بعد أن أصدر الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، الجزء الأول من مذكراته بعنوان «أرض الميعاد».. يتناول في كتابه الجديد تطورات الأحداث في المنطقة العربية مع اشتعال الثورة الشعبية المصرية في 25 يناير/ كانون الثاني 2011 وتأثيرها وموقف إدارة أوباما على المنطقة، ونصائح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب قائد الأعلى للقوات المسلحة، للرئيس الأمريكي، محذرا من التداعيات الخطيرة في المنطقة العربية.
وقال أوباما: إن الشيخ محمد بن زايد، من أذكى الزعماء في المنطقة، ولديه رؤية ثاقبة، وحذرني من تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، حين مارست الإدارة الأمريكية، إبان ما يسمى «ثورات الربيع العربي»، ضغوطاً على الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك للتنحي، ومن الاحتجاجات المشبوهة في البحرين، دون اعتبار لتأثيرات ذلك على استقرار المنطقة.
ويضيف أوباما في كتابه: «تذكرت محادثة أجريتها مع محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، مباشرة بعد أن طالبت مبارك بالتنحي. شاب، محنك، وربما أذكى زعيم في الخليج، لم يُنمق الكلمات في وصف كيفية تلقي الأخبار في المنطقة».
وتابع أوباما بالقول: أخبرني محمد بن زايد، أن التصريحات الأمريكية عن مصر تخضع لمراقبة عن كثب في الخليج، بقلق متزايد.
وقال أوباما: أخبرته أنني أتمنى العمل معه ومع آخرين لتجنب الاضطرار إلى الاختيار بين جماعة الإخوان المسلمين والاشتباكات العنيفة المحتملة بين الحكومات وشعوبها.
ونسب أوباما إلى الشيخ محمد بن زايد قوله «إن الرسالة العلنية لا تؤثر في مبارك، كما ترى، لكنها تؤثر في المنطقة»..
وأضاف الرئيس الأمريكي السابق: إن الشيخ محمد بن زايد حذر من أنه إذا سقطت مصر وتولى الإخوان زمام الأمور، فقد يسقط 8 قادة عرب آخرون.
ولهذا انتقد «بن زايد» بيانه، إذ قال إنه يظهر أن الولايات المتحدة ليست شريكاً يمكننا الاعتماد عليه على المدى الطويل.. كان صوته هادئاً وأدركت أنه لم يكن طلباً للمساعدة بقدر ما كان تحذيراً. على حد وصف أوباما.
وأشار الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في كتابه «أرض الميعاد»، إلى الاحتجاجات التي خرجت في البحرين عام 2011، وقال: تماماً كما توقع الشيخ محمد بن زايد، خرجت «مظاهرات» في العاصمة المنامة. ومع تفاقم الوضع، اتخذ الملك حمد خطوة غير مسبوقة بدعوة فرق مسلحة من الجيشين السعودي والإماراتي للمساعدة.
وقال أوباما: قضيت أنا وفريقي ساعات نتصارع حول كيف يمكن للولايات المتحدة أن تؤثر في الأحداث داخل سوريا والبحرين. وكانت خياراتنا محدودة للغاية. مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لم يكن لها نفوذ على سوريا المتحالفة مع روسيا وإيران مثلما كان لها نفوذ على مصر.
وأوضح أوباما: لم يكن لدي طريقة أنيقة لشرح التناقض الظاهر، سوى الاعتراف بأن العالم كان فوضوياً، وبأنه في إدارة السياسة الخارجية، يجب عليّ الموازنة باستمرار بين المصالح المتنافسة، المصالح التي تشكلها اختيارات الإدارات السابقة والطوارئ المستجدة، وأنه إذا لم أستطع في كل حالة إعلاء أجندة حقوق الإنسان على غيرها من الاعتبارات، فإن ذلك لا يعني أنني لا يجب أن أحاول فعل ما بوسعي، عندما أستطيع، لتعزيز ما اعتبرته أعلى القيم الأمريكية.
