تصاعد الجدل في إسرائيل حول إصلاح الجهاز القضائي
لا تزال أزمة إصلاح الجهاز القضائي في إسرائيل تتصاعد بوتيرة كبيرة، وسط مخاوف من وصول جميع الأطراف من ائتلاف حكومي ومعارضة إلى طريق مسدود، ينتج عنه حدوث شرخ في المجتمع الإسرائيلي الذي يتفاعل بصورة كبيرة مع تلك التطورات في ضوء التظاهرات الضخمة التي تنظمها المعارضة الإسرائيلية وبعض المنظمات النسائية والشبابية، احتجاجاً على خطط الائتلاف الحكومي في إسرائيل، إحداث تغييرات على الجهاز القضائي.
وتعتبر المعارضة الإسرائيلية أن خطة الحكومة للإصلاح النظام القضائي وإضعاف المحكمة العليا في القضاء، تهدف إلى تدمير الديمقراطية في إسرائيل، وستدمر منظومة الضوابط والتوازنات الديمقراطية، ومن شأنها في حال تنفيذها، أن تسهل على “الكنيست” الإسرائيلي إلغاء أحكام تصدرها المحكمة العليا.
وتحدث الرئيس الإسرائيلي “يتسحاق هرتسوغ”، في كلمة له، اليوم الثلاثاء، في مؤتمر تعليمي، عما وصفه بـ”بوادر حسن نية أولية” لدى الأطراف المعنية، في إطار جهود الوساطة التي يبذلها “منذ عدة أسابيع”، لمنع ما وصفه ب “أزمة دستورية تاريخية، ومزيد من الانقسام” في المجتمع الإسرائيلي.
واعتبر “هرتسوغ” أن المقر الرسمي لإقامة الرئيس الإسرائيلي بات “المكان الوحيد اليوم الذي ينجح في الحفاظ على ثقة جميع الأطراف وأن يكون بمثابة نزل محمي لإجراء مناقشات جوهرية في خضم هذا الجدل” حول الخطة القضائية.
اقتراح لابيد
وقال رئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد: “إنه عرض على رئيس الدولة الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، تشكيل لجنة رئاسية مستقلة لبلورة اقتراح حقيقي ومتوازن لإصلاح الجهاز القضائي وتحسين عملية أدائه لمهامه وتنظيم العلاقات بين السلطتين القضائية والتشريعية”.
وأضاف لابيد أن “اللجنة الرئاسية ستكون قادرة على سماع جميع الأطراف: المحكمة، والحكومة، والمعارضة، والجهات الأكاديمية”، في ما وصفه بـ”الإجراء المنظم سيتم في نهايته طرح مقترح متوازن على الطاولة القومية”، بهدف “التحسين والإصلاح وليس التدمير والتحطيم”.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلي “مكان”، عن لابيد في مستهل جلسة كتلة يش عاتيد في الكنيست، أن هرتسوغ يفحص فكرة إقامة هذه اللجنة، مشيرا إلى أن تشكيلها سيمنع شرخا عميقا في صفوف الشعب وهدم النظام الديمقراطي.
وفي السياق، أعرب رئيس حزب “يسرائيل بيتينو”، أفيجدور ليبرمان، عن معارضته لمحاولات زعيم المعارضة التسوية مع الحكومة حول خطة للإصلاح القضائي، وذلك في مقابلة إذاعية، مع “مكان” اليوم الثلاثاء، معتبرا أن الحديث عن تشكيل لجنة هو “إضفاء الشرعية على تحرك (وزير القضاء، ياريف) ليفين ونتنياهو” لإضعاف الجهاز القضائي.
وانتقدت رئيسة حزب العمل، ميراف ميخائيلي، اقتراح لبيد، وقالت إنه “لا يجوز السعي إلى بلورة حلول وسط مع من يحاول تصفية النظام الديمقراطي”.
وأضافت خلال جلسة لكتلة حزب العمل في الكنيست، أن عرض مثل هذا الاقتراح على رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ولو كان ذلك عبر وسيط، “يعني الرضوخ له”.
وفي السياق وصف وزير المالية في حكومة الاحتلال “بيتسالئيل سموترتيش”، الخطة التي عرضها لابيد بالسخيفة ومنافقة، مؤكداً أن الحكومة الحالية عرضت خطة الإصلاح في الجهاز القضائي بالتفصيل خلال المعركة الانتخابية الأخيرة، وذلك بخلاف ما فعلته الحكومة السابقة بخصوص اتفاق الحدود البحرية مع لبنان حين صادقت عليه دون طرحه على المجلس التشريعي.
إنقاذ نتنياهو
وقال رئيس الوزراء سابقا ايهود اومرت ، اليوم الثلاثاء، أن ما يجري، هو أن أتباع الليكود يسعون إلى إنقاذ نتنياهو من المحاكمة بواسطة الإصلاحات أو التغييرات المقترحة، مضيفاً: “إن إي جهاز قضائي يجب أن يخضع لتغيير وتعديل مستمر من خلال المفاوضات بين كافة الأطراف”.
وأضاف أولمرت في حديث لهيئة البث الإسرائيلي “مكان”، أن مجموعة من البلطجية العنيفة التي تتولى إدارة الدولة تسعى إلى التخلص من القضاة ومن المستشارة القانونية للحكومة، لأنهم يشكلون حجر عثرة أمام تغيير النظام الديمقراطي حسب رأيه.
وشدد “إنه بدون المستشارة القانونية سيكون من السهل التحريض على العرب واليساريين ومثليي الجنس والاعتداء على فلسطينيين”.
وحذرت مصادر في الائتلاف الإسرائيلي الحاكم المستشارة القانونية للحكومة “غالي بهراف ميارة”، من مغبة عقد جلسة رسمية لمناقشة الإعلان عن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو عاجزا عن أداء مهام منصبه، وقالت المصادر إنه ستتم إقالة المستشارة من منصبها قبل أن تكمل الإجراء بهذا الشأن. وقد بعث رؤساء الائتلاف برسالة إلى بهراف ميارة نبهوا خلالها من أن إعلانا بهذا الخصوص ما هو إلا محاولة تنحية غير مشروعة ويرفرف عليها علم أسود.
وذكرت مكان أن المستشارة القانونية أكدت أنه بخلاف ما ينشر في وسائل الإعلام، فإنها لم تجر مداولات حول هذا الموضوع.
وشارك السبت الماضي نحو 110 آلاف إسرائيلي، في تظاهرات في عدد من المدن (تل أبيب، حيفا، بئر السبع، هرتسليا) وصفها الإعلام العبري بأنها الأضخم، ضد حكومة اليمين المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو.
وذكرت وسائل إعلام عبرية، أن وزير العدل بحكومة نتنياهو “ياريف ليفين” يعكف على إعداد مشاريع القوانين اللازمة لدفع إصلاحات في منظومة القضاء، تمهيدا لإحالتها بنهاية الشهر الجاري إلى اللجنة الوزارية للتشريع ولجنة الدستور في الكنيست.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية فإن الوزير ليفين أن “إصلاح شامل وواسع النطاق ومثير للجدل للنظام القضائي والقانوني في إسرائيل، والذي إذا تم سنه، يمكن القول إنه سيكون أكثر التغييرات جذرية على الإطلاق في نظام الحكم في إسرائيل”.
وستحد التغييرات بشدة من سلطة محكمة العدل العليا، وتمنح الحكومة السيطرة على لجنة اختيار القضاة، وتحد بشكل كبير من سلطة المستشارين القانونيين للحكومة.
