في حلقة جديدة من جهود مكافحة الإرهاب في تونس، تنفذ الأجهزة الأمنية عملية مشتركة لمطاردة مجموعة إرهابية شمالي البلاد.
وفيما يخص العملية الجديدة، التي أعلن عنها الثلاثاء، أفاد متحدث عسكري تونسي لمراسل الغد، بأن العملية تجرى في إحدى المناطق الجبلية بمحافظة الكاف، وأنها أسفرت حتى الآن عن مقتل إرهابي.
ويأتي هذا في إطار العمليات العسكرية الاستباقية ضد الجماعات المسلحة في المناطق الجبلية، خاصة على طول الشريط الحدودي مع ليبيا والجزائر.
تاريخ طويل
وللإرهاب في تونس تاريخ طويل، أسفر عن كثير من الضحايا، مواطنيين محليين وأجانب، بدءا بعملية إرهابية في مدينة سوسة الساحلية، وامتد الإرهاب بعد ذلك إلى متحف باردو بالعاصمة، وآخر هذه المآسي ما حدث بمهاجمة باص يُقل الأمن التونسي في شارع الحبيب بورقيبة.
السياسة ليست بعيدة
كما كان للعمليات الإرهابية تأثير كبير على السياسة، حين استهدف الإرهاب زعيمين سياسيين بارزين، هما شكري بلعيد ومحمد البراهمي، المحسوبين على التيار الديمقراطي العلماني.
كما شهد جبل عرباطة، الواقع بولاية قفصة جنوب غربي تونس، هذا الأسبوع انفجار ألغام أصابت مدنيين وعسكريين، كما كان الجبل مسرحا لحادثة ذبح مواطن من طرف مجموعة إرهابية.
هل يستوطن الإرهابيون الجبال؟
ويرى بعض المحللين والمتابعين للحركات التكفيرية المسلحة، أن المجموعات الإرهابية باتت تعمل “للاستقرار” في الجبال بمحافظة الكاف، بعد أن كانت المنطقة نقطة عبور فقط إلى ليبيا.
ومنذ عام 2014، تنشط الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش في الجبال الحدودية والغابات الواقعة على الحدود مع الجزائر، بولايات جندوبة والكاف والقصرين، ورغم تراجع نفوذها بعد الضربات الأمنية التي تلقتها ومقتل أغلب قياداتها
ويرى البعض أن المواجهة مع التيارات الإرهابية في تونس ستبقى مفتوحة طالما أن الأسباب التي تجعل الإرهاب يتوسع مازالت موجودة، خاصة الأوضاع الإقليمية، مثل الأزمة في ليبيا.
الخطر ما زال قائما
ومؤخرا، أكد وزير الداخلية التونسي، هشام الفوراتي، إنّ خطر التنظيمات الإرهابية مازال قائما رغم تلقّيها عدة ضربات موجعة، وأنّ تأثيرها اليوم أصبح أكثر خطورة؛ لاعتمادها على تقنيات جديدة وفكر وأيديولوجيا، وعالم افتراضي للتسويق لأفكارها المتطرفة إضافة إلى وجود ما يسمى بـ”الذئاب المنفردة”.
وخلال افتتاح المؤتمر الدولي حول “مستقبل الأمن والتعايش في الشرق الأوسط وأفريقيا بعد تقلص تأثير داعش” مؤخرا، دعا الفوراتي الوحدات الأمنية لمزيد من اليقظة، موضحا وجود تنسيق يومي بين القوات الأمنية والعسكرية للحد من مخاطر تسلّل هذه الجماعات عبر الحدود نظرا لما تشهده ليبيا من نزاعات مسلحة، والشيء ذاته بالنسبة للجزائر.
تعاون تونسي جزائري
وأشاد وزير الداخلية التونسي بالتنسيق والتعاون القائم بين تونس والجزائر فيما يتعلق بتبادل المعلومات، وهو ما يمكن من الحد من تأثير هذه العناصر الإرهابية، موضحا أن تدهور الأوضاع في عدد من دول المنطقة جعل تونس تدخل طورا جديدا في حربها ضد الإرهاب، وهو ما استدعى اتخاذ جملة من الإجراءات والتدابير الوقائية.
وأضاف: “رغم استقرار الوضع الأمني في تونس إلّا أنّها ما زالت تواجه عدة تحديات أمنية، أبرزها المخاطر المتصلة بعودة العناصر الإرهابية التونسية من مناطق الصراع، كما تمثّل المجموعات الإرهابية الناشطة بالمرتفعات الغربية والموزعة عناصرها بين ”كتيبة عقبة بن نافع” التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي ببلاد المغرب الإسلامي و”جند الخلافة في أرض القيروان” الموالية لتنظيم داعش الإرهابي، تهديدا جديا لتونس في ظل سعيها لتنفيذ عمليات تستهدف، بصفة خاصة، المقرات السيادية والدوريات الأمنية والعسكرية”.
وأشار وزير الداخلية إلى “أنّ بعض التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها داعش، ورغم الضربات التي تلقتها، مستمرّة في سعيها لتنفيذ عمليات إرهابية سواء عبر الخلايا النائمة أو الذئاب المنفردة.
تمديد الطوارئ
وفي الخامس من شهر أبريل الحالي، أعلنت تونس تمديد حال الطوارئ شهرا إضافيا، أعلنت رئاسة الجمهورية التونسية التمديد إثر اجتماع مجلس الأمن القومي.
وقالت الرئاسة، في بيان آنذاك، “تداول المجلس في موضوع حال الطوارئ والتحديات الأمنية المحلية والإقليمية وقرر الإعلان عن حال الطوارئ على كامل تراب الجمهورية لمدّة شهر ابتداء من يوم السبت 06 أبريل/ نيسان 2019”.
وحث الرئيس الباجي قائد السبسي البرلمان التونسي الشهر الفائت، على الإسراع في المصادقة على مشروع قانون يخص حال الطوارئ قُدم للبرلمان للنظر فيه منذ يناير/ كانون الثاني الفائت، لكنه ووجه بانتقادات حادة من منظمات المجتمع المدني.
وتعلن حال الطوارئ في تونس استنادا إلى مرسوم صدر عام 1978، ولا تزال حال الطوارئ سارية في البلاد منذ 2015 إثر هجوم استهدف حافلة للأمن الرئاسي في العاصمة تونس.
كما قتل نحو 59 سائحا ورجل أمن في هجومين منفصلين عام 2015 تبناهما تنظيم داعش.
رغم الإرهاب.. السياحة تتعافى
وكان رئيس ديوان وزير السياحة والصناعات التقليدية التونسي، الحبيب الفرجيجي، أكد أن قطاع السياحة في البلاد استعاد عافيته بعد تراجع كبير إثر هجمات إرهابية في 2015.
وأوضح أن عدد السائحين الوافدين إلى تونس في 2018 تجاوز 8 ملايين سائح، فيما تخطط الحكومة للوصول إلى 9 ملايين سائح خلال العام الحالي.
وقال الفرجيجي إن قطاع السياحة شهد أزمة بالفعل عقب الهجمات الإرهابية في عام 2015، حيث تراجع القطاع بنسبة بلغت 60% وقتها، ولكن التعافي جاء سريعا.