تقارب مصالح ونقاط خلافية.. «المعادلة الصعبة» في العلاقات الروسية الإيرانية

رغم  التقارب الروسي الإيراني في ملفات عدة، ورغم تحالف بينهما بهدف  الحد من النفوذ الأمريكي والغربي في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن العلاقة الروسية الإيرانية تأبى أن تتطور من تحركات موسمية إلى تحالف استيراتيجي شامل بسبب وجود بعض النقاط الخلافية.

فمثلا، في الملف السوري ثمة تضارب  في  المصالح بين روسيا وإيران، فكل طرف يسعى لتحجيم نفوذ الطرف الآخر لحسابات اقتصادية وجيوسياسية.

منها على سبيل المثال أن موسكو  تبحث عن تسويات لإنهاء الحرب وإعادة الإعمار، وهو ما لن يتحقق  وفق مراقبين إلا بانسحاب طهران من سوريا.

أما طهران فتسعى للبقاء في سوريا لما بعد انسحاب القوات الروسية، كما تسعى  إلى الاستفادة من مرحلة ما بعد الحرب، وعدم الخروج من سوريا دون مصالح اقتصادية.

وفي الملف الإقليمي، نجد سعيا من جانب  طهران لعلاقات مع الخليج العربي، في مقابل محافظة روسيا على العلاقة بإسرائيل، وأحيانا توظفها موسكو  لكبح وجود إيران بسوريا.

ولا يمكن إغفال الملف الاقتصادي، وفيه نرى أن ميل روسيا للصين أدّى إلى خفض صادرات الخام الإيراني لبكين، التي كانت مشتريا رئيسيا للنفط الإيراني.

كما أن ملف الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، هو واحد من ملفات  الخلاف، فموسكو لطالما عمدت إلى عرقلة  التوصل لاتفاق منذ عام 2015، حين طالبت بضمان تجارتها مع إيران كشرط  لبقائها في مفاوضات كان من شأنها أن تنهي أزمة إيران النووية.

حول هذه المحاور دار الجزء الأول من حلقة اليوم الثلاثاء من برنامج “مدار الغد”.

من سيفاستوبول، قال السيد سيرجي ماركوف عضو مجلس الدوما السابق حول نقاط الاتفاق بين موسكو وطهران إن النقاط المشتركة بينهما أن كل منهما يستهدف أو يتبني سياسة معادية للولايات المتحدة الأمريكية، وأيضا الولايات المتحدة تريد أن تحد من المصالح الروسية وأيضا من النفوذ الروسي، وأيضا العلاقات بين روسيا وإيران استراتيجية ومهمة وواشنطن سوف تستهدف البلدين لفترة طويلة.

وأضاف أن النقطة الثانية هي أن روسيا وإيران دول جوار ودول كبرى لديهما علاقات اقتصادية متطورة، روسيا تدعم إيران بالعديد من الآليات وأيضا إيران تدعم روسيا بالزراعة وبمنتجات عدة وبالمسيرات، وأيضا هناك إمدادت من إيران لروسيا لأن روسيا لديها العمليات العسكرية في أوكرانيا، وروسيا وإيران حلفاء في سوريا وكلاهما تدعمان بشار الأسد وحكومته.

الدكتور عماد ابشناس رئيس نقابة مديري مراكز الأبحاث و الدراسات الإيرانية، قال إن نقاط الخلاف بين إيران وروسيا هي أقل بكثير من نقاط التلاقي وأن الولايات المتحدة دفعتهما إلى وضع استراتيجيتهم المشتركة لتصبح مواجهة أمريكا وتصرفاتها تجاه روسيا وإيران وما فعلته واشنطن اليوم بزيارة رئيسة مجلس النواب لتايوان، سيفجر أزمة ويزيد من التحالفات بين الصين وإيران وروسيا.

وأضاف الباحث أنه بالنسبة للموضوع السوري إن هدف روسيا من التواجد في سوريا هو مواجهة الإرهاب وتدعيم سلطة الحكومة السورية، في حين أن الهدف الإيراني في سوريا وبجانب دعم الحكومة هو مواجهة إسرائيل وهو ما يختلف عن الأهداف الروسية فثلث الإسرائيلين هم من أصول روسية.

من جانبها، آنا بورشفاسكايا- كبيرة الباحثين في معهد واشنطن، قالت في ردها على سؤال حول كيف تتابع واشنطن التقارب المتنامي بين موسكو وطهران؟، إن الولايات المتحدة تشاهد هذا التطور، وهناك نقاش في أمريكا، فالبعض يعتقد أن هذه علاقة تكتيكية قائمة على عدم الرضا عن السياسات الأمريكية.

وأضافت أنه بشأن غزو روسيا لأوكرانيا، اعتمدت موسكو أكثر على إيران وتحديدا في سوريا، والولايات المتحدة والمحللون هناك وجدوا أن روسيا تقترب أكثر من الجنوب، إيران ،والصين، الدول التي تقع خارج نطاق العالم الغربي الليبرالي.

وناقش الملف الثاني من برنامج “مدار الغد” أسباب تزويد إيران لموسكو بالطائرات المسيرة.

العقيد السابق في الجيش الروسي سيرجي شاشكوف، أكد أن هناك عددا من الدول في العالم التي تمكنت من تصميم وإنتاج الطائرات من دون طيار على رأسها الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل وإيران والصين وروسيا، وتلك الطائرات أثبتت فاعليتها القتالية وأنها عامل مؤثر في المعارك من حيث التنسيق بين القوات البرية والمدفعية وتوجيه الضربات.

وأضاف أن روسيا تصنع عددا من الطائرات المسيرة بكافة أنواعها من الصغيرة التكتيكية إلى الاستراتيجية بعيدة المدى، ولكن لابد من الاعتراف بأن روسيا تأخرت بتصميم وإدخال المسيرات في صفوف الجيش وأن الإنتاج غير كاف.