تعريف جرائم الشرف في الوطن العربي يدفع النساء للانتحار

فى عام 1959 استعانت السينما المصرية، برواية لعميد الأدب العربي طه حسين، حول مفهوم الشرف في صعيد مصر، فأصبح لدينا رائعة هنري بركات «دعاء الكروان» والتي تركت في الذاكرة عبارة على لسان سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، قائلة «خبي يدك يا خال دم هنادي بيقطر منها».. فهل اختلف حال المرأة العربية منذ ذلك الحين؟.

ميساء التونسية: أشبعني أخي ضربا لاكتشافه أنني أدخّن.. فانتحرت!!

أوردت مبادرة «أوقفوا جرائم الشرف» التي تأسست في 2015، آخر كلمات الشابة ميساء ذات الـ 18 ربيعا، والتي أقدمت على الانتحار بعد أن تعرضت لضرب مبرح من قبل أخيها، وعلقت الصفحة قائلة إنها «رسالة تلخص كل شيء عار جديد يعلق على كتف البشرية».

تقول ميساء، أمرّر أناملي على وجهي، أتذكر وجهي؟ طلما قلت لي أنّه جميل، هادئ ومضيء كنجمة ليليّة بعيدة. لكنّني الآن أراه قبيحًا، قبيحًا بشكل فظيع. آثار الكدمات الزرقاء و الأرجوانية أحيانا تغطي كامل جسدي، بالأمس أشبعني أخي ضربا لأنه اكتشف أنني أدخّن، كلّ كدَمة تذكرني بنفس من الدخان اللذيذ الذي ملأ خلايا دماغي، ضربني شقيقي الذي يستهلك علبتين من السجائر يوميّا.

تنحدر يداي نحو ثنايا جسدي المنهك، أتلمّس الزوايا المنتفخة.. أتعلم؟ هذا العالم بائس، ويجعل منّا بؤساء كلّ يوم، هذا العالم عبارة عن عملية تحيّل كبيرة، قام بها الله، أو لا أعلم من قام بها حقيقة، كي يوهمننا أنّنا أحياء. و كي نتخبّط لسنوات طويلة، سائرين بخطى حثيثة نحو الموت.
الموت، تلك الكلمة الكبيرة، كم يغريني الموت لو تعلم، و يدفعني كلّ يوم نحوه، حين أكتشف أننا لا نحيا، بل نحن في انتظار الموت الذي نخافه، و لكن لا نتوقف عن ذكره في نفس الوقت: نحن نشاهد الموت في الأخبار، نتحدث عنه في المقاهي و البرامج التلفزيونية و الدينية و الترفيهية، نلبسه في أدبشتنا، بل نحتفي في العيد بذبح حيوان مسالم.نحن، با صديقي، حتى في أوقات الحب الجنوني ، نهتف ” نموت عليك!”9895ca7833251a4687f460b5c33095eb

لا أعلم إن كان الله على حق حين خلقني، ثم جعلني وسط هؤلاء النّاس، الجميع ينظر إلي شزرا حين أمشي في الشارع، أتحوّل لقحبة لمجرّد أنني أرفض أن أتصرف كامرأة/ عبد: تعود من المعهد كي تطبخ وتنظف وترتب أدباش أخيها وأبيها ثم تجلس كي تتحدث عن الزواج والعفّة والشرف والزوج المستقبلي. هل كان الله على دراية بأن مملكته التي نصبها على الأرض تتحوّل إلى مذبحة يوميّة؟ عل تعمّد جعل الشرق الذي كان فيه جميع أنبياءه، مقبرة للنساء؟ لمَ يجرّنا جرّا نحو الموت، تلك الآلهة التي تنافسه سطوةً، و اغراءً، و خلقا من جديد؟

من أخبرك أن الموت أمر سيئ؟ هل الحياة، بالمقابل، أمر جيّد؟ هل تسمي الاختناق اليومي ، وتلك الأيادي التي تمتد كلّ يوم كي تعبث بك، حياةً؟ أنا أأسف لحالنا فعلا، أنا ككل امرأة في الشرق، لا أجيد الدفاع عن نفسي، أكبر كل يوم و امتلأ حقدًا على اللاعدلة التتي تتكدّس هنا، على الهرسلة التي تعذبنا ، نحن النساء، كل يوم، على لفظة «العاهرة» التي تتربص بنا في كل زاوية، دون أن نفلح شيئا أمام جبروت هذا المجتمع، نحن نموت كل يوم مرّات، حين نحسّ بالعجز.

