تنفيذا لوصية السلطان الراحل.. انتقال هادئ و«سلس» للسلطة في عُمان
شهدت سلطنة عمان انتقالا للسلطة وصفته الدوائر السياسية الغربية بـ«الهادىء والسلس»، بعد تنصيب هيثم بن طارق سلطاناً للبلاد خلفاً لقابوس بن سعيد الذي توفّي، مساء الجمعة، عن عمر ناهز 79 عاماً. ولم يكن للسلطان قابوس بن سعيد أي أولاد أو أشقاء ليرثوا الحكم من بعده، بل أبناء عمومة فقط.
توافق «عائلي» حدد مسار الخلافة
الدولة الخليجية «سلطنة عمان»، سجلت سابقة في تقديراتها لحسابات تنصيب خليفة السلطان قابوس، وفي توقيت مبكر، منذ تدهور حالته الصحية الذي عانى منذ العام 2014 من سرطان القولون، وخضع للعلاج على مدار فترات طويلة في دول أوروبية عدة، أبرزها بلجيكا.
وبعد إعلان ديوان البلاط السلطاني في عُمان وفاة السلطان قابوس، كان التوافق «العائلي» قد حدد مسار الخلافة، حين دعا مجلس الدفاع في البلاد «العائلة» لاجتماع طارئ من أجل تحديد من تنتقل إليه السلطة، وذلك تنفيذًا للمادة الثانية (أ) من المرسوم السلطاني رقم 105/ 96 في شأن مجلس الدفاع.
وعقدت «العائلة الحاكمة» جلسة لفتح رسالة السلطان قابوس الخاصة لاختيار خليفة له، والذي لم يترك الأمر لفتح باب الخلاف حول الاختيار من بين عدة شخصيات كانت مرشحة للخلافة، وأدرك السلطان قابوس قبل رحيله ان الخلاف في الرأي والتقدير وارد مما قد يسبب انقساما داخل السلطنة، وقد تحقق ما أراد بانتقال هادىء للسلطة.
السلطان قابوس حدد آلية اختيار سلطان جديد خلفاً له
وكشفت مصادر عمانية مقرية من القصر الحاكم، أن السلطان قابوس، وقبل رحيله، حدد آلية اختيار سلطان جديد خلفاً له، وتمّ وضع الإسم في مظروف بواسطة السلطان الراحل، وحفظ في «قصر الحُكم» في العاصمة مسقط.. بينما ذكرت مجلة « فورين بولسي» الأمريكية، أن هناك رواية أخرى تشير إلى وجود مظروف آخر في «قصر صلالة»، وأن مظروف «قصر مسقط»، ومظروف «قصر صلالة»، كل منهما يحتوي على اسمين مختلفين، هما الخيار الأول والثاني للسلطان الراحل، حتى تحصل العائلة الحاكمة على فرصة اختيار الحاكم الجديد.
انتقال السلطة دون خلافات في الرأي
وحفاظا على مسيرة الاستقرار والتنمية في السلطنة، تم انتقال السلطة دون خلافات في الرأي، أو مجرد تحفظات على وصية السلطان قابوس باختيار شخصية كانت مقربة من السلطان قابوس بحكم توليها مهام رئاسة اللجنة الرئيسية للرؤية المستقبلية «عُمان 2040».. وعقد مجلس الدفاع في عُمان جلسة طارئة في مقره بالبستان، حيث أدى السلطان الجديد «هيثم بن طارق آل سعيد » ـ مواليد عام 1954 ـ اليمين القانونية أمام «مجلس عُمان»، صباح اليوم السبت، سلطاناً لعُمان وذلك بموجب النظام الأساسي للدولة.
