تونس بين فكّي الوباء السياسي والوباء البيولوجي

تخيم «مصطلحات التحذير» المتعددة على المشهد العام في تونس، ترسم هواجس القلق والخوف على الحاضر والمستقبل، وتنبئ في نفس الوقت عن مخاطر تهدد كيان الدولة، وهو الأمر الذي حذر منه أمين عام الاتحاد العام للشغل -أكبر منظمة نقابية تونسية- نور الدين الطبوبي، بأنَّ كُلَّ المؤشّراتِ اليومَ تُشيرُ إلى أنَّ تونس تَعيشُ حالة انجذابٍ قويّ نحو الهاوية، وأن «النار أصبحت في الدار، إما الخلاص جميعا أو الهلاك جميعا».

ويؤكد الطبوبي، أنه على خلفيّة الشّلل المُؤسّساتي المُستفحل، والمشهَدُ السياسي المشحونِ، والركود الاقتصادي المُفزع، استفحَلَت ظاهرة العنف وطالت مختلَف شرائِح المجتمع، وتزايدَ التجاسر على القانونِ وعلى أجهزة الدولة ليُضاعف من منسوب الانفلات، ويفسحَ المجال واسعًا أمامَ تفشّي الفساد والانحراف وعربدة عصاباتِ التهريبِ وتجارِ المخدرات ومحترفي الاتّجار بالبشر والهجرة السرية، وساد الشكُّ والخوف، وانعدمت الثِقةُ، كما تنامى خطاب التطرُّف والكراهية، خطاب يصدر عن كتلة تحتمي بالحصانَة  البرلمانية، ويرعاهُ ائتلافٌ حاكم إمّا بالتواطُؤِ أو بالصمت، بحسب تعبير النقابي والسياسي التونسي، نور الدين الطبوبي.

هكذا تَبدو الحالة اليومَ في تونس.. سفينةٌ تتقاذفُهاالأمواج العاتيةُ والرياحُ العاصفةُ.

زرع الألغام أمام الحوار الوطني

وترى الدوائر السياسية في تونس، أن هناك قوى تزرع الألغام أمام مبادرة الحوار الوطني، بهدف تجميد الوضع «على ما هو عليه» من الانسداد السياسي، والتردي الاقتصادي، ودون التفات إلى مصالح الجماهير وما تواجهه من حياة معيشية «صعبة وغير مستقرة».

بينما طالب الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، كلا من رئاسة الحكومة والبرلمان بالتجاوب مع مبادرة الاتحاد لحوار وطني جامع، والتخلي عن زرع الألغام في طريق الحوار الوطني بهدف افشاله، معتبرا أن الحوار الوطني مهم كونه يقطع مع هوس التفرد بالحكم والتغول في السلطة والتمكن من مفاصل الدولة.

نوايا «مشبوهة» للأغلبية البرلمانية

وفي السياق ذاته، قال الطبوبي، إن «على  الأغلبيةِ في البرلمان أن تَكُفَّ عن اعتبار المجلسِ ملكيّةً حصريةً لها، وأن تترفَّعَ عن ممارسةِ الوصايَةِ والهيمنة على الهيئاتِ الدستورية المستحدَثَة لتوجيه أعمالها أو عرقلتها، مطالبا بالتعجيل «باستحداث ما تبقَّى من الهيئاتِ وبإرساء المحكمةِ الدستورية على قاعدة الكفاءَة والجدارَة والمصداقية لا المحاصصة والولاءات».

تونس بين فكّي الوباء السياسي والوباء البيولوجي

ويؤكد مراقبون في تونس، أن البلاد أصبحت بين فكّي الوباء السياسي، والوباء البيولوجي، وما زاد الأزمات تعقيدا أن الوبائين تزامنا في نفس التوقيت، وأن الوباء السياسي متمثل في «فيروس السلطة» وهو ما يطلق عليه حرب الصلاحيات بين السلطات الثلاثة (الرئاسة والحكومة والبرلمان)، مما خلق حالة من الانسداد السياسي انعكست سلبا على أداء الأجهزة التنفيذية، وتقطعت الخطوط بين السلطات في تونس التي تشهد سابقة «العداء المستحكم» بين السلطات الثلاث، وأن الوضع المتأزم على قمة السلطة يهدد يانهيار الأوضاع في البلاد!