 

لم أعد أطيق الموت، أريد أن أولد، أن أخلق نفسي من ممرات جديدة/ مخيفة، هذا العالم يا صديقي لم يعد يتسع لي، أريد جنانا فسيحة و سحابات أحلم فوقها، أريد أن أحيا. سيأخذني هذا الحبل بعيدًا بعيدًا، هذا الحبل الطري سيخنقني بوطأة أقل بكثير مما أختنق كل يوم. ستجدني يجانبك إن احتجتني، فلا تحزن يا صديقي، واتبعني إن شئت.

قوانين عربية توفر مظلة قانونية للتلسط

وبحسب التعريف الإصطلاحى تعد جرائم الشرف أو القتل بدعوى الشرف «هي جريمة قتل يرتكبها غالباً عضو ذكر في أسرة ما أو قريب ذكر لذات الأسرة تجاه أنثى أو إناث في نفس الأسرة»، وذلك بدافع غسل عار مزاعم أرتكاب الأنثي لفعل مخل للأعراف مثل علاقات خارج الإطار الذى يرضي عنه المجتمع ويتوافق معه. ويدعي مرتكب الجريمة، الفاعل، أن دوافعه كانت من أجل «الحفاظ على الشرف» وهو ما يوصف كما ذكرنا بـ«غسل العار» عن شرف القبيلة.

وهي خصوصية ثقافية يختص بها العالم الإسلامي خاصة فى دول كمصر وباكستان والسعودية وسوريا وتركيا واليمن، ويدعم المعتقد الشعبي، بفهم خاطئ للدين، وبسبب مظلة قانونية توفر الحماية للقاتل «الفاعل» في حال توفر ما يثبت أن دوافعه تتعلق بالدفاع عن الشرف، وذلك بحسب ما أكدته الصحفية المصرية كريمة كمال، التي شاركت في دراسة حول جرائم الشرف صدرت عن مركز قضايا المرأة المصرية.

وفي 2014، بحسب تقرير بثته إذاعة البي بي سي عربية «قتلت 1000 امرأة في جرائم متعلقة بالشرف، بينما شهد عام 2013 مقتل 869 امرأة في الجرائم نفسها».

وفي الأردن على سبيل المثال توفر المادتان 340 و98 من قانون العقوبات، الحماية القانونية للذكور الذين يقتلون قريبات لهم بدافع الشرف، حيث تتراوح العقوبة ما بين الستة أشهر والعام تقريباً. وهو أشبه بقانو العقوبات المصري، الذى يفرق بين قتل المرأة لزوجها، وقتل الرجل لزوجته بدافع الشرف، حتى وإن توفر لكليهما نفس الملابسات.

download

وأشار المحامي المصري أشرف ميلاد، في حديث لـ«الغد»، أن القانون المصري نص على التخفيف الوجوبي إذا فاجأ الزوج زوجته متلبسة بالزنا ولا يستفيد من هذا العذر إلا الزوج وحده دون الأخ أو الأب.

أما في حال الزوجة فقد وضع المشرع شرط أن يكون التلبس قد تم بمسكن الزوجية، حيث اعتبر أن خيانة الزوج للأنثى بعيدًا عن مسكن الزوجية لا يعد زنا، بينما الزوجة يمكن إثبات نية الفعل عليها في  أي مكان.