بيان مجلس الدفاع
وأصدر مجلس الدفاع صباح اليوم بيانا فيما يلي نصه:« يسترعي مجلس الدفاع انتباه المواطنين الكرام، بأنه وبالإشارة إلى البيان الأول الذي أعلن فيه عن قيامه بدعوة مجلس العائلة المالكة الانعقاد لتحديد من تنتقل إليه ولاية الحكم، فقد تسلّم مجلس الدفاع هذا اليوم السبت بتاريخ 15 جمادى الأولى 1441هـ الموافق 11 يناير 2020 مـ ردًا كريمًا من مجلس العائلة المالكة تمثل في أن مجلس العائلة المالكة قد انعقد وقرر عرفانًا وامتنانًا وتقديرًا للمغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم رحمه الله، وبقناعة راسخة، تثبيت من أوصى به جلالة السلطان في وصيته، إيمانًا من مجلس العائلة المالكة بالحكمة المعهودة والنظرة الواسعة لجلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، وعليه أوكل مجلس العائلة المالكة لمجلس الدفاع القيام بفتح الوصية وفقًا لما
نصت عليه المادة (6) السادسة من النظام الأساسي للدولة، واتخاذ الإجراءات لتثبيت من أوصى به جلالة السلطان بالتنسيق مع مجلس العائلة المالكة. وبعون من الله وتوفيقه، فقد عقدت جلسة فتح الوصية في يوم السبت المؤرخ في 15 جمادى الأولى 1441هـ الموافق 11 يناير 2020 م ، بحضور كل أعضاء المجلس.
الفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزیر المكتب السلطاني رئيس مجلس الدفاع بالإنابة.، الفريق حسن بن محسن الشريقي المفتش العام للشرطة والجمارك.، الفريق سعيد بن علي الهلالي رئيس جهاز الأمن الداخلي.، والفريق الركن أحمد بن حارث النبهاني رئيس أركان قوات السلطان المسلحة، واللواء الركن مطر بن سالم البلوشي قائد الجيش السلطاني العماني.، اللواء الركن طيار مطر بن علي العبيداني قائد سلاح الجو السلطاني العماني، واللواء الركن بحري عبدالله بن خميس الرئيسي قائد البحرية السلطانية العمانية.، واللواء الركن خليفة بن عبدالله الجنيبي قائد الحرس السلطاني..كما حضر الجلسة كلٌّ من:۔، الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري رئيس مجلس الدولة، وخالد بن هلال المعولي رئيس مجلس الشورى، والشيخ الدكتور إسحاق بن أحمد البوسعيدي رئيس المحكمة العليا، والدكتور صالح بن حمد الراشدي نائب رئيس المحكمة العليا، والدكتور خليفة بن محمد الحضرمي نائب رئيس المحكمة العليا
وتشرف مجلس الدفاع بحضور أصحاب السمو أفراد العائلة المالكة الكريمة، شهودًا كرامًا على الإجراءات. عليه فقد نال مجلس الدفاع شرف فتح الوصية وقراءتها بشكل مباشر على جميع الحاضرين الكرام، والإعلان بأن جلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور، هو سلطان عمان.
السلطان الجديد .. «شخصية متزنة هادئة ومن حكماء العائلة»
وبادرت الدوائر السياسية الغربية، برصد ما يتمتع به السلطان الجديد من خبرة سياسية ومعايشة للواقع العمانية، وهو يعد من حكماء العائلة كشخصية متزنة هادئة، وقد تولى منصب وزير التراث والثقافة في البلاد منذ من شهر فبراير/ شباط 2002 إلى حين تعيينه سلطاناً، كما شغل العديد من المناصب في وزارة الخارجية منها الأمين العام ووكيل الوزارة للشؤون السياسية، ووزير مفوض، وهو الرئيس الفخري لـ «جمعية رعاية الأطفال المعوقين»، و «نادي السيب الرياضي»، وتولّى رئاسة الاتحاد العماني لكرة القدم بين عامَيْ 1983 و1986، وترأس اللجنة المنظمة لـ «دورة الألعاب الآسيوية الشاطئية الثانية» التي أقيمت في مسقط عام 2010، وكان رئيساً فخرياً لـ «جمعية الصداقة العمانية اليابانية»،
لم يكن في صدارة الترشيحات.
اللافت في الترجيحات الإعلامية أنّ السلطان الجديد لم يكن على رأس لائحة الأسماء المتوقّعة لخلافة السلطان، حيث كان أبرز المرشحين لخلافة السلطان قابوس، هم طارق بن تيمور (عمّ ا السلطان قابوس)ن ثم نجله أسعد بن طارق، ويشغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي، كما إنّه الممثل الشخصي للسلطان قابوس منذ عام 2002..وبعد ذلك أتى الأخوان غير الشقيقين: هيثم بن طارق (السلطان الجديد) و شهاب بن طارق، إضافة إلى تيمور بن أسعد بن طارق الذي يبلغ من العمر نحو 38 عاماً، وفهد بن محمود آل سعيد (80 عاماً) نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء.
