دعوات غير مسبوقة أطلقها المرشح الجمهوري للانتخابات الأمريكية، دونالد ترامب، أمس الأربعاء، لروسيا لاختراق البريد الإلكتروني لمنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون لإيجاد 30 ألف رسالة، قال إن كلينتون قد تخلصت منها.
صحيفة «فوكس» الأمريكية، أكدت أن لهجة ترامب حين قال ذلك لم تشير إلى أنها «مزحة»، خاصة في ظل الأحداث الأخيرة، التي شهدت تسريبات ويكيليكس لحوالي 19 ألف رسالة بريد إلكتروني خاصة بالحزب الديمقراطي، وسط ادعاءات للأخير بأن روسيا هي من يقف وراء الواقعة.
وردا على اتهامات عديدة لترامب في أعقاب تلك التصريحات، أكد المرشح الجمهوري أنه ليس لديه أي استثمارات في روسيا، مستبعدا أن يكون قد استغل تلك التصريحات لصالح استثمارات له هناك، إلا أنه عهد على دعم روسيا التي تواجه اتهامات بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، سعيا لدعم ترامب رئيسا لأمريكا.
«نيكسون» آخر
وشبهت الصحف الأمريكية تصريحات ترامب بتلك الواقعة التي أطاحت بالرئيس الأمريكي الـ37 الجمهوري ريتشارد نيكسون، المعروفة بـ«فضيحة ووتر جيت»، حين قرر الرئيس الأمريكي التجسس على مكاتب الحزب الديمقراطي في مبنى ووترجيت، حيث ألقي القبض على 5 أشخاص في واشنطن حاولوا تنصيب أجهزة تسجيل مموهة، فتفجرت أزمة سياسية استقال على أثرها نيكسون في أغسطس عام 1974، وتمت محاكمته بسبب «الفضيحة»، ثم حصل على عفو رئاسي.
وعلى أثر فضيحة ووترجيت فقد الحزب الجمهوري 5 من مقاعده في الكونجرس الأمريكي، و49 مقعدا بمجلس النواب لصالح الحزب الديمقراطي.
أمن قومي
تصريحات ترامب المثيرة للجدل أثارت المخاوف على المستويين الرسمي والشعبي حول الأمن القومي الأمريكي، حيث انتقد المدير السابق لجهاز الاستخبارات الأمريكية وجهاز الأمن القومي، مايك هايدن، مؤكدا أنه «إذا كان يهدف من ذلك سرقة رسائل البريد الإلكتروني لوزارة الخارجية الأمريكية، فهي دعوات لسرقة معلومات حساسة للحكومة، وإذا كان يهدف بها إلى سرقة رسائل كلينتون الخاصة، فهو بذلك يدعو لاختراق أمن الأفرد».
ووصف وزير الدفاع الأمريكي سابقا، ليون بانيتا، في تصريحات لشبكة CNN الأمريكية، الواقعة بـ«الصادمة والمشينة»، فيما قال مايك فيكرس، وهو مسؤول سابق شهير بالاستخبارات الأمريكية، في مقال له بمجلة Politico الأمريكية، بأنه هناك 3 تهدادت حاليا على الأمن القومي الأمريكي، وهي «إرهاب المتطرفين، تدخل روسيا في السياسة الداخلية الأمريكية والانتخابات الجارية، وتصاعد نفوذ الصين»، مشيرا إلى أنه في القضايا الثلاث فإن المرشح الجمهوري ترامب قدم اقتراحات من شأنها أن تجعل أمريكا «أقل أمنا».
من جانبه، اتهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في مقابلة على شبكة NBC، نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بأنه «قد يكون خطط لاختراق البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي لمساعدة ترامب للفوز بالانتخابات الأمريكية»، وهو ما وصفه ترامب بـ«الأفكار المجنونة».
لماذا روسيا؟
في قضايا التسريبات المتكررة التي تعرض لها الحزب الديمقراطي بداية من رسائل البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون، وانتهاء بالرسائل التي سربها موقع ويكيليكس والخاصة بالحزب الديمقراطي قبيل المؤتمر الانتخابي للحزب، كانت روسيا هي المتهم الأول في الوقائع المتكررة، فلماذا تشير دائما الاتهامات إلى روسيا؟
في تقرير لصحيفة فوكس الأمريكية، قالت إن هناك 3 أسباب رئيسية تدفع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لاختراق الأمن القومي الأمريكي، أول هذه الأسباب أن روسيا تعتقد أن أمريكا هي أول من بدأ بالتدخل في السياسة الداخلية الروسية، عندما تصاعدت التظاهرات بين عامي 2011 – 2012 للاحتجاج على الانتهاكات، التي حدثت بالانتخابات البرلمانية ونقص المرشحين المنافسين لبوتين في الانتخابات الرئاسية، حيث يعتقد بوتين ودوائره السياسية أن أمريكا متهمة بالتأثير في ذلك وتمويل تلك التظاهرات في الوقت الذي كانت فيه كلينتون وزيرة للخارجية الأمريكية.
السبب الآخر هو أن بوتين يعمل كأنه لايزال ضابطا في الاستخبارات السوفيتية، استنادا على خبرته في ذلك قبيل تنصيبه رئيسا لروسيا، حيث أشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الروسي يستخدم أدواته الاستخباراتية دائما في التعامل مع أمريكا، فيما كان السبب الأخير الذي أوردته الصحيفة أن بوتين يرغب في «رئاسة أمريكية ضعيفة»، وسط آمال روسية بأن ترفع واشنطن العقوبات المفروضة على موسكو منذ ضم القرم عام 2014، وهو ما قد تحققه بالفعل مع تولي حليفها ترامب الرئاسة الأمريكية.
اتهامات سابقة لروسيا
وجه الحزب الديمقراطي وشركات أمنية أمريكية الاتهامات لجهازين استخباريين روسيين بدعم «هاكر» للدخول على أجهزة الحزب الديمقراطي، فيما ادعى من يعرف باسم «جيوسر» الهاكر الروماني، مسؤوليته عن الواقعة، مؤكدا أنه ليس له أية علاقة بروسيا، فيما تؤكد الأوساط الأمريكية بأن الرجل هو صنيعة الاستخبارات العسكرية الروسية والمجموعة المنبثقة عن جهاز الاستخبارات السوفيتي في محاولة للتأثير في الانتخابات الرئاسية.
من ناحية أخرى، ربطت حملة كلينتون بين ترامب والكرملين، حيث قال مدير حملة كلينتون، إن «من المثير للجدل أن يتحدث الخبراء بأن روسيا هي من يفعل ذلك لمساعدة ترامب»، وهو ما رفضته الحملة الانتخابية للأخير.
ورصدت صحيفة فورين بوليسي الأمريكية روابط تجمع منظمي الحملة الانتخابية لترامب، وخاصة مديرها، باستثمارات هائلة في روسيا، كما دعا أحد مستشاري ترامب للجلوس على طاولة غذاء، مدعوا من بوتين في ديسمبر الماضي، وفق ما نقلت الصحف الروسية.
