تونس في منعرج خطير.. انتخابات رئاسية وتشريعية «على صفيح ساخن»
تخيم على المشهد السياسي التونسي، أجواء غير مستقرة، يراها المراقبون بأنها «مشتتة»، في ظل طقس سياسي غير مستقر، حيث لا تزال الانتخابات الرئاسية تترقب الموقف من المرشح السجين «نبيل القروي»، ورفض طلب الإفراج عنه، وفي مأزق قانوني دستوري غير مسبوق في تونس، بينما يهدد القروي في حال عدم الإفراج عنه الطعن على أساس مبدأ تكافؤ الفرص في نتائج الدورة الثانية إذا فاز منافسه قيس سعيّد، وإذا حصل ذلك سيلجأ القروي إلى المحكمة الإدارية للطعن في قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وفي هذه الحالة يمكن أن تحكم المحكمة الإدارية لصالحه بإلغاء النتيجة وإعادة الانتخابات، وهذا أسوأ السيناريوهات المحتملة.. والمحكمة الإدارية هي محكمة دستورية قضائية مخولة بالنظر في مسألة الطعون بشأن نتائج الانتخابات، وبالتالي فإن السيناريوهات المحتملة لنتائج الانتخابات الرئاسية في تونس تفضي إلى مآزق قانونية ودستورية قد تكون سببا في إعادة الانتخابات.
- ومن جانبه، يرى مدير حملة المرشح الرئاسى التونسى «القروي»، أن هناك تعنتا سياسيا من قبل الائتلاف الحاكم المتمثل فى حزب حركة النهضة (إخوان تونس)، وكذلك رئيس الحكومة يوسف الشاهد، متهما إياهم بالتسبب فى سجن رئيس حزب «قلب تونس».. ويؤكد حاتم المليكى، أن القروى، المسجون بتهمة غسل الأموال، وحصل على المركز الثانى فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بنسبة 15.8%، لا يستسلم.
انتخاباتنا مشوبة بعيب
وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية، نبيل بفون، طالب السلطات القضائية بتمكين المرشح ورجل الأعمال، نبيل القروي، من ممارسة حملته الانتخابية في جولة الإعادة، التي سيخوضها ضد المرشح قيس سعيد الذي تصدر نتائج الجولة الأولى.. وقال «بفون»: الهيئة طلبت في أكثر من مرة بتمكين القروي من إجراء حملة انتخابية، حتى لا تكون انتخاباتنا مشوبة بعيب، وهو عدم تكافؤ الفرص بين المترشحين، موضحًا أن الموعد الأقرب والمبدئي لإجراء جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية هي 13 أكتوبرم تشرين الأول المقبل.
«إخوان تونس» يدعمون «قيس سعيد».. والقوى الوطنية تدعم «القروي»
حتى الآن الصورة غير واضحة بل وأكثر اضطرابا.. مع مؤشرات تصاعد أسهم المرشح السجين «القروي»، ومع انطلاق مواقف الاصطفاف السياسي، بعد أن أعلن «إخوان تونس» وتيار الإسلام السياسي دعم المرشح الرئاسي «قيس سعيد» المنافس الوحيد لـ«نبيل القروي» الذي بدوره تدعمه القوى الوطنية والتيارات القومية واليسارية.. ويؤكد راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة «إخوان تونس»، أن دعمهم للمترشح قيس سعيّد، يرجع إلى أنه يحمل قيم الثورة، وهو أقرب الى الثورة، كما أن حركة النهضة متمسكة بقيم الثورة والديمقراطية.. ونفى الغنوشي ما يتردد بان «قيس سعيد» هو رجل الإخوان من وراء الستار، أو بالتعبير التونسي، هو «العصفور النادر لحركة النهضة منذ البداية».. وفي المقابل أعلنت أحزاب التيار القومي الوطني واليساري دعمهم لـ«نبيل القروي»، وأعلن المرشح للانتخابات الرئاسية في الجولة الأولى، وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي، المعروف بتوجهاته القومية العربية، دعمه للمترشح «نبيل القروي»، ورفضه الدعوة، التي تقدم بها إليه المرشح ورئيس حزب «تحيا تونس»، يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية،لتشكيل تحالف بين مختلف القوى الديمقراطية والعمل على إنقاذ تونس، واعتبر «الزبيدي» أن يوسف الشاهد تسبب في تأزيم الوضع الاقتصادي بالبلاد، وحمّله مسؤولية تدمير الحياة السياسية والحزبية، كما طالبه بالاعتراف بفشله وتحمل مسؤوليته والاستقالة من منصبه.
