أعلن رسميا البنك المركزي المغربي (بنك المغرب) المؤسسة الرسمية المنظمة لسياسات النقد في البلاد، قراره بتعويم الدرهم المغربي، بداية الشهر المقبل (يوليو / تموز) ضمن برنامج إصلاح اقتصادى يحظى بدعم من صندوق النقد الدولى ويهدف لتقوية اقتصاد المملكة.. ولطمأنة المراقبين للشأن المالي في المغرب، أكد محافظ بنك المغرب، أن الخطة الجديدة، لتعويم العملة ، في صالح اقتصاد البلاد، مشيرا إلى أن المملكة «تحتمي باحتياط مهم من العملة الصعبة»، ونفى أن تعويم العملة سيعنى خفض قيمتها.
وكان البنك المركزى المغربي، أكد فى أواخر العام الماضى، أن المرحلة الأولى من الانتقال التدريجى من قيود على العملة إلى سعر صرف مرن ستنفذ فى النصف الثانى من العام الجارى مع إصلاحات أخرى.
ويرى اقتصاديون ومحللون ماليون، أن تغيير نظام العملة سيكون سلسًا فى ظل وجود احتياطات أجنبية قوية، وأن توازن الدرهم وتحسن المالية العامة يرجع إلى تراجع أسعار النفط العالمية الذى خفض من تكلفة واردات الطاقة.
بينما حذرت دوائر اقتصادية، من مخاوف عدم الاستقرار النقدي، وبالنظر إلى تجارب سابقة لاقتصاديات دول نامية، اعتمدت نظام «تعويم» العملة، آخرها النظام المصري، وأن التجارب السابقة أخلفت وعودها بإعادة التوازن إلى الموازين التجارية للدول، ولم يتحقق آمال معتمديه، كما أن أسعار الصرف الجارية في تلك الدول ابتعدت كثيرا عن المستوى المفترض أنه يقود إلى التوازن، وأكبر شاهد على ذلك هو حجم الاختلالات العالمية، التي وصلت إلى مستويات قياسية ولا تزال عصية على المعالجة، وبدلا من أن يضمن تعويم العملات إعادة التوازن للعلاقات التجارية الدولية، عرف العالم حالة من عدم الاستقرار النقدي بسبب التقلبات المستمرة لأسعار الصرف ومعدلات تغيرها الكبيرة، التي لا تخضع أحيانا لأي منطق عقلاني بسبب العوامل النفسية التي تؤطر حركة المضاربين العالميين.
وعلى الرغم من تأكيد محافظ «بنك المغربي»، عبد الرحيم الجواهري، على اعتماد المغرب، في خطة تعويم الدرهم، على احتياطي قوي من العملة الصعبة، والبالغ سيولته حوالي 25 مليار دولار، في شهر مايو / آيار الماضي.. يرى الخبير الاقتصادي المغربي، د. نجيب أقصبي، أن هذا المخزون «ضعيف» وغير كاف لتعويم عملة الدرهم، وأن 85 في المائة، من مخزون البلاد من العملة الصعبة، سنويا، تستورد به الدولة مواد البترول والغذاء، والمستلزمات الضرورية لحركية اقتصاد المملكة، وبذلك، ستظل الدولة تتحرك في نسبة 15 في المائة، من مخزون العملة الصعبة لها، أي في تحريك تعويم الدرهم، وهي سيولة غير كافية أمام قوة المضاربين الأجانب.
ويؤكد الخبير الاقتصادي المغربي، أنه مع عجز تجاري «بنيوي» تبلغ قيمتة برسم السنة الماضية، حوالي 165 مليار درهم، وهي نسبة عجز بنيوية تاريخية دائمة وثابتة، فإن تعويم الدرهم في ظل هذا الوضع من العجز، الذي لا يرتفع، يضع اقتصاد المملكة، أمام سيناريوهات خطيرة.
ومن جانبه، وبحسب صحيفة أخبار اليوم المغربية، تغافل محافظ البنك المركزي، عن سيناريوهات «أزمة»ارتفاع قيم عملتي الدولار واليورو، المرتبطين أساسا بتقلبات وأحوال آبار النفط، ولكنه أوضح أن تعويم عملة البلاد، لن يتم بشكل مباشرة وتام، إذ سينتقل تدريجيا من نظام الصرف الثابت (نظام الربط بالعملة)، إلى نظام صرف مرن (تعويم أولي) ، وأن إصلاح سعر صرف العملة «سيكون اختياريا ومحضرا له وتدريجيا ومنظما، مستفيدا من احتياطات ملائمة من النقد الأجنبي ونسبة تضخم قليلة (أقل من 2%) وغياب السوق السوداء للعملة».
