شهدت 4 دول عربية “الجزائر ولبنان والعراق والسودان” مظاهرات وحراك شعبي في عام 2019 دفعت أنظمة حاكمة ووزرات للرحيل لتهدئة المواطنين الغاضبين في تلك البلاد.
واختلفت أسباب الحراك وتنوعت أهداف المظاهرات لكن ظل تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية سببا مشتركا بين شعوب الدول الأربعة الغاضبة.
السودان
بدأت الثورة السودانية في ديسمبر 2018 حيث اندلعت المظاهرات والاحتجاجات في شوارع البلاد، وهتف المتظاهرون بسقوط الرئيس السوداني عمر البشير، واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفرقة المحتجين مما أسفر عن مقتل المئات من المتظاهرين.
واستمرت التظاهرات وسط محاولات البشير لاحتواء الشارع الغاضب حتى أعلن وزير الدفاع السوداني السابق عوض بن عوف في 11 أبريل الإطاحة بـنظام البشير واعتقاله، لكن لم تمر أيام إلأ وأعلن بن عوف استقالته عن المنصب وتولى الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئاسة المجلس العسكري.
لكن لم يكتب رحيل البشير نهاية الثورة، حيث اعتصم السودانيون أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة مطالبين بسرعة تسليم السلطة إلى المدنيين، وظل الاعتصام مستمرا للضغط على المجلس العسكري تنفيذ مطالب الثورة وسط مفاوضات فاشلة مع قوى الحرية والتغيير، لكن في يونيو الماضي قامت قوات الأمن بفض الاعتصام مما أسفر عن سقوط المئات من المعتصمين وإصابة العديد منهم.
ودخلت السودان في نفق مظلم بسبب فض الاعتصام إلا أن تدخل الاتحاد الأفريقي كوسيط، وفي 17 أغسطس تم وضع اللمسات النهائية على اتفاق لتقاسم السلطة، وتم لتشكيل حكومة انتقالية، وتشكيل مجلس سيادة، بما يشمل ممثلين عن قوى الحرية والتغيير والجيش، وتولى عبد الله حمدوك رئاسة الحكومة الجديدة.
وانتهت فعاليات ثورة السودان هذا العام بمشهد إدانة محكمة سودانية للبشير بالفساد، وصدر حكما عليه بقضاء عامين في منشأة إصلاحية في 14 ديسمبر .
الجزائر
في أوخر شهر فبراير بدأ الجزائريون احتجاجاتهم للمطالبة بعدم ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة.
واستمرت المظاهرات الرافضة حتى إعلان الرئيس الجزائري السابق بوتفليقة استقالته من منصبه قبل انتهاء عهدته في أبريل الماضي.
وأعلن البرلمان الجزائري رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئيسا للدولة، وأكد رئيس أركان الجيش الجزائري الراحل قايد صالح إجراء الانتخابات الرئاسية وسط اعتراضات ومظاهرات الشارع الجزائري الرافض لإجراء الانتخابات خوفا من عودة النظام السابق.
وفي 12 ديسمبر، شهدت الجزائر إجراء الانتخابات الرئاسية ليفوز عبد المجيد تبون برئاسة البلاد، وأدى تبون القسم الدستوري ويتولي مقاليد حكم الجزائر.
لكن عام التغيير في الجزائر انتهى بمفاجأة للحراك الجزائري وهي وفاة رئيس الأركان الجزائري قايد صالح، والذي ظل الرجل القوي في الثورة الجزائرية وصاحب الكلمة الأولى والأخيرة، وذلك بعد أيام معدودة من تسليم السلطة للرئيس الجديد.
العراق
في أكتوبر الماضي، بدأت المظاهرات الشعبية في العراق للمطالبة بإنهاء الفساد والبطالة، وتصاعدت الأحداث حتى أعلن مجلس النواب العراقي عقد جلسة خاصة لمناقشة مطالب المتظاهرين.
