يشهد البرلمان التونسي حراكا من أجل اختيار أربعة أعضاء للمحكمة الدستورية من بين اثنى عشر عضواً يشكلون هيئة المحكمة.
يأتي هذا بينما تواجه حركة النهضة اتهامات بمحاولة تسييس المحكمة التي يحب أن تكون مستقلة وفق القوانين.
إلا أن تحركات “النهضة” تقف أمامها مؤسسة الرئاسة من جهة، والمجلس الأعلى للقضاء من جهة أخرى، وهو ما يراه كثيرون قد يحبط ما تخطط له الحركة.
كما يرى آخرون أن النهضة تحاول استغلال الأزمة الحالية بين الرئاسات الثلاث من أجل تمرير اختياراتها لأعضاء المحكمة الدستورية.
وقال الباحث السياسي التونسي، حسن بن أحمد ، إن الجميع كان في انتظار تشكيل المحكمة منذ أكثر من خمس سنوات.
ووفق الدستور المعمول به في البلاد تتكون المحكمة الدستورية من اثنا عشر عضوا، و يتم اختيار أربعة أعضاء من البرلمان وأربعة من الرئاسة بالتعيين فضلا عن المتبقين من المجلس الأعلى للقضاء.
وفيما تسيطر النهضة وحلفائها على المشهد في البرلمان تبقى المخاوف من محاولات الحركة الدفع نحو تسييس المحكمة الدستورية قبيل تشكيلها، لكن تلك المحاولات يقابلها ثقل الرئاسة ومجلس القضاء ما يقطع الطريق أمام الحركة بحسب متابعين.
وأوضح الخبير الاستراتيجي والباحث، فاضل الطياشي، أن المحكمة الدستورية وفقا للدستور هي سلطة عليا مستقلة عن كل الأحزاب وكل الانتماءات، ورأى أنه من الصعب أن يسيطر النهضة على المحكمة.
ومنذ سنوات عدة لم ينجح البرلمان السابق والحالي بعد نحو عام ونصف من استلام نوابه الجدد مهامهم في تشكيل واحدة من أهم المؤسسات المخول لها بالتحكيم في أي خلاف دستوري أو شاغر بالسلطة في ظل حالة احتقان سياسي بين مؤسسات الدولة وخلافات حول تأويل مواد بالدستور تخص المهام والصلاحيات لا سيما في القصبة وقصر قرطاج .
وقالت الخبيرة القانونية والباحثة السياسية، وفاء الشاذلي، إن التأخير في تشكيل المحكمة الدستورية يعود في الأساس إلى القانون الأساسي للمحكمة، باعتبار أن انتخاب أعضاؤها يتم بأغلبية معززة (الثلثين في البرلمان) وهو الأمر الصعب تحقيقه بين الكتل البرلمانية المتناحرة.
وأضافت الشاذلي، خلال لقاء لها على شاشة الغد، أن “النهضة”، الذي وصفته بالحزب الحاكم في البرلمان، لا يرغب في إرساء تلك المحكمة، باعتبار أن تعيين الأعضاء غير مضمون بالنسبة لها، لافتة إلى أن سرعة محمومة داخل البرلمان لإرساء المحكمة الدستورية بعد الصراع المحتد بين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان.
ولفتت إلى أن مسألة الحياد لا يمكن ضمانها
فيما قال الكاتب والمحلل السياسي، بولبابة سالم، إن المصادقة خلال الأيام الأخيرة على تعديل قانون المحكمة الدستورية يهدف إلى تيسير اختيار الأعضاء المتبقين من قبل مجلس النواب، مشيرا إلى أن وجود تلك المؤسسات القضائية تمنع تغول من أي طرف سياسي تنفيذي، ورأى أن المحكمة الدستورية كانت ضحية الحسابات السياسية وتأخر تشكيلها لخمس سنوات تقريباً، والتسريع نحو تشكيل بأتي في ظل صراع سياسي بين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان وسط تساؤل عن غياب المحكمة الدستورية ودورها.
