أثار قرار رئيس حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي، بحل المكتب التنفيذي للحركة جدلاً سياسياً واسعاً بين من وصف الخطوة بالانقلاب الذي دبره الغنوشي من أجل البقاء على رأس الحركة، ومن اعتبرها محاولة يائسة لضخ دماء جديدة داخل الحزب من أجل إدارة الأزمة الراهنة في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس التونسي، قيس سعيد، تمديد الاجراءات الاستثنائية وفقا للفصل 80 من الدستور.
واستهجنت قيادات محسوبة على التيار المعارض للغنوشي خطوة حل المكتب التنفيذي واعتُبرت أنها لا تحل الأزمة التي تعيش على وقعها حركة النهضة.
كما أضافت أن هذا القرار لا يكشف عن رغبة حقيقية في تقديم إصلاحات جذرية وعميقة تؤدي إلى تنحية القيادة القديمة وفق أسس واضحة وحاسمة.
فيما اعتبر متابعون أن حركة النهضة تشهد حالة احتقان في داخلها، وهو ما جعل الغنوشي يحاول امتصاص الغضب داخل الحركة بحل المكتب التنفيذي.
وكانت الانقسامات الداخلية بين مؤيدي الغنوشي ومعارضيه قد تفاقمت بسبب ما آلت اليه الاوضاع السياسية وتراجع شعبية النهضة في الشارع، الأمر الذي دعا الغنوشي لهذه الخطوة في محاولة لاسترجاع ثقة الراي العام.
ورأى المحلل السياسي التونسي، بلحسن اليحياوي، أن الغنوشي بات يتعامل مع حزب النهضة كـ”مزرعة خاصة” وليس كحزب سياسي يدعي أنه يمتلك آليات ديمقراطية، مضيفا أن حل المكتب التنفيذي مخالف لما اتفق عليه مجلس شورى الحركة مؤخرا.
وينتظر الرأي العام التونسي إعلان سعيد عن خطواته المقبلة في علاقة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية، وسط حديث عن فرضية حل البرلمان نهائياً والذهاب نحو انتخابات تشريعية مبكرة او استفتاء شعبي على نظام الحكم.
وفي هذا السياق، قال وزير التجارة السابق عضو المكتب السياسي لحركة الشعب، محمد المسيليني، إن الخلافات داخل النهضة ليست بالجديدة ولها تراكمات منذ وقت طويل، مؤكداً أن الغنوشي كان دائما يسعى إلى تصفية كل القيادات التي تختلف معه.
وأضاف المسيليني، خلال لقاء على شاشة الغد، أن حركة النهضة مكونة من جماعة الإخوان المسلمين بتياراتها المختلفة، جزء منهم تأقلم مع الوضع الجديد مع المصالح الجديدة، بينما ظل استمر جزء بالتعلق بالفكر الداعشي التكفيري.
وتابع أن الخلافات بدأت تدب في الحرجة نتيجة فشل إدارة الحكم وتحالفها مع الفساد، مشيرا إلى أن راشد الغنوشي معني بالاستمرار في الحكم حتى إذا أدى الأمر إلى إحراق البلاد، إذ لا تعنيه البلاد أو الحركة بل مصالحه.
وأكد المسيليني أن حل المكتب التنفيذي للحركة لن يغير من وضع النهضة في الشارع التونسي أو المشهد السياسي، بل سيعمق من الخلافات داخل الحركة
فيما رأت الكاتبة والباحثة السياسية، جيهان اللواتي، أن الخلافات داخل النهضة بدأت ما قبل انتخابات 2019، منذ تقسيم الدوائر الانتخابية والتي أشرف عليها مباشرة الغنوشي، وكانت نتيجتها انسحاب قيادات تاريخية للحركة.
وأضافت أن الغنوشي يتعامل مع المشهد في البلاد حتى الآن على أنه مشهد طبيعي رغم أن الشارع لفظ هذا الحزب وعدد آخر من التي تسببت في تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية خلال السنوات الأخيرة.
