«ثرثرة الصالونات».. البريكست في «طريق مسدود»

يصوت النواب في بريطانيا، مساء الثلاثاء، على خطة رئيسة الحكومة تريزا ماي الخاصة بخروج بلادها من الاتحاد الأوروبي (البريكست) في 29 مارس/آذار الجاري.

ويجري التصويت بعد يوم كامل من النقاش في مجلس العموم، ويفترض أن يعقبه تصويتان آخران يومى الأربعاء والخميس حول استبعاد سيناريو الخروج دون اتفاق، وتمديد المادة 50 من معاهدة لشبونة لإتاحة الوقت للمزيد من المفاوضات.

مفاوضات البريكست فى «طريق مسدود» بحسب اعتراف «داوننج ستريت» أمس، ما يجعل خيارات رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى كلها صعبة.

ووسط الغموض والطريق المسدود، يشعر كثير من البريطانيين، سواء من صوتوا للبقاء فى الاتحاد الأوروبي، أو الذين صوتوا بالخروج، بالخيانة بسبب الطريقة التى تعاملت بها الطبقة السياسية مع ملف البريكست المصيرى الذى سيتحدد بناء عليه مستقبل بريطانيا الدستورى والسياسى والاقتصادى والاجتماعى لأجيال قادمة.

وبرغم مصيرية اللحظة التى تمر بها بريطانيا، يناور بعض أنصار البريكست الخشن (أى الخروج من اتحاد التعريفة الجمركية والسوق الموحدة) بحض ماى لإعلان تنحيها بحلول يونيو/ حزيران المقبل، وذلك مقابل دعم خطتها، وماى من ناحيتها لا تكف عن المناورة.

«ثرثرة الصالونات» غير المسؤولة

هل خسرت بريطانيا سمعتها الدولية بسبب «البريكست  المتخبط» و«ثرثرة الصالونات» غير المسؤولة، التي أفقدت بريطانيا احترامها على المسرح الدولي؟

التساؤل يطرحه الدبلوماسى البريطانى البارز، اللورد روبن رينويك، المعروف بصفة «دبلوماسى مارجريت ثاتشر المفضل»، حول الأوضاع فى بريطانيا اليوم، فى كتابه «لست دبلوماسيا تماما».

الكتاب يمثل حصيلة عمله الدبلوماسى كسفيرلبريطانيا في عواصم عدة من بينها واشنطن خلال عهدى الرئيسين الأمريكيين الأسبقين جورج بوش الأب وبيل كلينتون.

ويرصد الكتاب، كيف تتجه الدبلوماسية البريطانية اليوم نحو حافة الهاوية بسبب تعثر الرؤية والموقف بشأن قرار الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي«البريكست».

«البريكست  المتخبط»

ويرى اللورد رينويك، وهو من أبرز رموز الدبلوماسية البريطانية، أن هواة الثرثرة المحرجة، كثيرون في بريطانيا، وتسببوا في «البريكست  المتخبط»، من وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، الذى قال: إن الأتحاد الأوروبى «لن ينال مليما واحدا من بريطانيا»، إلى كبير مفاوضى البريكست، أوليفر روبنز، الذى سرب استراتيجية الحكومة البريطانية خلال جلسة فى حانة فى بروكسل، مرورا بوزير التجارة الدولية، ليام فوكس، الذى قال: إن مفاوضات البريكست «ستكون الأسهل فى العالم».

وأضاف أن كل هذا مصدر إحراج كبير لبريطانيا وسمعتها وصورتها، فضلا عن  الحرج المتواصل الذى تسببه رئيسة الوزراء تيريزا ماى بسبب «حالة الإنكار» التى تعيش فيها بشأن احتمالات تمرير صفقتها، ثم تراجعها الدائم عن مواعيد تقديم اتفاقية الخروج من الاتحاد الأوروبى أمام البرلمان للتصويت عليها، حتى باتت مواعيدها أشبه بـ«الفجر الكاذب».

دبلوماسية النجاح والتراجع بين تاتشر وماي

ويقارن اللورد رينويك، بين دبلوماسية النجاح والتراجع، بين «تاتشر» و«ماي»، بين رئيسة الحكومة الأسبق «مارجيرت تاتشر»، ورئيسة الحكومة الحالية «تريزا ماي».. وهو يرى أن «البريكست» فى أمس الحاجة لشخصية مثل تاتشر، فتيريزا ماى «ضعيفة» و«تحيا بالأمل» و«تعيش بالتمنيات».

وتاتشر كانت على النقيض من كل هذا، ولو كانت ثاتشر حية ورئيسة للوزراء اليوم فإنها كانت ستحاول إصلاح أعطاب الاتحاد الأوروبي أولا، وكانت ستبذل جهدها أولا لإصلاح الاتحاد الأوروبى وتغيير مساره، وكانت ستحصل على دعم كبير من الكثير من دول الاتحاد الأوروبي الذين لديهم تحفظات على توسع المشروع الأوروبى سياسيا وعسكريا، لأن ما يحدث هو تركيز السلطة في بروكسل على حساب الحكومات والبرلمانات القومية.