وتضمن الكتاب وصف الرئيس باراك أوباما لعدد من زعماء العالم:
- وقال إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كان يذكّره ببارونات السياسة الذين التقى بهم في بدايات حياته المهنية في ولاية شيكاجو. وأضاف: إنه كان «مثل حاكم مقاطعة، ولكنه لديه أسلحة النووية وحق الفيتو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».
و«ذكرني بوتين في واقع الأمر بنوعية رجال كانوا يديرون شيكاجو ، هم شخصيات صارمة تتمتع بدهاء لا تأبه للعاطفة، يعرفون ما يعرفونه، لم يبتعدوا عن تجاربهم الضيقة، كانوا يعتبرون المحسوبية والرشوة والابتزاز والاحتيال وأحداث العنف المتفرقة أدوات شرعية للتجارة».
- وقال عن المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل: «إنها ثابتة، وصادقة، وصارمة من الناحية الفكرية، ولطيفة بالفطرة».
وأوضح أوباما، انها ارتابت فيه في البداية، بسبب بلاغته ومهارته في الحديث..ويضيف: «لا أقصد الإساءة، اعتقدت زعيمة ألمانيا أن النفور من ديماغوغية محتملة قد يكون شيئا صحيا».
- ووصف ديفيد كاميرون، المحافظ الذي تلقى تعليمه في كلية إيتون، وشغل منصب رئيس وزراء بريطانيا خلال الفترة من 2010 إلى 2016 بأنه «هاديء وواثق، وأنه كان يتمتع بثقة طبيعية لشخص لم تتعرض حياته لضغوط شديدة من قبل».
وقال أوباما إنه كان يشعر بارتياح تجاهه كشخص (أحببته شخصيا، حتى عندما كنا نختلف)، لكنه لم يخف حقيقة عدم اتفاقه مع سياساته الاقتصادية.
ويضيف أوباما: : «التزم كاميرون على نحو وثيق بعقيدة السوق الحرة، فبعد أن وعد الناخبين بأن برنامجه الرامي إلى خفض العجز وتخفيض الخدمات الحكومية، فضلا عن الإصلاح التنظيمي وتوسيع رقعة التجارة، سيفضي إلى حقبة جديدة للقدرة التنافسية البريطانية..وبدلا من ذلك، كما كان متوقعا، سقط الاقتصاد البريطاني في ركود أعمق»
كتاب «أرض الميعاد»
كتاب الرئيس باراك أوباما، هو الأول من مجلدين مخطط لهما، كتبهما أوباما عن فترة توليه للرئاسة من 2009 إلى 2017 لولايتين، وطبع أوباما 3 ملايين نسخة من الكتاب الذي تمت ترجمته الى لغات 24 دولة، بسعر للنسخة معدله 20 دولارا، ومنه باع في أول يوم من صدوره 890 ألف نسخة في كندا والولايات المتحدة، أي بإيرادات من البلدين بلغت 20 مليون دولار تقريبا.
وقالت صحيفة «التايمز» البريطانية، عن الكتاب المكون من 768 صفحة، إن أوباما ضرب بمبيعاته في أول يوم، رقما قياسيا، ومن المتوقع أن يبيع الكتاب ما بين 25 إلى 30 مليون نسخة، خلال العامين المقبلين، أي ما قد تصل إيراداته إلى نصف مليار دولار على الأقل.
و«أوباما» هو الرئيس الـ44 للولايات المتحدة، وتولى الرئاسة فترتين متتاليتين من عام 2009 حتى عام 2017.وهو أول رئيس أمريكي من ذوي البشرة السوداء في تاريخ الولايات المتحدة وينتمي إلى الحزب الديمقراطي. وعاصر أوباما أحداثا هامة للغاية في الشرق الأوسط والمنطقة العربية منها أحداث الربيع العربي ومقتل أسامة ابن لادن والاتفاق النووى الإيراني.
