أردوغان يسعى للهروب من العزلة الإقليمية بالتودد للدول العربية
رغم ما شهدته العلاقات التركية مع مصر و دول الخليج، من توترات جمة خلال السنوات الماضية، بسبب التدخلات التركية في شؤون المنطقة العربية، فإن الفترة الأخيرة شهدت تصريحات لمسؤولين أتراك، عن استعداد لحوار دبلوماسي وإعادة تطبيع العلاقات..
كما تمت الإشارة التركية إلى أن هناك قنوات اتصال مختلفة تنشط حاليا بين أنقرة و هذه البلدان، ما أثار العديد من التساؤلات حول جدية الأتراك في الكف عن التدخل في الشؤون العربية، وإقامة مصالحة حقيقة.
ويرى دكتور خليل الخليل، عضو مجلس الشورى السعودي السابق، أن أردوغان يسعى ليكون أكثر توافقا، مع الدول الغربية، وتحديدا أمريكا، ومع قدوم إدارة بايدن الجديدة، أصبح الرئيس التركي يريد مصالحة حقيقة، قائلا: «السياسة لا تعرف المستحيل، وكل شيء مباح».
وقال الخليل إنه من المهم أن يكون هناك توافق عربي عربي، حول القضايا الرئيسية التي تهدد المنطقة، من بينها التدخل التركي في الشؤون الداخلية للدول العربية، والطموحات الإيرانية في المنطقة، وبالتالي سيكون العرب على قاعدة صلبة أمام أي مصالحات مع تركيا.
وأشار الخليل إلى أن السياسة السعودية حريصة على التواصل مع مصر والإمارات، ولكنه طالب بوجود سياسة واضحة ومتوافقة بين الدول العربية تجاه أزمات المنطقة.
وقال دكتور محمد فايز فرحات مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن التصريحات التي أبداها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حول التقارب مع مصر ودول الخليج، يعود إلى المتغيرات التي طرأت على المنطقة، من بينها المصالحة الخليجية، والسياسة الأمريكية الجديدة، ما يستدعي تغيير سياساته تجاه المنطقة.
وقال إن أردوغان بعد فشله في السيطرة على الدول العربية، سعى إلى التقارب مع هذه الدول في محاولة منه لتحقيق ما فشل في تحقيقه من التدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية.
ويرى الصحفي الإماراتي محمد تقي من دبي، أن السلطة الحاكمة في تركيا ممثلة في حزب العدالة والتنمية أصبحت في حصار وعزلة بسبب الأزمة المالية الأخيرة.
وأشار إلى أن سياسة أردوغان، اعتمدت في الفترة الماضية على التدخل في شؤون الدول العربية، والتطاول على قيادتها، ودعم ميليشيا الحوثي والمطرودين والمطلوبين للعدالة في دول الخليج.
وقال إن نهج أردوغان تجاه الدول العربية لاقى استهجانا في الداخل التركي، موضحا أن رئيسة حزب الخير المعارض في تركيا ميرال أكشنار أشارت في البرلمان إلى سياسة الهجوم التي تبناها الرئيس التركي ضد الرئيس المصري السيسي.
وأضاف تقي أن تركيا تواجه أزمة حقيقية في شرق المتوسط وسط تغيرات في هذه المنطقة، لا سيما بعد خروج حكومة الوفاق من الشأن الليبي، ووجود مناورات بحرية سعودية يونانية، وأخرى بين مصر وقبرص والإمارات واليونان وفرنسا، ما يزيد من عزلة أردوغان.
واعتبر تقي أن محاولة أردوغان مؤخرا للتقرب من مصر، تهدف إلى إنقاذ حزب العدالة والتنمية في تركيا.
ووصف الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش من إسطنبول الموقف التركي إزاء مصر ودول الخليج مؤخرا بالمرن، في إطار توجه خارجي جديد لأنقرة.
وقال علوش إن التوجه الجديد الذي أعلن عنه سابقا يهدف إلى إحداث توازن بين متطلبات الشراكة بين تركيا والغرب، وكذلك على صعيد المنطقة، موضحا أن “هناك عوامل جديدة على الساحة منها الإدارة الأمريكية الجديدة وأزمة شرق المتوسط”.
وأشار الباحث إلى أن الفترة الماضية شهدت محاولات لإصلاح العلاقات مع أطراف خليجية ومصر، قائلا “في العام 2016 كان هناك تصريح لرئيس الوزراء التركي آنذاك بن علي يلدريم عن ضرورة تنحية الخلافات السياسية بين القاهرة وأنقرة وتعزيز التعاون الاقتصادي”.
واعتبر علوش أن الظروف الإقليمية لم تكن مناسبة لإيجاد خطاب تركي جديد، خاصة مع بروز الأزمة الخليجية مع قطر، التي كانت أحد أسباب تعميق الخلاف بين القاهرة وأنقرة، وفقا لرأيه.
كما أشار إلى أن أزمة شرق المتوسط، والتدخل في ليبيا قد أسهمتا في تعقيد الخلاف بين مصر وتركيا، مؤكدا أن هناك تطورا أخيرا في المنطقة، مع تراجع الأزمة الخليجية وتحسن الأوضاع في ليبيا.
