تواجه حركة “النهضة” في تونس مأزقًا غير مسبوق، وخيارات محدودة بخصوص مستقبلها السياسي، وذلك بعد رفض الرئيس التونسي قيس سعيد دعوتها إلى الحوار التي تلت محاولتها التصعيد والتهديد بالشارع في وقت سابق، بحسب مراقبين.
بدور، قال الرئيس التونسي إن الحكومة ستتشكل قريبا وفقا لإرادة الشعب، مشيرا إلى أنه لن يتراجع إلى الوراء، وذلك في رد حاسم على الدعوات الأخيرة لحركة النهضة، التي طالبته بالكشف عن خارطة الطريق للخروج من الحالة الاستثنائية، والحوار مع الأحزاب السياسية.
وبحسب محللين فإن الرئيس التونسي يعتقد أن أطرافا عدة أضرت بالبلاد، على رأسها حركة النهضة، بما يتطلب معالجة الأمر، خاصّة أن حركة النهضة قد حاولت الاستقواء بالخارج وتأليب الرأي العام الدولي على ما اتخذه من قرارات.
وبحسب مصادر تونسية فإن الرئيس قيس سعيد يتجّه إلى فتح ملفات حركة النهضة بخصوص الفساد المالي والاغتيالات، مشيرة إلى أن الأيام المقبلة ستشهد تصاعدا في نسق إحالة تلك الملفّات إلى القضاء.
ويساند 94% من التونسيين قرارات الرئيس قيس سعيد ضمن تفعيل الفصل الثمانين من الدستور وتجميد البرلمان بحسب شركة “سيغما كونساي” للاستفتاء، وهي الخطوة السياسية الاكثر جرأة منذ انتخابات عام 209 والتي أثارت الكثير من ردود الفعل محليا ودوليا.
ومن جهته يواصل سعيد حملة الإعفاءات التي طالت مناصب حساسة في الدولة فيما رفض الجلوس على طاولة الحوار مع حركة النهضة او اي من الاحزاب الأخرى، مؤكدا ان قراراته تهدف لاعادة هيبة الدولة وتشكيل حكومة غير سياسية ومحاسبة المسؤولين.
في هذا السياق، قال عضو حركة الشعب بتونس، محمد بوشنيبة، إن رفض الرئيس سعيد لمقترح “النهضة” جاء انصاتا لنبض الشارع، مؤكدا أن الشارع التونسي يرى أن الحوارات التي دارت خلال العقد الماضي لم تؤدي إلى حل أي من المشكلات وتخرج به حركة النهضة منتصرة.
وأضاف بوشنيبة، خلال لقاء على شاشة الغد، أن “النهضة” دائما ما تدعو للحوار كما ضاق الخناق عليها، مؤكداً أن الرئيس يدرك أن هذا الحوار الذي تدعو إليه الحركة “عقيم” سيؤدي لإعادة الفساد واتاحة فرصة لحركة النهضة.
ولفت إلى النهضة تعيش مأزق حقيقي، خاصة في ظل الصراع الداخلي، وأن الحركة تبحث عن طوق نجاة بأي شكل، وأدركت أنها لاتستطيع الاستقواء بالخارج، لذا فهي تسعى لـ”المناورات”
فيما رأى الكاتب والباحث السياسي، نزار مقني، أن الحوار الذي تدعو إليه حركة النهضة قد مضي وقته، ولم يعد له معني أو جدوى بعد إجراءات 25 يوليو، وبات في تونس واقع سياسي جديد وجدت فيه النهضة نفسها في عزلة تامة داخليا وخارجيا كذلك.
وأشار إلى أن البرلمان سيبقى مجمداً لحين استكمال مسار المحاسبة، لافتا إلى أن تقرير محكمة المحاسبات يشمل على جرائم انتخابية لـ 91 نائبا، وهو كفيل بحل البرلمان، وغيرهم من المتهمون في قضايا أخرى.
وأوضح مفتى أن البرلمان هو أحد أسباب الأزمة، وإذا ما عاد سيكون هناك نسار آخر سيشعل البلاد، وقد يعيد حركة النهضة من جديد للمشهد.
