تشهد تونس حراكا شعبيا واسعا ممثلا في القراءة لنتائج الاستفتاء على الدستور، إذ ترى الدوائر السياسية والإعلامية في تونس، أن الثقة في الرئيس حسمت النتائج، إضافة إلى طبيعة التصويت الذي كان مبنيا على «معاقبة» المنظومة السابقة.. وكان الإجماع حاصلا بخصوص القطع النهائي مع المنظومة القديمة والمحافظة على مكتسبات الحرية.
ويشير مراقبون في تونس، إلى أن نسبة المشاركة في الاستفتاء على الدستور، ومقارنة بنسب تصويت في عدد من دول المنطقة، ليست متدنية (30.5%)، حيث شارك أكثر من ثلث من لهم حق التصويت، فضلا عن أن من لهم حق التصويت كانوا نحو 7 ملايين ناخب وقد أضيف نحو 2 مليون للسجلات مؤخرا، ولم يدرك أغلبهم هذا الإجراء، وبالتالي لم يذهبوا للاقتراع، وبذلك فإن نسبة المشاركة في الاستفتاء، وفقا لرقم 7 ملايين ناخب تتجاوز 50%.
- أحد أبرز النتائج تمثلت في مناطق جنوب تونس والتي تعد بؤر جماعة الإخوان المسلمين وتيار الإسلام السياسي، ورغم ذلك كانت تلك المناطق هي الأكبر في نسبة المشاركة على مستوى ولايات تونس الأخرى.
- هناك تراكمات «أخونة» على مدى السنوات العشر الماضية تمثلت في الإعلام والمنظمات الأهلية والتي حشدت عناصرها لمنع المواطنين عن المشاركة في الاستفتاء، وتم القبض على من حاول دفع الأموال على الناخبين لعدم مشاركتهم في الاستفتاء.
- وردا على دعاية «إخوان تونس» ومن معهم، على تدني نسبة المشاركة في التصويت، فإن هناك نحو 3 ملايين مواطن تونسي، بحسب تقديرات محايدة من منظمات أهلية، قد زحفوا إلى الشوارع والميادين العامة للاحتفال بفوز التصويت بـ «نعم» للجمهورية الجديدة.
الدستور شرعي ويقلب صفحة الإخوان وتوابعهم
وفي قراءته لنتائج الاستفتاء على الدستور، يقول المؤرخ التونسي، ومدير وحدة البحوث والدراسات التاريخية بالمعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية، عميره عليّه الصغيّر، إنه رغم المثالب والانتقادات إلا أننا في المقابل يجب أن نقرّ:
- إن هذا الدستور هو شرعي حتى وإن صوّت له ثلث التونسيين فقط ممن لهم حق الانتخاب.
- أن نقرّ كذلك أنّ نتيجة هذا الاستفتاء حوّلت دستور 2014 الى حكم العدم.
- وأن نسعد بأن برلمان 2019 و نوابه ورئيسه وحكومته أضحت في باب الماضي.
والصورة هذه هل نبقى متشبثين بدستور 2014 ونعمل على إدارة عجلة التاريخ إلى الوراء؟ ونتحرك كأن لا أمر تغيّر ونتجاهل ما وقع؟
ويضيف المؤرخ التونسي: في رأيي المتواضع، نناضل في إطار الدستور القائم ونحشد القوى الوطنية و الحداثية الحقيقية ونستعد للانتخابات القادمة لتنتصر هذه الجبهة، وتطبق برنامجا إصلاحيا حقيقيا واقعيا يخرج البلاد من حالة اليأس والعبث و يقلب صفحة حكم الإخوان وتوابعهم.
توافق في التصريحات بين واشنطن و«إخوان تونس»!
ولفت سياسيون ومثقفون في تونس، إلى ملاحظة تكشف مدى التوافق بين تنظيم الإخوان في تونس (حركة النهضة)، ومعه تيار الاسلام السياسي، و«لوبيات» الفساد السياسي والمالي، وبين الولايات المتحدة الأمريكية، من حيث توجيه الاتهامات للدستور الجديد، ولسلطة في تونس، ولتطلعات الشعب التونسي، حتى أن كلمات التصريحات تكاد تتشابه!
- وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إن الولايات المتحدة تعرب عن «مخاوف من أن يتضمن الدستور الجديد ضوابط وتوازنات ضعيفة قد تقوّض حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية»، وأشارت الخارجية في بيان لها إلى أنها على علم بأن الدستور الجديد في تونس قلّل من المراقبة وقلّص من الحريات!!