ووافق البرلمان على إلغاء جميع امتيازات ومخصصات الرئاسات الثلاثة وأعضاء مجلس النواب وكبار المسؤولين، وتشكيل لجنة لتعديل الدستور تقدم توصياتها خلال 4 أشهر.
وباتت محاولات رئيس الوزراء عادل عبد المهدي والبرلمان العراقي لاحتواء غضب الشارع بالفشل، واستمرت التظاهرات والمصادمات بين الأمن والمتظاهرين في مختلف أنحاء العراق وسقط المئات من المتظاهرين.
وأعلن الشارع العراقي غضبه من التدخل الإيراني في الأزمة حيث قام المتظاهرون بحرق القنصلية الإيرانية في النجف.
وفي 29 نوفمبر، أعلن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي استقالته وذلك بعد سقوط 420 قتيلا في العاصمة بغداد ومناطق الجنوب ذات الغالبية الشيعية.
ولم تهدأ العراق عقب استقالة المهدي حيث نشب خلافا بين الرئيس العراقي برهم صالح والبرلمان حول أسم رئيس الحكومة الجديد بعدما رفض ترشيح كتلة البناء أسم قصي السهيل بسبب رفض الحراك الشعبي شخصية تولت مناصب في السلطة.
لبنان
في منتصف أكتوبر الماضي، اندلعت المظاهرات في لبنان بعدما أعلن وزير الاتصالات اللبناني فرض الضرائب على الاتصالات وخدمات الإنترنت.
وفي 19 أكتوبر، أعلن رئيس حزب الله، حسن نصر الله رفضه لرحيل حكومة سعد الحريري، لكن في نفس اليوم، أعلن حزب القوات اللبناني استقالة 4 وزراء من الحكومة لتلبية مطالب المتظاهرين.
وشهدت لبنان عدد من الإضرابات وأبرزها إضراب المصارف في يوم 21 أكتوبر، واستمرت المظاهرات الرافضة لاستمرار حكومة الحريري في إدارة البلاد وسط صدام بين المتظاهرين وقوات الأمن.
وفي 30 أكتوبر، أعلن سعد الحريري استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية ، ودخلت لبنان سلسلة من الاجتماعات والاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة الجديدة واشتعلت بورصة الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة بعدما أصر الحريري على تشكيل حكومة مختصين حال تجديد تكليفه برئاسة الوزراء، مما قوبل برفض من حزب الله وحركة أمل مطالبين بحكومة سياسية لينتهي الأمر بإعلان الحريري عدم الموافقة على توليه المنصب مرة أخرى.
ولم تهدأ المظاهرات والإضرابات في لبنان، حيث أعلنت عدد من محطات الوقود التوقف عن العمل، يوم 9 نوفمبر، واستمر الحراك الشعبي لكنه اتخذ شكلا جديدا حيث شهدت الميادين اشتباكات واعتداءات من أنصار حزب الله وحركة أمل على المتظاهرين.
وفي 19 ديسمبر، كُلف حسان دياب برئاسة الحكومة اللبنانية بعدما نال تأييد ستة نواب فقط من إجمالي 27 نائباً يمثلون الطائفة السنية في البرلمان، بعد حجب نواب تيار المستقبل، الكتلة السنية الأبرز، أصواتهم عنه، مقابل دعمه من نواب حزب الله وحليفته حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، والتيار الوطني الحر، حزب الرئيس اللبناني.
وبالرغم من نفي دياب المستمر بأنه مدعوما من حزب الله، إلا أن أنصار الحريري تظاهروا رفضا لتولي حسان دياب الحكومة الجديدة، ليؤكد سعد الحريري مخاوف أنصاره قائلا: “الحكومة اللبنانية المقبلة ستكون حكومة الوزير جبران باسيل”، مؤكدا أن تيار المستقبل لن يشارك في الحكومة المقبلة ولن يوفر لها لتغطية السياسية.