ترقب لحظة حسم في العراق.. انقلاب الدولة على «اللادولة»
تتوقع الدوائر السياسية في بغداد، تغييرات مؤثرة داخل المشهد السياسي، نتيجة التحقيقات والتحريات الأمنية الجارية بشأن جريمة «محاولة الاغتيال الفاشلة» التي استهدفت رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، مما يفرض ضرورة مواجهة «اللادولة» التي تتربص باستقرار وأمن وسيادة الدولة العراقية، بحسب تعبير زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر.
- ويؤكد سياسيون ومحللون عراقيون، أن العراق يواجه تربص عناصر «اللا دولة»، ضد الدولة، حتى يعود العراق إلى المربع صفر ويفقد البوصلة وحتى تختلط الأوراق، ولذلك لا بدبل عن لحظة حاسمة تقرر انقلاب الدولة على «اللادولة» لمصلحة العراق ومستقبله.
ويرجّح الباحث في مركز «تشاتام هاوس»، ريناد منصور، أن يكون «هجوم الأحد مرتبطاً بعملية تشكيل الحكومة»، موضحاً أن الهجمات بالطائرات المسيرة ، باتت استراتيجية شائعة لإرسال رسائل تحذيرية، وهي تحذير للكاظمي لكن أيضاً لمقتدى الصدر الحائز على أكبر عدد من النواب أكثر من 70 وفق النتائج الأولية، وكان يقوم بجولات تفاوضية مؤخراً في بغداد لتشكيل الحكومة.
ثاني محاولة اغتيال في غضون أسبوع
وليس هذا الهجوم الأول بطائرة مسيرة أو صاروخ ضد المنطقة الخضراء، فقط تعرضت خلال العام الأخير للعديد من الهجمات التي لا يتبنّاها أيّ طرف، لكن غالباً ما تتّهم واشنطن فصائل موالية لإيران بالمسؤولية عنها..وقالت صحيفة «المدى» العراقية، إن محاولة الاغتيال هي المحاولة الثانية في غضون اسبوع، حيث سقطت 3 صواريخ قبل 7 ايام في منطقة المنصور، غربي بغداد، ورجح أن الصواريخ كانت تستهدف الكاظمي الذي كان حينها داخل بناية المخابرات القريبة من مكان سقوط «الكاتيوشا».
العبادي يحمل رسالة من الكاظمي الى الإطار التنسيقي
وكشفت صحيفة «الزمان» العراقية، أن رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، استقبل بعد ساعات قليلة من المحاولة الغادرة، رئيس ائتلاف النصر، حيدر العبادي، وبحسب مصادر مطلعة، للصحيفة العراقية، فقد حمّل الكاظمي زائره العبادي رسالة الى قوى الإطار التنسيقي الشيعية والمليشيات المرتبطة أو القريبة منها ،تفيد بأن الحكومة لديها معلومات كافية لإدانة المتورطين في محاولة الاغتيال، وأن لصبرها حدوداً ، وأن الإجراءات القانونية لن تراعي مستقبلا أية توافقات اذا استمرت محاولات خرق الأمن..وبعد ذلك بساعة اجتمع العبادي الى زعيم تحالف الفتح هادي العامري، وفقا لبيان أصدره مكتب العبادي.
توقف منظومة أمنية في المنطقة الخضراء
وتشير صحيفة «المدى» إلى شكوك حول توقفت «تقنية أمنية» داخل المنطقة الخضراء حيث منزل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي تعرض فجر امس الى هجوم بطائرات مسير،وأن هذا «العطل المفاجئ» قد يجعل هوية المنفذين للهجوم مستحيلة خصوصا وأنه لا يمكن معرفة مكان انطلاق الطائرات.
وقال مصدر أمني مسؤول للصحيفة العراقية : إن «توقف منظومة سيرام (المضادة للصواريخ) الخاصة بالسفارة الامريكية وقت الهجوم ضيع فرصة معرفة مكان الانطلاق.. ويشير المصدر الى أن هذه المنظومة هي «رادارية أيضا ويمكنها تحديد ولو بشكل أولي مكان خروج هذه الطائرات».
تحقيق حول تعطل منظومة «سيرام»
ومن جانبه أعلن المتحدث باسم العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، فتح تحقيقا مع الجانب الأمريكي، لمعرفة اسباب عدم عمل منظومة السيرام.
وفي رد على سؤال حول سبب عدم عمل المنظومة أوضح اللواء الخفاجي، أن هناك تحقيقا يجري الآن مع الجانب الامريكي والسفارة الأميركية، مبينا أن «المختصين يجب ان يقدموا اجوبة عن ذلك»، وفقاً للتلفزيون الرسمي.
هدف الاغتيال ضياع البوصلة وخلط الأوراق
ويرى المفكر العراقي، د. فاتح عبدالسلام، رئيس تحرير الطبعة الدولية لصحيفة الزمان العراقية، أنه لا يمكن النظر الى محاولة اغتيال رئيس الحكومة من منظار الصدفة الانفعالية الظرفية لتصعيد تظاهرات او لتداعيات انتخابات أو تعبيراً عن تظلّم ما، فالهدف هو ضياع البوصلة وخلط الأوراق كنوع من الصدمة التي تأتي بعدها صفحات أخرى يكون مخططاً لها بحسب مَن يريد وضع البلد على حافة الهاوية.
سياقات عسكرية لها ارتباط تنظيمي
هناك تخطيط مسبق واضح عبر تهيئة الطائرات المسيّرة المسلحة مع استطلاع دقيق لإحداثيات الهدف، وهي سياقات عسكرية لها ارتباط تنظيمي واضح لا تصدر عن ذئاب منفردة. والطائرات المسيّرة ذات التسليح الدقيق، ليست كطائرات الهواة ذات الكاميرا للتصوير والتسلية المتوافرة في الأسواق المدنية، كما انّها طائرات تملكها دول أو جماعات مدعومة من دول من الناحية المادية والمعلوماتية.
مخاطر عناصر «اللا دولة»
أمّا لماذا التوقيت في تنفيذ محاولة الاغتيال جاء الآن وليس عقب مرحلة تشكيل الحكومة الجديدة، فتلك مسألة ترجع الى استشعار مخططي ومنفذي العملية بأنّ الوقت يسير لصالح تركيز ملامح دولة بعد سنوات طويلة من مسميات دولة من دون محتوى او من خلال محتوى مزيف. كما ترجع أسباب التوقيت الى حالة اليأس من إمكانية إرجاع الأوضاع إلى المربع الأول، حين كانت الفوضى هي عنوان الشارع العراقي، بما يديم الفائدة للذين اعتادوا العيش في اللا دولة والتصرف من خلالها.
- لا يعني هذا الكلام انَّ الانتقال من اللادولة إلى الدولة قد تمَّ إنجازها، لكن هناك توجهات للسير بهذا المسار.
ويؤكد د. فانح، أن قرار الاغتيال، هو الصفحة الأولى من الانقلاب الفوضوي ولا أقول العسكري، وانّ المحاولات ستتكرر نحو أهداف أخرى، ما دامت اللا دولة طليقة، والدولة المرجوة والمتوقعة رهن الاعتقال التعسفي بأسماء شتى منها دستور معطل وقوانين محنّطة وتوافقات وإرادات إقليمية ودولية ضاغطة.
