يبدو أن التنظيم الإرهابي « داعش» على مشارف الفصل الأخير لقصة «الخلافة» المزعومة، بسبب الهزائم المتلاحقة في العراق ولبنان والانحسار في أماكن «تمركزه» المحورية في سوريا، خاصة بعد خسارته 90 % من المناطق التي كان يسيطر عليها وأبرزها مدينة الموصل التي أعلن منها «الخلافة» ومدينة تلعفر وأخيرا إعلان الجيش اللبناني تحرير كل الأراضي اللبنانية من التنظيم الداعشي.
نهاية شعار «الخلافة باقية وتتمدد»
وبواجه التنظيم الإرهابي، حصارا مشددا، سواء في مدينة «الرقة» التي أعلنها عاصمة له في الشمال، وأصبح عاجزا أمام الهجمات التي يشنها الجيش السوري وحلفاؤه، بالإضافة إلي إعلان القوات السورية اختراق الحصار الذي يفرضه التنظيم علي مدينة دير الزور، فيما يتوقع أن يكون التنظيم مسيطرا فقط علي 15 في المائة من الأراضي التي احتلها قبل ثلاث سنوات.. ولم يعد شعار الخلافة «باقية وتتمدد» باقيا وبعد 3 سنوات من عمرها القصير، و «الخلافة» تخسر مواقعها بسرعة شديدة ومحاصرة من كل الجهات.
المسمار الأخير في نعش العصابات الإرهابية
ويرى الخبير العسكري المصري، اللواء محمود عبد اللطيف، أن الانتصار الميداني الكبير الذي حقّقه الجيش االسوري في مدينة دير الزور، يضع المسمار الأخير في نعش العصابات الإرهابية، وشكّل استراتيجيا، تحوّلا نوعيا في الحرب على الإرهاب بسوريا بعد الانتكاسة الكبرى التي واجهتها الجماعات المسلحة في الآونة الأخيرة في كل من الموصل وتلعفر وما جاورهما على الحدود العراقية السورية.
وأضاف للغد، الرقة خرجت عن سيطرة التنظيم منذ حصارها، وإحكام السيطرة عليها مجرد وقت، والوقائع تشير إلى أن تنظيم « داعش» دخل مرحلة الانهيار بشكل رسمي .. ويتفق خبراء مع تقديرات الخبير العسكري « اللواء عبد اللطيف» بأن المعارك ضد التنظيم في الرقة وبقية المناطق التي يسيطر عليها في سوريا، تهدف لإنهاء وجوده كلياً بما في ذلك على الايديولوجية الفكرية، وأن التنظيم ذاهب نحو الفناء وتجربته الأخيرة ستكون نهاية للمشاريع الجهادية خلال الأعوام المقبلة.
ملامح التسوية في سوريا
وبحسب رؤية الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين ، فإن «النصر الاستراتيجي المهم جداً» الذي حققته «القوات النظامية السورية» مع حلفائها وكسرت فيه حصاراً فرضه تنظيم «داعش» على المنطقة الخاضعة لسيطرة الحكومة في مدينة دير الزور منذ أكثر من ثلاث سنوات. خطوة مهمة باتجاه تحرير الأراضي السورية من الإرهاب».. ورسم بوتين ، ملامح التسوية في سورية ما بعد دير الزور، بعد أن تغير «الوضع الميداني تغييرا جذرياً لمصلحة القوات النظامية، واتسعت الأراضي الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، أضعافاً في غضون سنة أو سنتين، وتتطور هذه العملية بوتائر متسارعة».. وأوضح الرئيس بوتين، أنه «فور انتهاء المعارك في دير الزور، وتكبيد الإرهابيين هزيمة نكراء، ستحصل القوات الحكومية وحكومة الأسد على تفوق لا جدال فيه، ويجب القيام بالخطوة التالية لتثبيت نظام وقف النار وتعزيز مناطق خفض التوتر وإطلاق العملية السياسية».
سقوط «الرهان الأمريكي»
إلى وقت قريب كانت دير الزور بمثابة الخط الأحمر الذي رسمته واشنطن ضمن مخطط يقضي بفتح الباب أمام تنظيم داعش الإرهابي تمهيدا لدحرجته من الرقّة نحو البادية السورية ومن ثم «تحديد مصير الشرق الأوسط لسنوات مقبلة»، بحسب ما ذهبت إليه صحيفة «التايمز» البريطانية .. ومنذ عام 2014، تاريخ بداية محاصرة دير الزور كان الرهان الأمريكي في هذه المعركة عبر أداته المسماة «داعش»، لتصفية السلطة المركزية في هذه المدينة الاستراتيجية ضمن مخطط يفضي في النهاية إلى تسليم المنطقة الشرقية برمتها الى الدواعش بما يعني الانطلاق عمليا، في قرار التقسيم عبر إنشاء مناطق عازلة بين دير الزور والسويداء والرقة .. لكن باستعادة دير الزور سقط هذا المخطط و سقط معه حلم إقامة كيان كردي مستقل كان يراد له أن يكون «بوابة» لتقسيم سوريا والاستيلاء على كميات النفط والغاز والمياه التي تختزنها هذه المنطقة التي ظلّت على مدى السنوات الماضية محط أنظار القوى الاقليمية والدولية وهدفا معلنا في استراتيجيتها بسوريا.