سيناريو محتمل ..تصادم على رأس الدولة
بات الصراع ساخنا بين طرفي المعادلة السياسية في تونس (الإسلاميون.. والقوى الوطنية واليسارية والليبرالية)..الأمر الذي ينعكس على خريطة الانتخابات الرئاسية والتشريعية.. مما حذر منه رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، في حال «نجاح سعيد في الرئاسية وحزب القروي (قلب تونس) في التشريعية»، وهو يرى أن هذا السيناريو لن يعين على تحقيق أهداف الثورة، لأنه سيفرز تصادما على رأس الدولة على حد رأيه.. بينما يرى سياسيون وحزبيون في تونس، أن رئيس النهضة اختار السيناريو الملائم ليحث الناخبين على التصويت لـ «قيس سعيد» في الرئاسية، وضد منافسه المباشر «حزب القروي» في التشريعية، لأن الغنوشي استبعد السيناريو الثاني، وهو أن يفوز «القروي» بالرئاسية وأن تؤول الغلبة البرلمانية لحزبه (قلب تونس)، وبالتالي تشكيل الحكومة مع المستقلين.
السيناريو الثاني..فسيفساء من الكتل في برلمان مشتت
ويرى الكاتب والمحلل السياسي التونسي، عادل العوني، أن كتلة «حركة النهضة» البرلمانية القادمة ستكون بالضرورة أضعف من كتلة 2014 لأنّ الحركة لن تجمع القدر نفسه من الأصوات باعتراف أبنائها، وحتى لو حلت أولى، فإنها لن تجد معها كتلة «نداء تونس» القوية كما كانت قبل نحو خمس سنوات، ولا كتلة «الائتلاف الوطني»، ولا أي كتلة أخرى تقدر معها على تشكيل حكومة، ومنطقيا ستكون هناك فسيفساء من الكتل في برلمان مشتت لا يبلغ أقواها حاجز العشرين مقعدا، وقد يكون الاستثناء لكتلة «قلب تونس» المتوقع أن تتجاوز حاجز العشرين مستفيدة من مرور رئيس الحزب نبيل القروي إلى الدوري الثاني.. ويضيف «العوني»، من المفترض أن تكون هناك كتلتان برلمانيتان أقوى نسبيا من بقية الكتل هما كتلتا النهضة وقلب تونس، لكن هناك حقيقتان تسترعيان الانتباه أولاهما أنّ كل كتلة منهما لن تقدر على توفير أي نوع من الأغلبية حتى لو توافقت مع كتلتين أخريين أو أكثر.. وثانيتهما أنهما لن تلتقيا ولن تتوافقا في ما بينهما.
السيناريو الثالث..جملة من المخاطر والسيناريوهات «السيئة»
وقد ينشأ معسكران برلمانيان أحدهما يدعي المدنية والديمقراطية والحداثة والتقدمية، وثانيهما يلتحف برداء الثورة ويزعم حمايتها وتصحيح مسارها دون أن ينجح أي طرف في بسط قوة ضاربة على خصمه، والنتيجة جملة من المخاطر والسيناريوهات المرعبة، أهمها صعوبة التصويت لمشاريع القوانين مهما بدت حاجة البلاد إليها واستحالة تمرير المبادرات وخاصة منها الخلافية والدخول في أزمات سياسية قد تؤدي إلى شلل البلاد…وقد تحتاج الحكومة القادمة (مهما كانت هويتها وتركيبتها) إلى معجزة حتى تنال ثقة البرلمان، وإذا نالتها فسينتظر خصومها معجزة أخرى لسحب الثقة منها..بلغة أخرى تحتاج تونس إلى معجزة لتشهد إنجازا برلمانيا أو خروجا من الأزمة الخانقة!
- والأقرب الى الصورة أنّ حزب «قلب تونس» لن يتحالف مع «حركة النهضة»، خاصة مع مواصلة اتهامها بأنّها تقف وراء إيقاف رئيسها ومرشحها للرئاسيّة نبيل القروي، والنهضة في المقابل لن تتحالف مع «قلب تونس»، وإذا فاز (القروي) بالانتخابات الرئاسية ستكون النهضة ضمن المعارضة.