عجز الدولة عن مجابهة فيروس كورونا

أما الوباء البيولوجي، فهو فيروس كورونا المستجد، وما طرح التساؤل القلق: هل تعلن الجهات الرسمية عجز الدولة عن التحكم في مجابهة فيروس كورونا بعد استفحال الأزمة وفتك الفيروس بأرواح ما يقارب 11 ألفا، خاصة في ظل ارتفاع وتيرة انتقال العدوى وتزايد عدد الوفيات في هذه الفترة بشكل يومي وغير مسبوق، لتطلق  البلاد نداء استغاثة لطلب المساعدة من الدول والمنظمات العالمية على غرار ما هو معمول به عند حصول الكوارث كحل وحيد لتدارك الخسائر البشرية الممكنة في هذه المرحلة الحرجة ،خاصة أن أزمة  التطعيم « التلاقيح» لا تزال قائمة، وغير ممكن تداركها في هذه الفترة وفق تأكيد وزير الصحة، وتصريحات رئيس لجنة التلقيح وعضو اللجنة العلمية لمجابهة كورونا،  في أكثر من مناسبة.

الوباء البيولوجي

ولم يعد خافيا على أحد حجم الأزمة والوضع الصحي الكارثي الذي أصبحت عليه تونس، بحسب صحيفة الصباح التونسية، بعد أن أصبحت تتصدر قائمة البلدان الأكثر تضررا من الجائحة من حيث عدد الإصابات بالفيروس وفق تأكيدات المنظمة العالمية للصحة في متابعة لمستجدات الوضع الصحي العالمي، إضافة إلى الارتفاع المسجل في عدد الوفيات بشكل يومي في نفس الفترة فضلا عن صيحات الفزع التي أطلقها أطباء سواء من أعضاء اللجنة العلمية لمجابهة كورونا أو قائمون على المؤسسات الصحية وناشطون في المجتمع المدني في مجالات ذات صلة، بعجز المستشفيات على استيعاب عدد المرضى.

وبات واضحا أن الاقرار بفشل الحكومة في ادارة الملف الصحي أصبح جليا لا يحتاج الى مواربة او تلطيف، بحسب تعبير المحلل السياسيي التونسي، حسان العيادي، لكنها تصر على انكار ذلك والتمسك بمبرارات التعرض لمؤامرات وتعطيل وغيرها من المبرارات لتتنصل من مسؤوليتها.

يبدو أن القول بفشل الخطة الحكومية لمجابهة الكورونا أو حملة التلاقيح «التطعيم» التي أطلقتها أمر لا ينكره غير حزامها السياسي واعضاؤها.

معاول هدم.. وصراع كسر العظام

ويرى سياسيون أن النخب السياسية – حكما ومعارضة – أضحت بدورها – كمنظومات لا كأفراد – معاول من معاول الهدم ومكونات لأزمة جديدة خانقة امتدت إلى ما بقي سليما من المنظومات الأساسية، وفي ظل صراع كسر العظام، حتى أصبح  المآل الوحيد، دمار البلاد وفقدانها لما بقي فيها من مناعة اقتصادية واجتماعية، بحسب تعبير المحلل السياسي التونسي، زياد كريشان، ولكن لدينا يقين بأن الإنقاذ مازال ممكنا وأن الفساد ليس قدرا محتوما شريطة أمر واحد لا ثاني له:

وقف إطلاق نار جماعي يعقبه صلح وقتي بين كل أبناء البلد حكما ومعارضة من أجل أمرين اثنين : تلافي ما فاتنا في مجابهتنا لهذه الجائحة الصحية القاتلة بحوكمة رشيدة صارمة ويبذل قصارى الجهد لربح معركة «التلاقيح»، ثم إنقاذ بلادنا من الإفلاس والقبول بتقاسم التضحيات الضرورية من أجل تحقيق التوازنات المالية المعقولة ودفع الاستثمار وخلق الثروة لإخراج الغالبية الساحقة من مواطنينا من دوائر الفقر المدقع والخصاصة والتهميش..

الحل.. أن تضع الحرب أوزارها

الحل ـ كما يرى كريشان ـ أن تضع الحرب أوزارها بين كل مكونات المشهد السياسي أغلبية ومعارضة وان يتعاونوا من أجل تحصين البلاد ومراقبة الحكومة وتغيير كل ما ينبغي تغييره في المنظومة القانونية، وأن تتهيأ للرهان الجدي على المستقبل بإصلاح عميق للمنظومات التربوية والتكوينية وللدفع بأقصى سرعة ممكنة لتنمية مستدامة وعادلة، وأن تتنافس في ذلك كل الأحزاب والمنظمات .

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]