في توقيت مفاجئ، أقصى وزير الخارجة الإيراني محمد جواد ظريف، مساعده للشؤون العربية والأفريقية، حسين أمير عبد اللهيان، المقرّب من «الحرس الثوري»، وعيّن مكانه الناطق باسم الوزارة حسين جابري أنصاري، الذي يُعتبر «صديقا» للدول العربية.
إقصاء عبد اللهيان عن الملفات العربية، وتعيينه مستشارا لوزير الخارجية، أثار غضب التيار الأصولي في إيران، وكتبت وكالة «بسيج نيوز» للأنباء التابعة لميليشيا «الباسيج» من متطوعي الحرس الثوري: «وفي نهاية المطاف ظريف يعزل عبد اللهيان»، خاصة أن ظريف ومنذ تسلّمه حقيبة الخارجية عام 2013، لم يجرؤ على إبعاد عبد اللهيان، على رغم إجرائه تغييرات واسعة في الوزارة، إذ كان مساعده منغمسا في إدارة الملفين السوري واللبناني، ثم اليمني، بحكم ارتباط هذه الملفات بقسم الدول العربية والأفريقية الذي كان يرأسه في الوزارة، طيلة العقد الماضي، وقربه من «الحرس الثوري».
وتعيين جابري أنصاري، المعروف بأنه صديق العرب، تزامن مع إعلان الناطق باسم القضاء في إيرا، غلام حسين محسني إيجئي، أن مسؤولين سيخضعون لتحقيق «حول احتمال تقصيرهم وتقاعسهم عن أداء واجباتهم في حماية السفارة السعودية في طهران عند التعرّض لها»، وأكد أن «القضاء سيحاسبهم، إذا ثبُت ذلك».
وأنصاري، الذي يحمل شهادة دكتوراه في العلوم السياسية، هو من الموظفين المخضرمين في الوزارة، إذ عمِل في سفارتَي إيران لدى سورية وليبيا، ثم في مركز الدراسات السياسية والدولية التابع للوزارة، حيث أشرف على دائرة دراسات الشرق الأوسط والخليج.
كما عمِل في مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لمجلس تشخيص مصلحة النظام، والذي رأسه حسن روحاني قبل انتخابه رئيساً عام 2013، وعُيِّن العام الماضي ناطقا باسم الخارجية، خلفاً لمرضية أفخم التي عُيِّنت سفيرة لدى ماليزيا.
وتشير الدوائر السياسية في طهران إلى توجه وزير الخارجية، جواد ظريف، لتحسين العلاقات مع الدول العربية وخاصة الخليجية، من خلال مبعوث معروف عنه أنه من المرقبين لغالبية الدول العربية، والذي سوف يتولى مهام الملفات الساخنة في سوريا ولذلك كان من اللافت للنظر مشاركة جابري أنصاري في لقاء ظريف ووزير الخارجية الأميركي جون كيري في أوسلو الأسبوع الماضي، والذي نوقش خلاله الملف السوري، من هنا يتّضح أن إقصاء عبد اللهيان ينسجم مع هذا التطور.
ويرى أستاذ اللغة الفارسية، والخبير في الشئون الإيرانية، الدكتور سيد أبو دور، ان تعيين جابري أنصاري، ربما يعد مؤشرا لتوجه الخارجية الإيرانية ن لتهدئة الجواء وتنقيتها مع الدول العربية، فالرجل يوصف بأنه «صديق للدول العربية»، إذ يجيد اللغة العربية بطلاقة، كتابة وتحدثاً، كما يتميّز باعتداله إزاء القضايا والتطورات التي تمرّ بها إيران والمنطقة، ويؤيد فكرة ترطيب الأجواء مع الدول العربية.
ويؤكد الخبير في الشؤون الإيرانية، في تصريحاته للغد، أن إبعاد عبد اللهيان، قد يعبر عن رغبة وزير الخارجية الإيراني، المحسوب على التيار المعتدل «الإصلاحي» في طهران، في إفساح المجال أمام جهود فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الدول العربية والخليجية، بعد نجاحه في إبرام الاتفاق النووي، خاصة وأن هناك تيارا واسعا داخل إيران يدعم توجهه.
