«فتح صفحة جديدة وبداية من الصفر بين البلدين».. هكذا وصف رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي، العلاقة مع روسيا خلال قمة في مدينة بطرسبورج تجمعه مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
ويسعى البلدان بخطوات متسارعة من أجل إعادة تطبيع العلاقات، بعد أزمة كبرى أطاحت بالعلاقات بينهما، بعد أن أسقطت تركيا الطائرة الحربية الروسية «سو 24»، بزعم اختراقها المجال الجوي التركي.
وعقب الحادث فرضت روسيا إجراءات ضد تركيا، فمنعت السياح الروس من السفر إلى تركيا، ووضعت حظرا على استيراد المنتجات الزراعية التركية، وأوقفت العديد من رجال الأعمال والشخصيات التركية في روسيا.
اعتذار طلبته روسيا من تركيا، للصفح عنها، لكن أردوغان تمنع، إلى أن أرسل في يونيو/ حزيران الماضي رسالة وصفتها موسكو بأنها شكلت انطلاقة لعملية المصالحة.
الرسالة التي حوت على اعتذار غير صريح، حيث أعرب أردوغان عن أسفه، بدل أن يستخدم مصطلح «اعتذار»، جاءت بعد مجهود للتقارب قام به رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية، خلوصي أكار، ورجل الأعمال التركي البارز جاويت تشاجلار، والرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزاربايف.
حميمية لقاء اليوم، والمصافحة بين بوتين وأردوغان بابتسامة، أمر خالف الأمس القريب عندما تبادل الرئيسان الاتهامات، فاتهم الرئيس الروسي أردوغان بأخذ حصة من داعش، معتبرا أنه «شريكا للإرهابين».
الأمر الذي دفع عددا من الأتراك لتقديم شكوى ضد بوتين إلى مكتب النائب العام في أنقرة لطعنه في القائد التركي.
في المقابل هاجم أردوغان بوتين، واصفا إياه بالمحتل، مستنكرا تواجده في روسيا.
العلاقة بين البلدين تمتد لقرون عديدة، حيث نشبت بينهم سلسلة من الحروب الروسية العثمانية ما بين القرنين السادس عشر والعشرين، انتصر الروس في معظمها وكانت هذه الحروب في الأساس لوقف الأطماع الروسية في غزو أراضي القرم العثمانية.
وعقب الحرب أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتحديدا عام 1920.
المصالح هي ما تقارب دائما بينهما أو تتسبب في وضع الحواجز، فطالما كانت التجارة والسياحة عامل تقارب بين الدولتين.
فالعلاقات الاقتصادية هي من دفعت تركيا في 2014 لرفض الانضمام إلى نظام العقوبات الغربي المفروض على روسيا بسبب القرم.
تمثل تركيا سابع أكبر شريك تجاري لروسيا، تعمد تركيا على الغاز الروسي في نحو 57% من وارداتها من الغاز الطبيعي لتكون روسيا المورد الرئيسي للغاز الطبيعي إلى تركيا.
وصل حجم التبادل التجاري بين روسيا وتركيا إلى ما يقارب 33 مليار دولار، وصلت فيه الصادرات الروسية إلى 80%.
بين البلدين مشروع بناء أول محطة نووية لتوليد الكهرباء في مدينة مارسين التركية باستثمارات تصل إلى 22 مليار دولار، حيث ستقوم شركة روساتوم الروسية ببناء المحطة، ومن المنتظر أن تدخل الخدمة في عام 2019.
تبرز سوريا كابرز الاختلافات بين البلدين، وتتباين وجهات النظر بشأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد، فترغب تركيا في الإطاحة به، في وقت تدعم روسيا بقاءه.
رغم أن أردوغان أكد مؤخرا على أهمية التعاون مع روسيا بهذا الشأن، قائلا «من المستحيل التوصل إلى حل للأزمة السورية دون مشاركة روسيا، وسيكون بإمكاننا تسوية الأزمة السورية فقط بالتعاون مع روسيا».