم احتجاجات عشرات الألاف في مدن ومطارات أمريكية، وفي عواصم أوروبية، للتعبير عن غضبهم من الأمر التنفيذي للرئيس الأمريكي ،دونالد ترامب، الذي يمنع المسافرين من دخول الولايات المتحدة من سبع دول يغلب على سكانها المسلمون..فإن شواهد ووقائع تاريخية، تشير إلى أن الرئيس الأمريكي، لم يرتكب فعلا غير مسبوق، ولم يبادر بقرارات المنع والحظر، .فقد سبقه كثيرون ، من الدول والرؤساء، وإن اختلفت أسباب المنع والحظر ، من دولة إلى أخرى، وإن كان الإقتصاد غالبا هو المحرك لقرار المنع ، وأضيف إليه في زمن “ترامب” عنصر الإرهاب الدولي .. وهو يرى أن أمريكا تحتاج إلى “حدود قوية” و”عمليات تدقيق مشددة”.
“ترامب ” على خطى من سبقوه
مثلا .. في العام 1882، أقر الكونغرس الأمريكي قانوناً سُميّ «قانون استبعاد الصينيين» لمنع العمال من دخول الأراضي الأميركية. وصدر القانون بفعل موجة عداءٍ حيال العمال الصينيين ممن كانوا يتقاضون أجوراً أدنى من أقرانهم الأميركيين، وذلك في ظل حالة الركود الاقتصادي التي شهدتها الولايات المتحدة عقب انتهاء الحرب الأهلية في أراضيها. وكان من المقرر أن يستمر سريان القانون 10 سنوات، ولكن العمل به ظل يُجدد لمدة 61 عاما حتى عام 1943.
وفرضت السلطات الأميركية قبيل الحرب العالمية الثانية وخلالها، قرار “المنع وخظر الدخول” على القادمين من ألمانيا النازية، خشية أن يكون بين هؤلاء جواسيس للنظام النازي. وحظر دخول”
وفي عام 1950، أصدر الكونغرس الأمريكي قانوناً يقضي بترحيل أي مهاجر يُعتقد أنه ينتمي للحزب الشيوعي. وبالرغم من استخدام الرئيس الأمريكي – وقتئذ – هاري ترومان، حق النقض ضد القانون وإصدار المحكمة العليا حكماً بعدم دستورية بعض فقراته، فلا تزال بنودٌ منه قائمة حتى الآن.
وفي العام 1980 أصدر الرئيس الأمريكي الأسبق ، جيمي كارتر” قرار بحظر دخول الإيرانيين للولايات المتحدة، رداً على اقتحام سفارة واشنطن في طهران عام 1979، واحتجاز 52 مواطناً أميركياً هناك.. وفي عهد الرئيس “رونالد ريغان”، صدر قرارٌ بحظر دخول من يثبت إصابته بفيروس «إتش آي في» المسبب للإيدز إلى الأراضي الأمريكية. وقد رُفِعَ هذا الحظر بشكل كامل عام 2009، أي بعد 30 عام تقريبا خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
كندا .. وهجرة الهنود
وفي العام 1914 رفضت كندا دخول 376 من الهنود السيخ إلى أراضيها، عقب اصدار قانون للحيلولة دون هجرة الهنود إلى أراضيها .. ومن المفارقات التاريخية، أن وزير الدفاع الكندي، هارجيت ساجان، ترجع أصوله إلى المهاجر الهندي الأصل، مع أن السلطات في كندا كانت قبل سنوات طويلة حظرت دخول أسلافه أراضيها بقانونٍ
في شهر يونيو / حزيران 1939، رفضت السلطات الكندية دخول سفينة كانت تقل أكثر من 900 من الفارين من ألمانيا النازية، غالبيتهم من اليهود، وهو الموقف الذي شاركتها فيه كذلك كوبا والولايات المتحدة. واضطرت السفينة إلى أن توزع حمولتها في وقت لاحق على دولٍ أوروبية عدة. وتفيد تقديرات بأن ربع من كانوا على متن تلك السفينة لقوا حتفهم خلال الحرب العالمية الثانية،
المهاجرون سبب إنهيار الإمبراطورية الرومانية
ومن الطرائف التاريخية، المصاحبة للأحداث التي يشهدها العالم في الفترة الحالية، خاصة فيما يتعلق بالإجراءات الأمريكية الأخيرة ضد القادمين وطالبي اللجوء من بعض الدول.. أن بعض المؤرخين، أرجعوا انهيار الإمبراطورية الرومانية، إلى تواجد اللاجئين .. واعتبرت الكاتبة الإيطالية، أناليسا ميرللي، أن سوء معاملة الرومان للاجئين الذين تدفقوا على امبراطوريتهم ، قادت في نهاية المطاف إلى سقوطها، وربما شكل العامل الرئيسي في تفكك تلك الإمبراطورية وزوال مجدها. . وترجع تلك الأحداث إلى معركة دارت عام 378 بين قوات الإمبراطورية الرومانية من جهة والقوط ( وهم قبائل جرمانية شرقية ) من جهة أخرى، في منطقة أدريانوبل، الواقعة في شمال غرب تركيا الحالية، بالقرب من حدودها مع كلٍ من اليونان وبلغاريا.. وانتهت المعركة، التي وُصفت بالملحمية، بانتصار القوط الذين كانوا قد تدفقوا على أراضي الإمبراطورية الرومانية قادمين ، مهاجرين، مما يُعرف حالياً بدول شرق أوروبا ( القوقاز وآسيا الوسطى).
ويرى مؤرخون، أن الطريقة التي عامل بها “الرومان” المهاجرين من ” القوط” هي التي حولتهم إلى أعداء، بدلاً من أن يصبحوا إضافةً تعزز قوة الإمبراطورية الرومانية. ..
الصين تمنع المصابين بأمراض نفسية من دخول البلاد
وفي العام 1980 فرضت السلطات الصينية حظراً على دخول الكثير من الأجانب، بدعوى خشيتها من نقلهم أمراضاً إلى مواطنيها. ويشمل الحظر المصابين بأمراضٍ نفسية خطيرة أو أمراض تنتقل عن طريق ممارسة الجنس أو تتفشى وبائياً. كما طال المنع المصابين بما يُعرف بـ”السل الرئوي النشط”.. وفي العام 2010اضطرت السلطات في الصين إلى تخفيف قواعدها قليلاً في هذا الشأن، بعد انتقادات لاذعة واجهتها إثر رفضها دخول كاتب أسترالي شهير يحمل الفيروس المسبب للإيدز إلى البلاد.
