تركيا تهدد بالانتقام بعد استفتاء أكراد العراق على الانفصال
استبعدت الحكومة العراقية، اليوم الثلاثاء، إجراء محادثات حول إمكانية انفصال بعض مناطق شمال العراق، الخاضعة لسيطرة الأكراد، بعد أن أظهر استفتاء الإقليم الكردي تأييدا جارفا للانفصال.
وذكرت قناة روداو التليفزيونية في أربيل، أن النتائج الأولية للاستفتاء الذي أجرى أمس، الإثنين، أظهرت مشاركة 72% من الناخبين المؤهلين وتصويت أغلبية ساحقة ربما تتجاوز 90% بالموافقة على الانفصال، ومن المتوقع صدور النتائج النهائية يوم الأربعاء.
وتواصلت الاحتفالات حتى الساعات الأولى من صباح اليوم، الثلاثاء، في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، التي أضاءتها الألعاب النارية، وزينتها الأعلام الكردية بألوانها الثلاثة الأحمر والأبيض والأخضر، ورقص الناس في الساحات، بينما سارت مواكب السيارات في الشوارع، وهي تطلق أبواقها.
وفي كركوك، المختلطة عرقيا، رفعت السلطات المحلية بقيادة الأكراد حظرا ليليا فرض على التجول في المدينة، التي عارض سكانها من العرب والتركمان الاستفتاء.
وغذى الاستفتاء مخاوف من نشوب صراع إقليمي جديد.
ويقول رئيس حكومة إقليم كردستان، مسعود بارزاني، إن الاستفتاء غير ملزم، لكن الهدف منه هو الحصول على تفويض للتفاوض مع بغداد والدول المجاورة على انفصال الإقليم سلميا.
وأصرت بغداد على معارضتها الثابتة للانفصال الكردي.
وقال رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في كلمة مساء يوم الإثنين، “نحن غير مستعدين أن نتناقش أو نتحاور حول نتائج الاستفتاء، لأنه غير دستوري، وغير شرعي، إجراءاته غير صحيحة، سواء بالمقاييس العراقية أو حتى بمقاييس الإقليم نفسه، وبالتالي لن نتعامل مع نتائج الاستفتاء”.
وأجرى الأكراد الاستفتاء رغم تهديدات من بغداد ومن إيران وتركيا.
وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، “قرار الاستفتاء هذا، الذي اتخذ دون أي مشاورات، خيانة”، مكررا تهديداته بإغلاق خط أنابيب ينقل مئات الألوف من براميل النفط يوميا من شمال العراق إلى الأسواق العالمية.
وقالت شركة سبيربنك 1 ماركتس للسمسرة ومقرها أوسلو، إن شركات النفط يمكنها بيع بعض النفط محليا إذا أوقفت الصادرات، لكن إيراداتها ستتضرر.
ويقول أكراد العراق، إن الاستفتاء يمثل اعترافا بمساهمتهم في التصدي لتنظيم داعش، الذي اجتاح مواقع الجيش العراقي عام 2014 وسيطر على ثلث مساحة العراق.
وكان على الناخبين في الاستفتاء الرد بنعم أو بلا على سؤال عما إذا كانوا يرغبون أن يصبح إقليم كردستان والمناطق الكردية خارج الإقليم دولة منفصلة.
وينتشر 30 مليون كردي في دول المنطقة، أكثرهم في العراق وإيران وتركيا وسوريا، وتخشى هذه الحكومات انتشار النزعة الانفصالية بين سكانها الأكراد.
وانضم جنود عراقيون إلى القوات التركية في مناورات عسكرية بجنوب شرق تركيا قرب الحدود مع الإقليم الكردي.
وأوقفت تركيا بث قناة روداو التليفزيونية عبر قمرها الصناعي تركسات، حسبما قال مسؤول تركي لرويترز.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، إنها أصيبت بخيبة أمل شديدة بقرار الإقليم إجراء الاستفتاء، لكنها أضافت أن “العلاقة التاريخية” التي تربط واشنطن بشعب إقليم كردستان العراق لن تتغير.
وسئلت سارة ساندرز، المتحدثة باسم البيت الأبيض، عن الاستفتاء فقالت يوم الإثنين، “نتمنى عراقا موحدا للقضاء على داعش، وبكل تأكيد عراقا موحدا لصد إيران”.
وأعلنت إيران حظر رحلات الطيران المباشر إلى كردستان ومنها يوم الأحد، بينما طلبت بغداد من الدول الأجنبية وقف تجارة النفط المباشرة مع الإقليم وطالبت الإقليم نفسه بتسليمها السيطرة على المطارات الدولية والمراكز الحدودية مع إيران وتركيا وسوريا.
ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية عن الجنرال الإيراني يحيى رحيم صفوي أحد كبار المستشارين العسكريين للزعيم الروحي الإيراني دعوته “الدول الأربع المجاورة لإغلاق الحدود البرية” مع الإقليم الكردي العراقي.
وتؤيد طهران جماعات شيعية حكمت العراق أو تولت مراكز أمنية وحكومية منذ اجتياح العراق عام 2003 بقيادة القوات الأمريكية والإطاحة بصدام حسين.
كما رفضت الاستفتاء سوريا، التي تشهد حربا أهلية مدمرة، ويطالب الأكراد فيها بحق تقرير المصير.
وقال نيجيرفان بارزاني، رئيس وزراء إقليم كردستان، إنه يأمل الحفاظ على علاقات طيبة مع تركيا.
وأضاف في أربيل يوم الإثنين، “الاستفتاء لا يعني أن الانفصال سيحدث غدا، ولا سنعيد نحن رسم الحدود، إذا كان الفوز للتصويت بنعم فسنحل مشاكلنا مع بغداد في سلام”.
وكرر وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، معارضة لندن للاستفتاء، وحث “جميع الأطراف على الإحجام عن التصريحات والأفعال الاستفزازية بعده”.
وأضاف جونسون، “يجب أن تظل الأولوية لهزيمة داعش، وعودة الاستقرار إلى المناطق المحررة”، في إشارة إلى تنظيم داعش، الذي ما زال يسيطر على مناطق في العراق وسوريا، من بينها جيب غربي كركوك.