رغم البعد الجغرافي بين البلدين، شهدت العلاقات بين تركيا وباكستان خلال العقدين الأخيرين الكثيرَ من الزخم، وربما يرجع ذلك إلى الصلات التاريخية والثقافية والاجتماعية والدينية التي تجمعهما، إلا أن التعاون العسكري بين البلدين يثير مخاوف إقليمية، وفق عدد من الخبراء والمراقبين..
التعاون العسكري أبرز ما يجسد تلك الروابط، فباكستان أصبحت من أهم وُجهات الأسلحة والأنظمة الدفاعية التي تُنتجها الشركاتُ التركية، ففي الفترة ما بين عامي 2016 و2019 بلغ إجمالي صادرات الأسلحة التركية إلى باكستان أكثرَ من 112 مليون دولار.
وفي يوليو 2018 وقّع البلدان أكبرَ صفقة عسكرية بقيمة مليار دولار، ستصدر بموجبها تركيا إلى باكستان 30 مروحية من طراز “أتاك تي 129” ، و4 سفن حربية ضمن مشروع “ميلجم” .
وعلى الرغم من المتغيرات السياسية إقليميا ودوليا، ظلت الروابط السياسية والاقتصادية والأمنية بل حتى الشخصية قويةً بين البلدين اللذين يزيدُ عددُ سكانهما عن 300 مليونِ نسمة.
ففي السياسة حرصت أنقرة على تقديم الدعم المتكرر لباكستان خاصة في قضية “كشمير” وحق الشعب هناك في تقرير مصيره، وهو ما ردته إسلام أباد بإدانة محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا في يوليو 2016.
اقتصاديا لا يزال حجم التعاون بعيدا عن المستوى المأمول بحسب مسؤولي البلدين، إذ بلغ حجم التبادل التجاري العام الماضي نحو 900 مليون دولار، مع توقعات برفعه إلى 5 مليارات دولار بحلول 2023 .
ووفق مراقبين، تثير العلاقات المتنامية بين أنقرة وإسلام أباد وخاصة في المجال العسكري والدفاعي، قلقَ إسرائيل والهند، فالأولى تخشى أن تتحول تركيا إلى دولة نووية بمساعدة باكستان، فيما تتخوف نيودلهي من أن يؤثر التعاون على الصراع الدائر في كشمير لمصلحة إسلام أباد.
انعكاسات العلاقة
في هذا السياق، أكد خبير الشؤون الإسرائيلية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية الدكتور سعيد عكاشة، أن تل أبيب تخشى التقارب بين تركيا وباكستان.
وأضاف عكاشة خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد” أن إسرائيل تتخوف من الإرهاب بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية، لأن هناك مخاطر أمنية نتيجة تدفق الجماعات الإرهابية.
كما أوضح أن تركيا ليست بريئة من استخدام الجماعات الإرهابية ومنها داعش في الفترة الماضية، مؤكدا أن تل أبيب لديها مصالح اقتصادية كبيرة في آسيا الوسطى وتريد أن تحميها.
ما علاقة الهند وإسرائيل؟
من جانبها قالت الكاتبة والباحثة السياسية لبنى فرح خان، إن إسرائيل قلقة من التقارب التركي الباكستاني لأنها تعلم أن باكستان تمتلك جيشًا قويًا.
وأضافت فرح خان: “إسرائيل والهند كلتاهما متفقة مع بعضهما البعض، حيث إنهما ترغبان في زعزعة المنطقة.. الهند تزعزع استقرار جنوب آسيا، وإسرائيل تزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط”.
تحالف مقابل تحالف
وأكد الباحث في العلاقات الدولية، طه عودة أوغلو، أن هناك تقاربا تركيا باكستانيا، ولكن على الجانب الآخر فإن هناك تقاربا هنديا إسرائيليا.
وأضاف أوغلو أن أنقرة وقفت في صف باكستان خلال الفترة الأخيرة خاصة بعد التقارب الإسرائيلي الهندي.
كما أوضح أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، والرئيس الماليزي حاولا قبل عامين إقامة تحالف إسلامي لكنهما فشلا في ذلك، لذلك تحاول تركيا التعاون باكستان.