تاتشر كانت ستحاول أولا استغلال عدم الرضا المتفشى وسط كثير من دول الاتحاد الأوروبى لإصلاح المسار، ويوضح اللورد رينويك أن تاتشر كانت من أشد المؤمنين بأهمية الاتحاد الأوروبى ودوره فى تقريب دوله من بعضها البعض، هذه الدول التى خاض بعضها حروبا، مثل بريطانيا وفرنسا، استمرت مائة عام.

أخطاء الطبقة السياسية

ويتضمن كتاب «لست دبلوماسيا تماما»، هجوما لاذعا على كل الطبقة السياسية فى بريطانيا اليوم.

ويقول اللورد رينويك، «أكثر ما يضايقنى الأكاذيب التى تتردد، فالقول أننا سنستعيد السيطرة على قوانيننا وحدودنا غير صحيح، فسواء خرجنا بموجب خطة تيريزا ماى أو زعيم حزب العمال جيرمى كوربين (أى بقاء بريطانيا فى اتحاد جمركى مع الاتحاد الأوروبي) سنظل نخضع لقوانين ومعايير وترتيبات الاتحاد الأوروبي، لكن دون أن يكون لنا صوت أو تأثير لأننا سنكون غادرنا العضوية، سيكون بريكست بالاسم فقط.

ولا يقتصرهجوم الكتاب على الطبقة السياسية البريطانية، بل تمتد لأوروبا وأمريكا، وتشمل الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون «الذى يريد جيشا أوروبيا موحدا لمواجهة روسيا والصين وحتى أمريكا»، والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل «التى تنتقد خروج الأمريكيين من سوريا، ما الذى فعلته ميركل بالضبط من أجل سوريا؟ لم تقدم أى مساهمة»، والرئيس الأمريكى دونالد ترامب «الذي يمثل صورة كاريكاتورية عن نفسه، لكن هذا الكاريكاتير أصبح مضحكا بشكل مبالغ فيه».

أوهام معسكر الخروج

ويفند الكتاب ما وصفه بـ«الأوهام» التى يرددها معسكر الخروج، حول مزايا ترك الاتحاد الأوروبى، ومن بينها أن بريطانيا سيكون بمقدورها توقيع اتفاقيات تجارة حرة مع كتل تجارية أخرى فى العالم.

وأوضح أن «ألمانيا وهي داخل الاتحاد الأوروبي لديها اتفاقيات تجارية مع كل العالم، لم تمنعها عضوية الاتحاد الأوروبي من هذا، وبريطانيا تحصل على أكبر حصة من الاستثمارات الأمريكية في الاتحاد الأوروبي، وكنا أيضا نحصل على أكبر حصة من الاستثمارات اليابانية في الاتحاد، لكن هذا لأن بريطانيا عضو في الاتحاد الأوروبي والأسواق مفتوحة دون حدود أو تعريفة جمركية أو تفتيش، لكن عندما نغادر سيتراجع هذا، واليابان بالفعل أعلنت تقليص استثماراتها في بريطانيا خاصة في قطاع صناعة السيارات بسبب غموض الأوضاع بعد البريكست».

دبلوماسي غير تقليدي

ويتذكر الدبلوماسي البريطاني، اللورد رينويك، أنه عندما اختارته ثاتشر سفيرا لبريطانيا فى جنوب أفريقيا خلال فترة الفصل العنصرى، ونيلسون مانديلا ما زال فى السجن، قالت له: «سأرسلك إلى جنوب أفريقيا، فأنت لست دبلوماسيا تماما»، فالأوضاع لم تكن تحتاج إلى «دبلوماسى تقليدي» بل أكثر من هذا، وتاتشر كانت تحاول الموازنة بين مصالح بريطانيا، وبين الضغط على نظام الفصل العنصرى فى جنوب أفريقيا لإطلاق مانديلا عبر فرض عقوبات اقتصادية، وفى النهاية أطلق سراح مانديلا وزار لندن للقاء ثاتشر، وتجمع الآلاف حول مقر الحكومة من أنصار الزعيم الأفريقي.

وقبل أن يدخل مانديلا لمقابلة ثاتشر، قال لها رينويك:«لا تقاطعيه. لقد انتظر 27 عاما ليحكى جانبه من القصة»، وبالفعل تحدث مانديلا لمدة ساعة كاملة دون أن تقاطعه ثاتشر مرة واحدة، واستمر الاجتماع طويلا حتى هتف الصحفيون المنتظرون بالخارج: «أطلقوا سراح مانديلا».

يروي «رينويك» هذه الواقعة ويأمل لو كان لدى «تيريزا ماى»، ما كان لدى مارجريت ثاتشر من قدرات، وأولها القدرة على الانصات والاستماع إلى الآخرين.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]