رغم أن تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جون كيربي، بشأن دعوة إيران للاجتماع الدولي المقبل في فيينا، الذي يركز على الحل السياسي للنزاع في سوريا، جاءت متوافقة مع تأكيد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الأسبوع الماضي، بمشاركة إيران في المفاوضات الجديدة حول الصراع السوري، إلا أن الدوائر السياسية الغربية تشير إلى اعتراف أمريكي بالدور الإيراني في المنطقة، وأن لها تأثيرا على الأحداث الداخلية في سوريا.
الدعوة الأمريكية لإيران بالمشاركة في اجتماع فيينا، جاءت عقب لقاء باريس أمس الثلاثاء، بين وزراء خارجية الدول المناهضة لنظام الرئيس الأسد “الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، السعودية، وتركيا”، وبعد أن طرح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري “الفكرة” على حلفاء أمريكا، وحسب مصادر دبلوماسية غربية لصحيفة “واشنطن بوست” فإن أمريكا طرحت مبررات مهمة لمشاركة إيران في مفاوضات فيينا يوم الجمعة، وتجنبا للمعارضة الإيرانية مع حليفها “حزب الله” اللبناني، لأية مقترحات حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد، خاصة وأنه من المقرر طرح تفاصيل الإدارة المشتركة للمرحلة الانتقالية في سوريا.
موسكو تتحفظ على التوقعات القائمة بشأن نتائج مفاوضات فيينا، وقالت على لسان وزير خارجيتها سيرجى لافروف، إن “كل شيء متوقف على النجاح في التغلب على الطموحات والأهواء الشخصية”، مشيرة إلى إمكانية توافق أطراف “اجتماع باريس” على رؤية واحدة تجاه نقاط التحول الديمقراطي في سوريا خلال المرحلة الإنتقالية بوجود الرئيس الأسد.
سياسيون ومحللون غربيون يؤكدون، أن هناك أربع نقاط محورية سوف تطرح في فيينا يوم الجمعة المقبل، وهي؛ مصير الرئيس الأسد، أو هيئة انتقالية بتواجد الأسد أو بدونه، وهي نقطة الخلاف الرئيسية، والتعامل مع المعارضة السورية “المعتدلة”، والتنسيق المشترك عسكريا لمواجهة الجماعات والتنظيمات الإرهابية في سوريا، وبحث التوصل إلى اتفاق بين المعارضة والحكومة لمحاربة “إرهاب مشترك”.
مارك فينو، الخبير الدولي في مركز جنيف للسياسات الأمنية، يحمّل القوتين العظميين في العالم قدرا كبيرا من المسؤولية، ويرى أن سوريا راحت “ضحية لفشل المجموعة الدولية في تدخلاتها خلال العقد الأخير”، وقال “فينو”، إنه ليس بالإمكان تجاهل إيران، ولا يمكن إحداث استقرار في المنطقة بدونها، كما أن روسيا لها تأثير كبير على إيران، والولايات المتحدة على السعودية وقطر، ولكن يجب أن يقوم كل منهما بممارسة ذلك التأثير، وسوف تتضح النتائج على الأرض السورية مباشرة، حاصة أن حيّز المناورة لا زال متاحا لدى الأطراف السورية المتناحرة من أجل بلورة الحل النهائي للأزمة المُستعرة في البلاد منذ زهاء خمسة أعوام.
ويؤكد الخبير الفرنسي، أن الأطراف الدولية والإقليمية، والمعارضة المسلحة السورية، أصبحت على اقتناع بعدم تحقيق انتصارات عسكرية على الأرض، والمواجهات المسلحة لن تأتي بنتائج إيجابية حيث يمكن أن تعرّض النظام أو المعارضة على حد السواء إلى فقدان السيطرة الميدانية، أما إذا ما كان الهدف هو تخفيف معاناة المدنيين، فعلى الطرفين إدارة المرحلة الانتقالية بشكل مشترك، وهذا ما يمثل أهمية أمام اجتماع فيينا.
.