وأضاف، نحن نرى في ذلك قصورا تشريعيا ينبغي العمل على ملائمته وطبيعة المجتمع المصري أو إذا فاجأت الزوجة زوجها متلبس بالزنا شريطة أن يكون ذلك في الحالة الأخيرة ومثلما هو الحال في الأردن. ومصر توجد في سوريا مادتان تحميان القتلة بهذات العذر: وهما المادة 584، والمادة 192 من العقوبات السوري.

كافة تلك القوانين توفر مناخ خصب يضع المرأة العربية في حالة دفاع دائم عن الذات، ويبرر جرائم بديهية مثل التحرش، كمال أكدت أن مختلف الجمعيات والمنظمات الحقوقية في مصر والأردن على سبيل المثال لا الحصر تخوض حراك حقيقي لتعديل تلك التشريعات، وتحرير المرأة التي كرمها الإسلام وأوصى بها النبي محمد بقوله «رفقا بالقوارير»، و«النساء النساء وما ملكت أيمانكم».

وفى نيسان / أبريل الماضي كشفت منظمة حقوقية باكستانية عن مقتل 1100 امرأة العام الماضي في جرائم شرف. وجاء في تقرير لجنة حقوق الإنسان المستقلة أن 900 امرأة أخرى تعرضن للعنف الجنسي، ونحو 800 انتحرن أو حاولن الانتحار.

وأوضح التقرير، أن أهم أسباب هذه الجرائم في 2015 هي النزاعات العائلية، ومزاعم العلاقات غير الشرعية، وممارسة الحق في اختيار الزوج. وذلك رغم تصريح نواز شريف، رئيس الوزراء، إنه لا يوجد في الإسلام ما يبرر القتل باسم شرف العائلة.

مصر وتبرير التسلط باسم المجتمع والدين

تعاني مصر منذ سنوات من ظاهرة التحرش بالنساء في مناسبات قومية وخاصة أيام الأعياد الدينية، وهو ما دفع وزارة الداخلية لتأسيس إدارة مجابهة العنف ضد المرآة، ورغم ذلك تكشف تعليقات البعض عبر منصات التواصل الاجتماعي حجم الاحتقان الذي تعاني منه النساء في القاهرة، تلك المدينة التي دومًا ما كانت توصف بالمنفتحة على مختلف الثقافات.

أخر تلك الحوادث كان نشر مؤسسة تطبيق إيفونتس مي مدحت صورة جمعتها بمارك زوكربيرج خلال المؤتمر السنوي لرواد الأعمال بالسيلكون فالي، تعد مي مدحت نموذجا نسويا رائدا، فهي أول مصرية، تنجح في تطوير تطبيق يساعد منظمي الفعاليات على التواصل مع جمهورهم المستهدف، وهو التطبيق الذي نجح في 2014 على أن يلفت أنظار البعض، فقاموا بدعمه بحوالي 1.2 مليون جنيه مصري.

إيفونتس تطبيق مي مدحت المبتكر والذي يعد الآن منصة تواصل اجتماعي للجمهور العربي للبحث عن فعاليات قريبة بمحيطك الجغرافي أو اهتماماتك الاجتماعية، قاد صاحبته للجلوس في ندوة تعريفية خلال الشهر الجاري بجوار الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ومارك زوكربيرج مؤسس فيسبوك، أقوى رجلين في العالم، على ذات المنصة.

وهو ما تجاهله الجمهور العربي تمامًا وانصب التعليق على وقوفها بجوار زوكربيرج بأريحية اعتبرها البعض مستفزة وصادمة وتسيء للحجاب الذي ترتديه، هكذا تم تجاهل إنجاز امرأة عربية بسبب مفهوم الشرف في الذهنية العربية وهو ما يدفعنا لإعادة طرح السؤال: هل مصير ميساء التونسية ورائدة الأعمال المصرية قد اختلف عن بطلات دعاء الكروان؟ أم أننا لا زلنا في حاجة ملحة لإعادة تعريف جرائم الشرف على النطاقين الشعبي والقانوني.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]